هآرتس: بدون التطبيع مع السعودية وتدخل السلطة فان حماس ستواصل سيطرتها في غزة

هآرتس 27/1/2025، دان مريدور: بدون التطبيع مع السعودية وتدخل السلطة فان حماس ستواصل سيطرتها في غزة
مرتان فشل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. المرة الأولى في إدارة الخطر امام حماس حتى كارثة 7 أكتوبر. والمرة الثانية في إدارة الحرب العادلة ضد حماس منذ ذلك الحين وحتى الآن. ولأن إسرائيل، بقرار حكومة الليكود، خرجت من قطاع غزة فان حماس سيطرت بالقوة على القطاع. قرار نتنياهو مثل اسلافه، “عدم تدمير سلطة حماس”، أي عدم إعادة احتلال القطاع، ظهر معقول. ثمن الاحتلال والقتال والسيطرة على القطاع لفترة طويلة، كل ذلك ظهر ثقيل وغال ويصعب تحمله.
لأنه هكذا تقرر فان إسرائيل وقفت امام سؤال: كيف سنتعامل مع القطاع المحكوم فعليا من قبل حماس. تحديد السياسة يحتاج الى الاختيار بين بدائل: اتفاق سلام مع حماس لن يكون لأنه بالنسبة لهم تدمير دولة إسرائيل ليس هدف سياسي فقط، بل هو أمر ديني. في ظل غياب بديل افضل، كانت هناك محاولة لخلق واقع من الحدود الهادئة لفترة طويلة. من اجل ذلك بذل نتنياهو جهود مضنية لتمكين حماس من الحصول على تمويل كبير من قطر، واعطيت لها تسهيلات اقتصادية.
القرار بشأن سياسة كهذه يقتضي إدارة المخاطر. حماس بقيت عدو لدود، منظمة إرهابية قاتلة لا تسلم بوجود إسرائيل. إسرائيل اخذت مخاطرة عالية على أمل الوصول الى حدود هادئة، لكن حكومة نتنياهو فشلت فشلا ذريعا ومتواصلا في إدارة الخطر الشديد.
نتنياهو، بمعرفته من هي حماس، كان يجب عليه أن يجري كل أسبوع أو شهر، بنفسه وعن طريق هيئة الامن القومي، جلسة مع رؤساء الجيش والشباك واستيضاح ما الذي يحدث في غزة. هل توجد لدينا معلومات استخبارية جيدة، بشرية وتكنولوجية، عما يحدث هناك؟ هل الشباك و”أمان” (بشكل منفصل كما طلب في لجنة اغرانات) يجرون نقاشات تقدير حول ذلك؟ ما هو معنى المدينة التحت أرضية التي تقام هناك؟ ما هي خطط الحرب لحماس؟ هل نحن مخطئون وحماس غير خائفة؟ ماذا يمكنها أن تفعل؟ هل لدينا رد مناسب على ذلك؟ ما هي خطط دفاعنا في حالة قامت حماس بالهجوم؟.
واجب رئيس الحكومة اجراء مثل هذه النقاشات بشكل متواتر ازدادت عندما حذر رئيس الأركان وآخرون من أن هناك تآكل في ردع إسرائيل بسبب الانقلاب النظامي، والرد عليه (حتى لو لم تتم الإشارة بالتحديد الى قطاع غزة). رئيس الحكومة، المسؤول الأعلى عن الامن القومي، كان يجب عليه التعمق في التحقيق في هذا الشأن.
لو أن نتنياهو ورؤساء جهاز الامن تصرفوا بهذا الشكل لما كان هناك أي شك تقريبا بأنه كان يمكن تجنب الكارثة. هذه نظرية إدارة المخاطر. هنا يكمن الفشل الذريع لنتنياهو والكابنت والحكومة كلها. لقد كانوا على قناعة بأن هناك احتمالية بأن تنجح سياسة “الهدوء مقابل الأموال”، لكن كان يجب أن يعرفوا بأن هناك مخاطرة في أن هذه السياسة ستفشل وأن حماس ستهاجم. هذا الخطر الكبير لم تتم ادارته كما هو مطلوب.
الفشل الثاني لنتنياهو هو إدارة الحرب بعد 7 أكتوبر. تدمير سلطة حماس هو هدف مناسب ومهم، ولا توجد إمكانية لتحقيقه بدون ضربة عسكرية قاسية، لكن أيضا لا توجد إمكانية لتحقيقه بواسطة ضربة عسكرية فقط. تدمير سلطة حماس مرهون بسلطة أخرى تقوم باستبدالها. وقد تم اقتراح على إسرائيل بديل كهذا من قبل الرئيس الأمريكي وبعض الدول العربية. بديل حكومي لحماس كان يمكن أن يتم تشكيله من رجال السلطة الفلسطينية (التي ضعفها معروف، لكنها كانت مستعدة لذلك) بمساعدة قوات عربية (مصرية، إماراتية وغيرها)، وبمساعدة مالية ضخمة (ربما سعودية، إماراتية) من اجل إعادة اعمار القطاع.
لا يوجد أي يقين بأن هذا سينجح، لكن هناك احتمالية لذلك بدعم امريكي ودولي واسع. هذه هي الرجل المكملة لعملية عسكرية. وبدونها لن تكون هناك أي فرصة لاسقاط نظام حماس. بالفعل، الآن بعد مرور 15 شهر وبعد ضربة عسكرية قاسية فان حماس لا تزال تسيطر على قطاع غزة.
من اجل منع تأييد جماهيري لعملية كهذه، التي اقترحها الرئيس الأمريكي التارك جو بايدن، فقد حرصوا على وصف السلطة الفلسطينية بأنها توأم حماس، وكأنه لا يوجد أي فرق بينهما. في الواقع السلطة ضعيفة، ليس فقط بسبب إسرائيل، بل في الواقع بقيادة ياسر عرفات وبعده محمود عباس هي لم توافق على اقتراحات بعيدة المدى من إسرائيل لانهاء النزاع. ولكن الأساس يقومون باخفائه. فمنذ عشرين سنة تقريبا، منذ تولى عباس محل عرفات، والسلطة بشكل عام لا تعمل في الإرهاب، وحتى تتعاون مع إسرائيل في محاربة الإرهاب.
في الواقع هي تحارب ضد إسرائيل في الساحة السياسية والقانونية وتدفع الرواتب لعائلات الشهداء والسجناء، لكنها مرت بتغيير مهم. خلال عشرات السنين، منذ تأسيس م.ت.ف وحتى موت عرفات، كانت م.ت.ف هي التنظيم الإرهابي الأساسي الذي اضر بنا في البلاد وفي العالم. أيضا الانتفاضة الأولى والثانية قادتها م.ت.ف. عباس، لاسبابه الخاصة، قام بتغيير سياسة المنظمة، ولذلك فان إسرائيل تتعاون مع السلطة في محاربة الإرهاب. هذا الامر تتم مشاهدته مرة أخرى مؤخرا في جنين.
مصلحة إسرائيل هي اضعاف حماس وتعزيز السلطة الفلسطينية، لكن الحكومة التي شكلها نتنياهو يمكن أن تتفكك اذا كانت هناك مفاوضات مع السلطة. لذلك فانه تجري الحرب منذ 15 شهر، وحماس تسيطر حتى الآن على القطاع.
أنا على قناعة بأن كل ذلك كان معروف وواضح لنتنياهو، حيث أنهم في جهاز الامن قالوا ذلك طوال الوقت. هذا لم يحدث لنفس السبب الذي من اجله أراد نتنياهو الحفاظ على حماس. بالنسبة له يفضل وجود حماس في غزة على السلطة الفلسطينية. يفضل الفصل بينهما. اذا حكمت السلطة أيضا في غزة فانه يوجد خطر، لا سمح الله، أنه سيتعين على إسرائيل التفاوض معها. هذه الحكومة، حكومة “اليمين المطلق”، يمكن أن تسقط. الاعتبارات السياسية منعت العملية التي كان يمكنها، باحتمالية عالية، أن تؤدي الى الانتصار.
ما هو الحل؟ الجيش الإسرائيلي، الذي فشل وتعافى بشكل مثير للانطباع بقيادة هرتسي هليفي، ضرب ضربة قاسية جميع الأعداء في كل الجبهات. الآن يجب انهاء المعركة، وإعادة على الفور جميع المخطوفين ومواصلة عملية التسليم بوجود إسرائيل عن طريق التطبيع مع السعودية. هذا مهم تاريخيا وهو يساعد على الصمود امام محور ايران. وكل ذلك يتعلق كما يبدو بعملية تضم السلطة الفلسطينية.
أيضا هذه السياسة يجب ادارتها بعيون مفتوحة، ولا يوجد أي بديل لادارة مسؤولة للمخاطر. الحديث يدور عن اتجاه توجد فيه أيضا احتمالية كبيرة. هذا حل لا يجب على إسرائيل الانجرار اليه، بل قيادته.