ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم اسحق بريك وابشالوم اليتسور – اليوم الذي ستتفتت فيه السماء

هآرتس – بقلم  اسحق بريك وابشالوم اليتسور  – 14/2/2020

” ربما سيعاد لبنان الى العصر الحجري اذا تمت مهاجمة اسرائيل بالصواريخ. ولكن المشكلة هي أن وضعنا الوجودي بعد هجوم كهذا لن يكون افضل “.

مثلما هي الحال في حالات مشابهة في الماضي، ايضا هذه الكارثة لم تحدث دفعة واحدة وبصورة مدوية. بالتدريج حدثت امام ناظرينا، مثل تشققات في مبنى كبير. البيت ما زال قائما في مكانه، لكن التصدع في الذروة. هذا هو الوضع الامني في اسرائيل الآن. الدولة فقدت بالفعل القدرة على الدفاع عن الجبهة الداخلية في الحرب القادمة. الى ذلك تطرق رئيس الاركان افيفكوخافي قبل اسبوعين تقريبا عندما نشر للمرة الاولى في تاريخ الدولة اعلان للجمهور بأنه مطلوب “استعداد في الوعي” من قبل الجبهة الداخلية لحرب ستكون قاسية بصورة لا تقارن مع سابقاتها.

كوخافي كان يقصد تهديد الصواريخ الموجهة الآن من قطاع غزة ولبنان وسوريا والعراق وايران. هذا السلاح لم يظهر بين عشية وضحاها. ايامه مثل ايام الدولة، وحتى هو أقدم منها، هو من ايام الحرب العالمية الثانية. اساس قوته في بساطته، هو لا يرافقه أناس، لذلك كل الخطر يحدق بمن تتم مهاجمته فقط. ليس هناك حاجة الى خبرة كبيرة من اجل تركيب صاروخ بدائي. والآن حتى هذه الخبرة توجد بوفرة.

لقد مرت 15 سنة على حرب لبنان الثانية، عندما وجدت اسرائيل نفسها مكشوفة امام اطلاق نار حاد المسار من الشمال ومن الجنوب. ومنذ ذلك الحين، بصورة أكثر شدة في الانظمة التي تطورت منذ ذلك الحين، تبين أن قواعد اللعب في الشرق الاوسط تغيرت. وهذا يفهمه جيدا العدو، وهو ينتظر ومفعم بآمال جديدة للقضاء على اسرائيل بواسطة الـ 200 ألف صاروخ وقذيفة التي توجد في مخازنه.

كل العالم عرف أنه يكفي انبوب مليء بالمواد المتفجرة السائلة من اجل شل مناطق كاملة، وحتى جعل دولة قوية تغلق مطارها الوحيد. الآن ايضا مرحلة الانابيب المعدنية اصبحت من ورائنا: صواريخ وقذائف تحمل رؤوس متفجرة بوزن 700 كغم (يمكنها هدم مبنى كبير) موجهة الآن الى عدد كبير من الاهداف المختارة في ارجاء 21 كم مربع من اراضي الدولة.

التهديد لا يمكن فقط في الارقام، بل بتطور آخر في هذا المجال وهو الدقة، الذي كان حتى الآن هو نقطة الضعف الكبيرة لهذا السلاح حاد المسار الذي تحول الآن الى سلاح فتاك. في اعقاب تطور الحواسيب الرخيصة وتكنولوجيا الـ جي.بي.اس وتشخيص الصور، يمكن الآن اطلاق صاروخ دقيق “بدائي” الى منطقة مساحتها نحو 10 آلاف متر مربع فقط – مثل مساحة حديقة عامة صغيرة. وعندما يكون هذا الهدف موجود في مركز مدينة تكون الاصابة كبيرة في جميع الحالات. وعندما يدور الحديث عن صاروخ ثقيل، ودقيق، فمن الافضل عدم تفصيل ماذا يمكنه أن يفعل.

أي دفاع يوجد لدى الجيش امام هذه التهديدات؟ لا توجد طريقة سهلة لقول ذلك: دفاع قليل جدا. وفي وقت الامتحان، ببساطة، لا شيء. هذا هو ثمن الثبات في الاعتراض الحركي، الذي استقر عنده جهاز الامن منذ عقدين: صواريخ دقيقة؟ سنطلق ضدها صواريخ اكثر دقة، التي يمكنها أن تلاحق وتصيب هدف صغير يتحرك فوقنا بسرعة كبيرة. “القبة الحديدية” التي تعول عليها الدولة، واشباهها التي تحمل اسماء مخيفة، تعرض في الحقيقة تكنولوجيا مثيرة للانطباع امام صواريخ فردية، التي سيتفضل العدو بكرم بالاكتفاء بها. ولكن اذا لم يظهر العدو هذا الاهتمام فان الحسم سيكون في يد الارقام: بعد اطلاق الصليات الاولى سينفد احتياطي الصواريخ المضادة لاسرائيل خلال بضعة ايام.

ونذكر ايضا بأن ثمن صاروخ الاعتراض يمكن أن يصل الى ملايين الدولارات مقابل الصاروخ الذي يتم انتاجه بثمن زهيد جدا من قبل تنظيمات ارهابية عرضية. وكم عدد الصواريخ والقذائف التي ستطلق علينا اذا اندلعت الحرب؟ تقديرات الجيش تتحدث عن 1500 – 4000 يوميا. يبدو أن “اعداد الوعي” المطلوب في هذه الحالة سيقتضي ايضا احتياطي من علاجات التهدئة القوية.

الجيش سيهاجم ردا على ذلك بالطبع. سلاح الجو سيقصف بقوة كل بنك الاهداف الموجود لديه. وعند الحاجة سيتم ادخال سلاح البرية الى المعركة. ومن يعرف، ربما في الحقيقة سيعاد لبنان الى العصر الحجري مثلما هدد مؤخرا أحد الجنرالات. المشكلة هي أن وضعه الوجودي بعد هجوم كهذا لن يكون افضل بكثير، الاطلاق من الاهداف التي لم يتم تدميرها فقط سيزداد.

الضحايا في هذه المرة مثلما يعرف الجيش الاسرائيلي جيدا، لن يكونوا فقط الجنود النظاميين وجنود الاحتياط، بل ايضا العائلات التي تشاهد نشرات الاخبار في الصالون أو العائلات التي تنام في بيوتها وعمال وزبائن في المجمعات التجارية والسائقين على مفترقات الطرق والطلاب في المدارس ورياض الاطفال وعابري السبيل في الشوارع. الاهداف ستكون في الاساس مراكز المدن والمستشفيات ومحطات الكهرباء والوزارات والمصانع ومصافي تكرير النفط. كل اصابة ستؤدي الى شل الدولة والى هرب جماعي من منطقة الى اخرى ومن البلاد الى الخارج، وقبل أي شيء قتل جماعي.

عندما سيخرج احد سكان حي عنيف لوحده من البيت وهو يحمل رشاش فانه يكون محمي كما يبدو من القبضات والسكاكين، ولكن آجلا أم عاجلا سيجد نفسه وظهره الى الحائط مضطر الى استخدام السلاح الوحيد الذي بحوزته. الشارع سيمتليء بالدماء، وحتى اذا نجا إلا أن حياته من الآن ستكون في خطر. التشبيه واضح: اسرائيل مكشوفة الآن لتهديد هجوم آلاف الصواريخ التي ستعرض وجودها للخطر. هكذا لن يبقى امامها أي خيار عدا عن الرد بنفس القوة. واذا وجدت نفسها، لا سمح الله، في وضع كهذا فانها، للمرة الاولى، ستشن حرب مع قدرة هجومية هائلة الى جانب قدرة دفاع صفرية.

ما يناسب دولة عظمى تكنولوجية وقوية، كانت الحماية الفعالة في متناول اليد قبل عقدين. عسكريون وعلماء شخصوا فشل مفهوم الصواريخ المضادة للصواريخ، اشاروا الى تكنولوجيا جديدة يمكنها تدمير أي تهديد للصواريخ والقذائف. شركة “نوتروب–غرومان” الامريكية بالتعاون مع جهاز الامن في اسرائيل طورت نموذج اساس لليزر الكيميائي بالغ القوة “ناوتيلوس”.

اشعة الليزر لا تحتاج الى احتساب مسار الصاروخ الذي اطلق. و”طيرانها اسرع من أي صاروخ اعتراض”، سرعة الضوء مقابل سرعة الصوت. ليس لها مدى حد ادنى مثلما يوجد لـ “القبة الحديدية” وقد سبق واظهرت اعتراض صواريخ وقذائف مدفعية ايضا من مسافة قصيرة خلال ثانيتين. وحتى تشرين الثاني 2004 أجرت انظمة ناوتيلوس 46 تجربة لاعتراض اهداف مختلفة (قذائف وصواريخ وقذائف مدفعية) بـ 100 في المئة من النجاح. جهاز عملياتي يقوم على ناوتيلوس وسكاي غارد تم عرضها على اسرائيل مع التعهد بالوفاء بالانجازاتالعملياتية والجدول الزمني وتزويدها بالنظام الاول خلال 18 شهر.

لماذا اذا بالذات في هذه المرحلة اوقفت وزارة الدفاع هذا التطوير؟ ولماذا صم الآذان قسم الابحاث وتطوير الوسائل القتالية والبنى التحتية التكنولوجية منذ دعوة المهنيين للعودة الى تطوير النظام؟ وفي المقابل ما هو المنطق في الاعلان الفارغ قبل شهر تقريبا (بتوقيت غريب، فور توجه جمعية “درع للجبهة” لرؤساء اجهزة الامن) بأنه تم البدء في تطوير ليزر كهربائي بالتحديد، والذي جميع الخبراء أقروا بأن احتمال نجاحه ضد الصواريخ لا تلوح في الافق. وكل ذلك في الوقت الذي فيه تكنولوجيا الليزر الكيميائي ما زالت متاحة لتطوير المرحلة المتقدمة التي تم وقفها عندها؟.

هذه الاسئلة ليست موضوعنا الآن، وسيتم بحثها في حينه. وما يجب أن يقف امام ناظري رؤساء اجهزة الامن الآن ازاء التهديد الوجودي المحدق بنا جميعا هو طلب لا يحتمل التأخير: أعيدوا على الفور تطوير السكاي غارد. واذا استمر اهمال الجبهة الداخلية، لا سمح الله، رغم أن الامر اصبح واضح جدا فسيكون ذلك ذريعة لتشكيل لجنة التحقيق القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى