هآرتس: بدون آلية لانهاء الحرب، خطاب نتنياهو لم يلتق الواقع

هآرتس 25/7/2024، عاموس هرئيل: بدون آلية لانهاء الحرب، خطاب نتنياهو لم يلتق الواقع
كما هو متوقع فقد كان هناك فرق بين الطابع الاحتفالي الذي حاول مكتب رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، اعطاءه لخطابه في الكونغرس أمس، وبين الردود في اسرائيل وفي الولايات المتحدة. مؤيدو نتنياهو، وبالتأكيد ابواقه الكثيرة في وسائل الاعلام الاسرائيلية، اظهروا الانفعال من هذا الحدث التاريخي. ولكن حسب الاستطلاعات فانه يمكن الافتراض بأن اغلبية الجمهور تنشغل اكثر في مسألة متى ستنتهي الحرب ومتى سيتم اطلاق سراح المخطوفين من أسر حماس أخيرا. بالنسبة للامريكيين فان الحملة الانتخابية العاصفة للرئاسة تشغلهم الآن أكثر بكثير من زيارة نتنياهو التي تغطيها الاهمية الشخصية لزعيم دولة صغيرة في الشرق الاوسط.
في الخطاب نفسه على الاقل تصرف نتنياهو بصورة محترمة اكثر مما تصرف في خطابه السابق في 2015. فقد حاول في حينه استغلال منصة الكونغرس من اجل تشجيع التمرد الداخلي على الرئيس براك اوباما بسبب قراره التوقيع على اتفاق لتقييد المشروع النووي الايراني (نتنياهو اعتقد في حينه بأن الاتفاق خطير على أمن اسرائيل). في هذه المرة، بعد اعلان الرئيس الامريكي جو بايدن عن انسحابه من المنافسة حافظ رئيس الحكومة على مقاربة تشجيع تجاه بايدن، الذي انقذ اسرائيل في اعقاب هجوم حماس الارهابي بكل ما تعنيه الكلمة. ومثل أي خطاب آخر لنتنياهو في الخارج فقد احتلت ايران المكان الرئيسي. ولكن في هذه المرة لم يتم التأكيد فقط على خطر المشروع النووي، بل على دور ايران في تشجيع حماس وحزب الله، وعن مشروعها الذي يتقدم بشكل جيد من اجل اقامة “حلقة نيران” لمليشيات مسلحة حتى اسنانها حول حدود اسرائيل. هو يعرف كيفية التحدث، وبالتأكيد باللغة الانجليزية الطليقة التي تثير الانطباع مقارنة بمنافسيه. خطاب رئيس الحكومة قام أمس باستدعاء ردود انفعالية، لا سيما من قبل الجمهوريين. ولكن السؤال هو هل هذا التعاطف الجارف، الذي رفض فيه المشاركة اعضاء الجناح التقدمي في اوساط الديمقراطيين، ستتم ترجمته الى مواصلة الدعم الفعلي لاسرائيل دائما.
بعد نصف ساعة على ابتزاز نتنياهو للدموع في عيون السناتورات واعضاء الكونغرس، عندما وصف فظائع المذبحة وضائقة المخطوفين، نشر كيبوتس نير عوز بأن قوات الجيش الاسرائيلي عثرت وأنقذت في حانيونس جثة المخطوفة مايا غورين. وكيبوتس نير اسحق اعلن بأنه تم انقاذ جثة المخطوف اورن غولد، اللذان قتلا في 7 تشرين الاول. الوزير السابق بني غانتس قال أمس بأن كثير من المخطوفين ماتوا في الاسر بسبب تأخر عقد الصفقة، على الاقل في الاسابيع الاخيرة، نتنياهو هو المسؤول الرئيسي عن هذا التأخير. رئيس الحكومة محق بالطبع عندما يتحدث عن الفظائع التي ارتكبتها حماس وعن الدعم غير المعقول للمذبحة في بعض الجامعات الامريكية. ولكن هذه الاقوال لا يوجد لها وزن كبير. طالما أن نتنياهو لا يعترف بالمسؤولية عن فشل اسرائيل في 7 تشرين الاول ولا يسارع الى اعادة المخطوفين الى البيت وهو يرفض منذ اشهر الدفع قدما بخطة عملية ومفصلة لليوم التالي بعد انتهاء الحرب في غزة.
قبل ساعات قليلة من الخطاب واجه رئيس الحكومة محاولة تصفية مركزة من الداخل. وزير الامن الوطني ايتمار بن غفير اعلن بأنه هو “المستوى السياسي، مسموح صلاة اليهود في الحرم”. ونتنياهو اضطر الى اصدار بيان مستعجل جاء فيه بأن الوضع الديني في الحرم سيبقى على حاله. اعضاء آخرون في الائتلاف كانوا اقل لطفا منه، قادة الاحزاب الحريدية اعلنوا بأن الصلاة في الحرم مخالفة للشريعة، وحذروا من نتائج هذا التصريح. وزير الدفاع، يوآف غالنت، اطلق اسم مناسب على وزير الامن الوطني، “مشعل الحرائق الذي يريد اشعال الشرق الاوسط”. في المناطق وفي العالم العربي سمعت ردود شديدة على تصريحات بن غفير.
المسؤولية والتهمة ملقاة في نهاية المطاف على نتنياهو؛ هو الذي اختار بن غفير لمنصب حساس جدا وخطير. بالمناسبة، فقط قبل اربع سنوات تفاخر رئيس الحكومة بأنه رفض “اقتراح كان يمكن أن يشعل الشرق الاوسط”، الموافقة على طلب بن غفير السماح بحج اليهود في الحرم في ايام السبت، الذي طرحه مرة اخرى أمس.
من وراء خطوة بن غفير تقف في الاساس الاعتبارات السياسية. فهو يجد صعوبة في ابتزاز من نتنياهو الثمن الذي طلبه في السابق، دعم قانون وظائف الحاخامات الذي قدمته شاس وضمان مكانته في الهيئة الاستراتيجية التي ستعمل في ادارة الحرب، بدلا من كابنت الحرب الذي تم حله. ربما ايضا بن غفير يشتم بأن الائتلاف يقترب من نهايته رغم خروج الكنيست الى العطلة الصيفية لمدة ثلاثة اشهر في الاسبوع القادم. وهو يلاحظ فرصة جيدة للتشاجر مع نتنياهو.
الاختلافات في الرأي تحدث في ظل المفاوضات التي تجري لعقد صفقة التبادل، التي احزاب اليمين المتطرف تعارض التوقيع عليها. منذ فترة طويلة نتنياهو يقوم بارسال رسائل متناقضة، ويتعرج في مواقفه بخصوص المخطوفين. ايضا في واشنطن هو لم يغير هذه العادة. أمس أمر بتأخير سفر الوفد الاسرائيلي للمفاوضات الى قطر، الذي كان من المخطط أن يكون اليوم، بذريعة أنه قبل ذلك يجب عليه تنسيق المواقف مع بايدن، الامر الذي كان يمكن أن يكون مقنعا لو أن نتنياهو لم يخفض قبل ذلك مستوى الوفد، وقيد اعضاءه بالمواقف المتشددة التي أسمعها في وسائل الاعلام.
لو أن مصير المخطوفين كان أمرا ملحا جدا بالنسبة لنتنياهو، كما يقول، لما كان سيؤجل مرة تلو الاخرى استئناف المفاوضات. اقواله قيلت نتيجة الضغط، وهي تنعكس ايضا في تعامله البارد مع عائلات المخطوفين. استمراره في الخط المتشدد يمكن أن يؤدي في القريب الى مواجهة بينه وبين كبار جهاز الامن. انتقادهم لرئيس الحكومة والمطالبة بالتوقيع على الصفقة في القريب معروفة للجمهور. والسؤال هو كيف ومتى سيختارون قول ذلك علنا وكيف سيكون رد الرأي العام.
النظر في العيون
في الوقت الذي وضع فيه اللمسات الاخيرة لخطابه، وعمل لدى مكتب الرئيس الامريكي السابق، دونالد ترامب، على تحقيق هدفه الاسمى من الزيارة، “البقاء حتى نهاية الاسبوع في الولايات المتحدة والاحتفال بعيد ميلاد ابنه، كان رئيس الاركان هرتسي هليفي ينشغل في امور مختلفة كليا. هليفي ذهب للالتقاء مع رؤساء كيبوتس بئيري ومناقشة معهم التحقيقات العسكرية في المذبحة في الكيبوتس، التي تم نشرها قبل اسبوعين.
اللقاء كان صعب ومشحون، ورئيس الاركان سمع في اللقاء انتقاد شديد من رؤساء الكيبوتس حول سلوك الجيش اثناء المعركة وفي التحقيقات. ولكن هليفي على الاقل على استعداد للنظر مباشرة في عيونهم والاعتراف بمسؤوليته عن الاخفاقات والاجابة على اسئلة المصابين في الكارثة، التي حدثت في فترته. كل هذه الامور نتنياهو يرفض القيام بها. وبدلا من ذلك هو يسافر في رحلته الاولى في طائرة “جناح صهيون”.
قرار الجيش الاسرائيلي طرح في البداية التحقيق حول بئيري، استهدف تحسين العلاقات مع سكان الكيبوتس (ايضا ازاء الادعاءات بشأن اتخاذ قرار حول قائد فرقة غزة القادم، العميد براك حيرام، وحول تمترس المخربين مع رهائن في أحد البيوت). عمليا، رغم تقدير شفافية الجيش إلا أنه ثارت عدة مشكلات وادعاءات جديدة، بعضها يتعلق بالانتقاد الذي ظهر في التحقيقات لقرارات قادة دورية هيئة الاركان “شلداغ”، التي وصفت بأنها انقضاء على الجنود الذين جاءوا لتقديم المساعدة. هذا في الوقت الذي فيه الجيش لم يعرض بعد نتائج التحقيقات المتعلقة باخفاقات الاستخبارات ونظرية الدفاع في قيادة المنطقة الجنوبية. هناك سيتم توجيه اصبع الاتهام الى اهداف اعلى رتبة.
بشكل عام قضية التحقيقات يمكن أن تكون مؤلمة جدا من ناحية هيئة الاركان. تحقيق بئيري اعاد الى مركز النقاش العام الفشل الذريع في 7 تشرين الاول. ردود الجمهور يتوقع أن تزداد حدتها كلما تبينت ابعاد الاخطاء والعيوب في كل مستويات القيادة. يمكننا المعرفة عن التوجهات الآخذة في التطور من الاستطلاع الجديد الذي اجراه معهد بحوث الامن القومي.
الاستطلاع يظهر رقم قياسي سلبي في نسبة المستطلعين الذين اظهروا الثقة الكبيرة بالجيش الاسرائيلي. 71 في المئة من اجمالي السكان، 78 في المئة في اوساط اليهود. هذا انخفاض 6 في المئة مقارنة مع الشهر الماضي، 11 في المئة مقارنة مع بداية الحرب. انخفاض الثقة يتم الشعور به في كل الهيئات والمنظمات. الثقة الكبيرة بالحكومة نسبتها 17 في المئة في اوساط المستطلعين، 18 في المئة في اوساط اليهود.
حسب الاستطلاع فان اقل من ثلث الجمهور اليهودي يقول بأنه كان سيشجع ابنه أو ابنته في سن التجنيد على التجند للخدمة، 28 في المئة مقابل 31 في الشهر الماضي. الرقم الذي ربما يكون الاكثر اقلاقا بالنسبة لهيئة الاركان، وحتى عند الاخذ في الحسبان نشر التحقيقات في القريب: انخفاض حاد في ثقة الجمهور بتقارير المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي، 60 في المئة من المستطلعين اليهود قالوا بأنه لديهم ثقة عالية بالتقارير، مقابل 72 في المئة في الشهر الماضي و88 في المئة في كانون الاول الماضي. وهو الرقم القياسي الاعلى في الحرب. في اوساط المستطلعين العرب النسبة اقل بكثير، لكن المنحى مشابه، حركة باتجاه الاسفل، من 24 في المئة في حزيران الى 19 في المئة الآن.