ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم أسرة التحرير – وفاة شاعر

هآرتس – بقلم  أسرة التحرير – 8/11/2020

“اسمك ؟ شاعر. قوميتك؟ شاعر.  دينك؟ شاعر”، هكذا كتب الشاعر سميح القاسم في  قصيدته “تقرير تحقيق” ويخيل انه لا يوجد ما هو أكثر دقة من هذه الكلمات لتعريف  نتان زاخ،  من أهم الشعراء الاسرائيليين  منذ نشوء الدولة،  الذي  توفي أول  امس عن عمر 89.

عرف زاخ كيف يأخذ آية ثوراتية مثل “لان الانسان شجرة الحقل”،  وان ينزعها من سياق قواعد الحرب، حيث جاءت في الاصل، ومنح تفسير جديد لها، انساني، كوني. ولكن الشاعر الذي حاول الابتعاد والامتناع عن كل علامة وطنية وعرض موقف كوني، اصبح مع ذلك بمفاهيم عديدة رمزا للاسرائيلية. فقد سعى لان يكون مواطن العالم، ولكنه في نهاية المطاف كان رمز العبرية الجديدة.

لا يمكن التقليل من اهمية وتأثير زاخ، الشاعر، المترجم، المحرر، الملحن والناقد الادبي، على القصيدة العبرية، وعلى الثقافة العبرية بعمومها. اجيال من الشعراء نشأوا تحت هذه القبة. فلا يوجد تلميذ في اسرائيل لم يتعرف على شعره في اطار التعليم. فقد ترجم، حرر كتب، كتب  مقالات نقدية بل تجول في الاسواق كي  يجد كتبا منسية ويعيد الى الوعي الشعراء الذين كتبوها. ولكن اولا وقبل كل شيء عرض عبرية جديدة، جميلة، نقية وواضحة، عبرية تسللت وأثرت على كُتّاب الروايات، على كُتّاب الالحان، على كتاب التقارير في الصحف.

“دوما توجد واجبات وأدوار تدعى انت وتسارع الى ادائها، منها ما كلفك به آخرون ومنها ما تكلف نفسك بها بارادة او بغير ارادة. وها هو بالذات الواجب تجاه الجمال… بالذات هذا انت دوما مستعدا لان توجله”، كتب في موعظته “الواجب تجاه الجمال”. اما هو نفسه فلم يؤجل هذا الواجب تجاه الجمال بالعموم، وكان ملتزما به بكل روحه، في شعره  اخذ الكلمات التي نتاجر ونشتم بها، نتنازع ونتناكف وجعلها جمالا نقيا، موسيقى. كتب زاخ بان الشاعر هو “شيء ما واسع غير مفهوم مثل الروح، مثل سفينة، او قصيدة، شيئا يترك شيئا”، وهو بالفعل ترك وراءه الكثير. ولنا يتبقى “الواجب تجاه الجمال” هذا، واجب الاعتراف بالجميل، والاصرار على نشره. بخلاف عالمية زاخ، التي تبدو كحلم بعيد وضائع في عصر القومية المتطرفة التي ترفع الرأس، ينبغي الامل بان جمال القصائد التي كتبها سيبقى يرافقنا لفترة طويلة اخرى. إذ مثلما كتب هو نفسه “فقط ثقافة الكتاب بمفهومها الاوسع تسمح للشعب بان يسمى شعب ثقافي”.  مع وفاة شاعر عظيم مثله يجب أن نذكر ونتذكر هذا بقوة اكبر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى