هآرتس– بقلم آدم راز – شلومو جازيت كان أيضاً مهندساً معمارياً للاحتلال
هآرتس– بقلم آدم راز – 25 /10/2020
“العقاب في المناطق حسب جازيت : بذريعة البحث عن مخربين كان إغلاقمنطقة بيارات وبذريعة النواحي الصحية إغلاق مطعم. جازيت إلى جانبمساهماته في أمن إسرائيل، فقد كان مهندساً للاحتلال “.
“يمكن أن نصف السياسة الإسرائيلية في المناطق كقصة نجاح” كتب شلوموجازيت في نهاية كتابه “العصا والجزرة– الحكم العسكري في يهوداوالسامرة” والذي نشر في 1985 (اصدار زمورة بيتان مودن)، “قصة النجاح” الإسرائيلية لم تصمد زمناً طويلا: في نهاية 1987 اندلعت الانتفاضةالأولى والتي قتل فيها أكتر من 1500 قتيل في إسرائيل وفي المناطق. جازيت والذي فوراً بعد حرب 1967 عُين من قبل هيئة الأركان لرئاسة الحكمالعسكري في المناطق المحتلة، وبعد حاولي عام عُين ليكون مسؤول عن كلالمنظومة الإدارية– الاقتصادية في المناطق، وكان هو أول من تولى رئاسة“وحدة تنسيق النشاطات في المناطق“، ومارس ذلك طوال 7 سنوات. وكتبهتستخدم حتى اليوم لمعرفة تاريخ السياسة الإسرائيلية في المناطق المحتلة.
جازيت أوضح أكثر من مرة أن مبادئ السياسية التي وضعت في السنة أوالسنتين الاولتين للاحتلال الإسرائيلي كانت صالحة ومطبقة لعشرات السنينبعد ذلك– فعلياً جزء منها مازال موجوداً حتى اليوم. في كتابه “مخادعين فيالفخ” (اصدار زمورة بيتان 1999) كتب أن السياسات الإسرائيلية فيالمناطق في السنوات الأولى حققت نجاحا بفضل التطبيق الحذر علىالأرض، وبفضل سياسية وزير الدفاع موشي ديان. مع ذلك في مقابلةأجريت معه في معهد دايفس في 1985 (والتي لم تخصص حينها للنشرومحضرها موجود في أرشيف الدولة)، قال جازيت: “كل ما هو مكتوب كمبادئ(السياسات في المناطق)، قمت أنا بصياغته. ولم يكن هو (ديان) من صاغه“. يجدر التوقف عند هذه المبادئ، والتي حسب جازيت هو من صاغها.
جازيت كان متواضعاً (أو حذراً) بما يكفي من أجل ألا ينشر علناً أموراًكهذه. في المقابلة المذكورة أوضح أن كل النظام الذي تعامل مع المناطق كانمرتبطاً بديان، والاتصال به الذي “كان وظيفتي الشخصية“. لم يفحصه أحدولم يسأل احد ماذا حدث بيني وبين موشي ديان. في كتبه كتب جازيت انديان كان يعرف كل شيء عما يجري في المناطق. ولكن عندما لم تكن الأمورمعدة للنشر قال: “تقسيم العمل بين ديان وبيني كان، انه يعطيني حريةكاملة في العمل في العديد من الأمور التي لا يعرف عنها ولم يسمع عنهاولا تهمه، وتجربتي معه يجب أن تكون كافية من أجل أن أعرف عدم الذهابإليه مطلقاً. ما هذه الأمور؟ الترتيبات الأمنية؛ ثانياً السيطرة على التطوراتالسياسية في أوساط سكان المناطق، الخطوات الأمنية شملت من بين أمورأخرى حسب أقواله: فرض منع التجول، هدم بيوت وإبعاد.
من وجهة تظر المحتل، جازيت أحسن الدمج ما بين العصا والجزرة. سياستهكانت واضحة وقاطعة: “يجب منع سكان المناطق من الماشاركة في تشكيلالمستقبل السياسي للمناطق“، تعبيراً أساسياً عن ذلك كان المنع المطلق لكلتنظيم سياسي. إذا تم على سبيل المثال تنظيم إضراب من قبل السكانالفلسطنيين من قبل الحكم العسكري، كان الأخير يغلق بأمر منه عشراتالحوانيت “حتى اشعار آخر“. هكذا تعلم السكان المحليون “على جلودهم” ماهي نتارج الإضراب. إذا قام أحد بإطلاق “شعارات وطنية متطرفة” ضدالحكم العسكري، تم العثور على وسائل للإضرار بأعماله وممتلكاته. “بذريعةالبحث عن مخربين، كانوا يغلقون منطقة بيارات بالتحديد في موسم الري أوذروة القطف، بذريعة أمن الجمهور، كانوا يغلقون صيدليات، بذريعة صحية– مطعم. من يعنيهم الأمر ومحيطه (أي عائلته وجيرانه) فهموا جيداً الإشارة،ولكن كانوا يقفون عاجزين وغير قادرين على الدفاع عن أنفسهم ضد خطواتالحكم العسكري.
في شهادته أوضح جازيت أن “كل السياسة في المناطق لم تعمل حسبقواعد العدل المطلق، وقواعد القانون والقضاء المطلق” وفي مكان آخر اعترفبانه يصعب وجود “سلطة احتلال مستمر، سوى إذا تم اتباع “خطوات قمعشديدة ومتطرفة“. أحد هذه الخطوات كانت طرد نشطاء سياسيين وأمنيين منالمناطق إلى الاردن. جازيت قام بذلك في الممارسة العملية وكان أحدمصممي هذه السياسة، وقال انه في عمليات الإبعاد فإن ديان “كان أقلانشغالاً. مثال آخر لتدابير القمع “تلك“: في جلسة في مكتب ديان في بداية1968، اتخذ قرار بفحص “إمكانية المس بالطبقة البيروقراطية الذكية“؛بكلمات أخرى: منع إمكانية تبلور سياسة فلسطينية شاملة.
بعد سنوات من تسريحه من الجيش، صرح جازيت أكثر من مرة ضدممشروع الاستيطان. هو حقاً كان من معارضي الاستيطان في مدخل رفح،ولكن يبدو أن هذا الأمر مرتبطاً بصراع سياسي لديان مع شركائع في حزبالعمل وليس بالتحديد تعبير عن وجهة نظر ضد سرقة الأراضي وطردالفلسطينيين أو البدو. جازيت أوضح المنطق بالمستوطنات: “نحن لم تبقيالوضع مع كل الخيارات مفتوحة، بل خلقنا (على الأرض) أمور غيرت الواقعبالاتجاهين”
جازيت كان من أوائل من مكنوا بخدعة “المستوطنات الأمنية“. في أحد كتبهكتب أنه بعد الحرب اتضح أن القانون الدولي لا يسمح بمصادرة مناطقلصالح استيطان مدني (مستوطنات) بل فقط لأغراض امنية. لقد أكد علىأنه في بداية الطريق كانت السياسة هي الامتناع عن وضع اليد على مناطقلأغراض مدنية واقتضى الأمر “الحرص على ان يكون هنالك غطاء حقيقيللادعاء بأن الأمر يتعلق بوضع يد لغايات أمنية“. كلمة “حقيقي” الواردة فيالجملة الأخيرة أكد عليها جازيت في النص الذي أعد للجمهور. بالمقابل فيالرسالة التي أرسلها لرئيس الأركان يتسحق رابين في أيلول 1967 بشأناستيطان مدني في غوش عتصيون، تظهر قصة أخرى. جازيت أبلغ رئيسالأركان عن “تشبث الشباب المتدينين في غوش عتصيون“، والذي فقط لغاية(التغطية)، والمخصصة لغايات سياسية، تظهر “كبؤرة ناحل عسكرية“. كماأوضح أن المستوطنين في المكان تلقوا تعليمات في حالة توجيه أسئلة إليهم. هذه الأقوال تتحدث عن نفسها.
حسب أقوال جازيت فإنه هو وديان أخرجا إلى حيز التنفيذ سياستهما فيالمناطق دون صعوبات حقيقية. فعلياً، حسب أقواله لم يكن هنالك حقاً خطوطحمراء، و“رئيس الاركان كان محيداً في هذا الامر“. من حين لآخر كان ديانيلعب اللعبة ويقول: “أنا؟ هذا الأمر من هيئة الأركان العامة. كانت تلك براءةاختراعه المعتادة“.
بصورة علنية، جازيت عزا وضع تثبيت السياسات على الأرض لديان، وقالأن أساس سياسيته كان “أن يكون لديهم ما يخسرونه” هذا هو منطق العصاوالجزرة. من المشكوك فيه فيما إذا كان جازيت حقاً اقتبس وهو يقول الأمولالتالية، والتي توضح منطق السيطرة على الرعايا الفلسطينيين: “سيعرفالفرد (الفلسطيني) أن لديه ما يخسره. يمكن تفجير بيته، وأن تأخذ منه رخصةالباص، وأن تطرده من المنطقة، وبالعكس هو يمكنه أن يعيش بكرامة، وأن يصنعمالاً ويستغل عرباً آخرين ويسافر في الباص” هكذا رآى ديان وجازيت السياسيةالإسرائيلية في سنوات الاحتلال الأولى.
في أقواله التي لم تصل إلى الجمهور الواسع قال جازيت ان وظيفته كمنسقنشاطات في المناطق منحته قوة كبيرة. هذه كانت “أكثر بكثير من رئيسحكومة مصغر” قال، وأضاف: “هذا رئيس حكومة مركزي جداً جداً“. جازيت كانعلى حق عندما توج نفسه كرئيس حكومة للمناطق المحتلة. لهذا، إلى جانبمساهماته العديدة لأمن إسرائيل، يجدر أن نضيف إلى أن شلومو جازيت كانأيضاً مهندساً معمارياً للاحتلال.