هآرتس: بدلاً من مهاجمة رفح، اختار نتنياهو مهاجمة واشنطن
هآرتس 26/3/2024، يوسي فيرتر: بدلاً من مهاجمة رفح، اختار نتنياهو مهاجمة واشنطن
في ذروة الهجوم على الديمقراطية الذي قاده نتنياهو، حيث الشعب منقسم والاحتياط ممزق والتهديد الأمني يزداد والاقتصاد يتحطم والعالم يتنكر لنا، ثمة من تساءل: لماذا يعمل رئيس الحكومة؟ سؤال مهم الآن. عندما يتصرف الشخص الذي يتمسك بالحكم وكأنه قرر إنزال كارثة على الدولة التي تجاوزت الانقلاب النظامي بصعوبة؛ لأسباب سياسية يتصرف بوقاحة مع الرئيس الأمريكي ويطلب منه فرض الفيتو على قرار إعلاني في الأمم المتحدة ويضيف إلى ذلك تهديداً. وعندما لا يستسلم له الرئيس الأمريكي، يلغي سفر البعثة الإسرائيلية إلى واشنطن، وبذلك يضر بمصالح إسرائيل مباشرة وبالجيش الإسرائيلي الذي يقاتل في قطاع غزة. يقطع أنفه كي يغضب وجهه.
من هم الزعماء الذين يتجرأون على تهديد رئيس الولايات المتحدة؟ زعيم إيران وزعيم كوريا الشمالية، اللذان لم يحصلا على مساعدات عسكرية واستراتيجية ودولية غير مسبوقة من الإدارة الأمريكية، التي بدونها كانت إسرائيل ستجد صعوبة في إدارة المعركة في غزة. لا أحد في العالم يصف نتنياهو بأنه شخص منطقي، ولكن عدم المسؤولية الذي يظهره في هذا الوقت الحساس، حيث الجبهة الشمالية تهدد بالاشتعال في أي لحظة، كيف تستطيع إسرائيل أن تواجه حزب الله بدون الولايات المتحدة؟ ما المنطق في تفاقم الأزمة القائمة أصلاً بين الدولتين؟ بدلاً من مهاجمة رفح، يهاجم واشنطن. وحتى أمله بفوز الحزب الجمهوري بالرئاسة هذه السنة، أصبحت غير صحيحة. فترامب يكرهه بدرجة لا تقل عن بايدن. اليوم نشرت اقتباسات من مقابلة أجراها مع “إسرائيل اليوم”، لقد ظهر مثل تشاك شومر: يجب أن تنهي إسرائيل الحرب وتتقدم نحو السلام، قال وحذر من أنها آخذة في فقدان دعم العالم.
نتنياهو خطير على إسرائيل. كل لحظة يجلس فيها في مكتب رئيس الحكومة تعد خطراً واضحاً على أمن إسرائيل. يلعب بالنار على حسابنا. التهديد العلني بعدم إرسال البعثة كان يمكن تمريره بسرية إلى البيت الأبيض. استهدفت العلنية استعراض عضلات أمام بايدن، وإسعاد قلوب القاعدة، أن يخرج بطلاً. كان يمكنه أن يعبر بطرق مختلفة عن عدم رضى من قرار مجلس الأمن وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت، لكنه اختار أسوأ الطرق على حساب إسرائيل. في هذه الأثناء نتنياهو الذخر الأكبر ليحيى السنوار وإيران وحزب الله. فما دام في الحكم ومحاطاً بعصابة المستوطنين المتطرفين الذين يسيئون لسمعة الدولة، ومحاطاً بالحريديم الذين يفرضون عليه المضي بقانون يشجعهم على التهرب من الخدمة العسكرية ويضر الاقتصاد بشكل كبير، فذلك أفق للعدو.
الضرر الذي تسبب به أمس لمصالح إسرائيل السياسية – الأمنية هو وحده المسؤول عنه. ومثلما فعل مؤخراً أكثر من مرة، فإنه لم يشرك في قراره مجلس الحرب (بالطبع باستثناء المقرب منه رون ديرمر). يستمر غانتس وآيزنكوت في خداع أنفسهما بأنهما يساهمان ويؤثران ويساعدان في توجيه السفينة نحو الاتجاه المطلوب.
إذا كان لدى غانتس أدنى شك حول ما يفكر فيه نتنياهو عنه، فقد جاء رد رئيس الحكومة (ليس الليكود) على الرد الذليل لرئيس المعسكر الرسمي على منع ذهاب البعثة الإسرائيلية إلى واشنطن، وأوضح له موقفه جيداً. “كان على رئيس الحكومة نفسه أن يسافر”، قال غانتس. نتنياهو رد على الفور “بعد أن رحبت حماس بالقرار… ما زال غانتس يقترح إرسال البعثة هذا المساء”. أي أن غانتس يساوي حماس. هذه هي الرسالة التي أراد رئيس الحكومة إرسالها، لا يمكن تفسير ذلك بشكل مختلف. إلى إنجازات نتنياهو (أول أمس نسب لنفسه الفضل في تصفية “هامان”) أضيف أمس انسحاب جدعون ساعر من الحكومة. رئيس اليمين الرسمي، الذي أمل نتنياهو في إبقائه إلى جانبه حتى بعد انسحاب غانتس وآيزنكوت، سبقهما. وعد ساعر أكثر من مرة بأنه سيبقى إلى حين انتهاء الحرب وإعادة المخطوفين، لكن تبين له في الفترة الأخيرة بأنه لا أهمية لوجوده في الكابنت السياسي – الأمني. يتم تقرير الأمور في مجلس الحرب (ليس دائماً). في حين أن الجسم الأصلي تحول، حسب تعبير ساعر، إلى برلمان. لهذا الأمر توجد الكنيست. سيكون أسهل عليه وهو في المعارضة إدارة الحرب وأداء المجلسين (كابنت الحرب، والكابنت السياسي الأمني).
في وضع مختلف للأمور، كان غانتس وآيزنكوت سيقفان أمس إلى جانب ساعر. انتهى دورهما التاريخي في حكومة الطوارئ. يهانان كل يوم. كان يجب مشاركة ممثلين عن الموساد و”الشاباك” في البعثة التي ألغيت؛ لمناقشة صفقة المخطوفين. أي أن نتنياهو مس أيضاً باحتمالية عقد الصفقة. أين هما؟ غانتس يعرف أنه قطعة قماش بالية. لقد تعود على ذلك، لكنه أسير الاستطلاعات التي تدل على أن أغلبية المصوتين له يؤيدون بقاء المعسكر الرسمي في الحكومة. لقد رسم لنفسه خطاً في الرمل: سن قانون التجنيد – التهرب. يبدو أن الموعد النهائي 30 حزيران، وهو الموعد الأخير للمصادقة على القانون. حتى ذلك الحين، سيحاول “التأثير من الداخل” وكأن هناك أحداً سيسمع لقوله.