هآرتس: بعد كل ما مر على الفلسطينيين خلال الحرب، كيف لا يمكن أن يكون ارهاب؟
هآرتس 1/9/2024، جدعون ليفي: بعد كل ما مر على الفلسطينيين خلال الحرب، كيف لا يمكن أن يكون ارهاب؟
مفاجأة، المقاومة الفلسطينية العنيفة في الضفة الغربية ترفع رأسها. هذه الوحوش البشرية استيقظت من سباتها وبدأت تتفجر. ارهاب الانتحاريين عاد، وجيش المحللين في اسرائيل يوجد له تفسير علمي: هذه هي اموال ايران، التي بدونها الضفة كانت ستكون هادئة، ومعها الناس مستعدون للانتحار فقط من اجل الحصول عليها. الاخطبوط الايراني.
كم من السهل عزو كل شيء لايران. الاسرائيليون يحبون ذلك. يوجد شيطان، ايران، بسببه يحدث كل ذلك. ربما توجد اموال ايرانية وربما لا – تعاظم الصراع هو التطور الاكثر توقعا وتفهما ازاء ما يحدث في الضفة الغربية في الاشهر الـ 11 للحرب في غزة. المفاجأة هي أن ذلك لم يحدث من قبل.
في الاشهر الـ 11 للحرب في غزة قلبت اسرائيل الضفة الغربية رأسا على عقب، مثلما تقوم الآن بقلب الشوارع في طولكرم وجنين؛ لم يبق منها أي شيء. هذا هو الهجوم الاكثر صعوبة على الفلسطينيين منذ عملية “السور الواقي”، وحتى يفوقه لأنه يحدث في ظل هجوم آخر اكثر وحشية في غزة. خلافا لعملية “السور الواقي” فان الهجوم الحالي لا يوجد له ايضا أي ذريعة أو أي مبرر. اسرائيل استغلت الحرب في قطاع غزة من اجل قلب الضفة. الرد تأخر ولكنه جاء.
الهجوم في هذه المرة له ذراعان، الجيش والشباك وحرس الحدود من جهة، والمليشيات العنيفة للمستوطنين من جهة اخرى. هذان الذراعان متناسقان ولا يزعجان بعضهما. احيانا يتداخلان عندما يرتدي الجنود من البؤر الاستيطانية الزي العسكري – “فرق الطواريء” التي تعطي الشرعية لكل مذبحة. الجيش يحرص على عدم التدخل حتى لو بشكل قليل. في هذا السياق فان تصريح مصدر عسكري رفيع بأنه حذر في نهاية الاسبوع من عنف المستوطنين (“هآرتس”، 29/8، ينيف كوفوفيتش) هو تصريح لا يمكن تصديقه لكثرة وقاحته. “الارهاب اليهودي يتسبب بضرر كبير للأمن في الضفة الغربية”، قال هذا المصدر الذي قواته كان يمكنها، ويجب عليها، وقف الارهاب اليهودي منذ فترة طويلة. حتى الآن لم تكن هناك أي مذبحة لم يقف الجنود الى جانبها واحيانا يشاركون فيها ايضا – الضابط الكبير يتجرأ على تقديم شكوى والتذمر.
7 اكتوبر ليس فقط يوم كارثتنا، بل هو ايضا يوم كارثة الفلسطينيين، حول ما تفعله اسرائيل في غزة نفدت الاقوال منذ زمن، لكنها لم تقم باخفاء ما تفعله في الضفة الغربية بتشجيع من الوزراء الكهانيين وصمت رئيس الحكومة والوزراء والجمهور. مؤخرا قمت بزيارة جنين وطولكرم وقلقيلية ورام الله والخليل. لم يعد هناك ما يشبه الواقع في 6 اكتوبر، رغم أنه لم يكن للضفة أي دور في هجوم 7 اكتوبر. في 8 اكتوبر استيقظ 3 ملايين فلسطيني على واقع جديد، ليس لأن الواقع السابق كان انساني وشرعي. بشهوة الانتقام واستغلال الفرصة أطبق حذاء اسرائيل القبضة على عنق الضفة بلا رحمة.
عشرات آلاف الدونمات تمت مصادرتها وانزاعها وسلبها في هذه الاشهر، ولا يوجد تقريبا في الضفة الغربية أي تلة لا يوجد عليها علم اسرائيل أو بؤرة، التي ستصبح ذات يوم مدينة. ايضا الحواجز عادت بكل القوة. لا يمكن الانتقال من مكان الى آخر في الضفة بدون الاصطدام فيها والوقوف هناك لساعات. لا يمكن التخطيط لأي شيء في الواقع الذي فيه 150 ألف شخص تقريبا فقدوا مصدر الرزق بعد منعهم من العمل في اسرائيل. الجميع تمت معاقبتهم على 7 اكتوبر. الـ 11 شهر بدون مصدر رزق بدأت تعطي الاشارات. ما الذي فكرتم فيه؟.
فتى جديد وصل الى الحي: المسيرة. في ظلام الحرب بدأ سلاح الجو بعمليات القنص في الضفة المكتظة. حسب معطيات الامم المتحدة فان 630 فلسطيني قتلوا في الضفة منذ بداية الحرب، 140 من بينهم بواسطة 50 هجوم من الجو. المسموح في غزة مسموح في الضفة. الجنود ادركوا ذلك، وتعاملهم مع الفلسطينيين يكون وفقا لذلك. اذا لم نكن في غزة، على الاقل سنتصرف وكأننا في غزة. اسألوا كل فلسطيني حول ما مر عليه. اليأس في الضفة لم يكن بهذا الحجم في أي وقت مضى.
بعد كل ذلك ألن يكون هناك ارهاب؟.