ترجمات عبرية

هآرتس: بدأ الإصلاح

هآرتس – عاموس هرئيل – 15/10/2025 بدأ الإصلاح

ما سيبقى كما يبدو في النهاية في الذاكرة من يوم أمس، الى جانب الانتهاء الواضح للحرب، هو سلسلة من الصور: والد يوسيف حاييم اوحانا يقرأ “اسمع، يا اسرائيل”، وبصعوبة يمسك نفسه كي لا ينهار في اللقاء الاول مع ابنه؛ عمري ميران يلعب مع بناته؛ عيناف تسانغاوكر تحتضن اخيرا نتان؛ الون اوهيل يجلس لالتقاط صورة عائلية مع والديه واخوته – و16 مخطوف آخر يجتمعون بعائلاتهم واصدقائهم. 

رئيس هيئة الاسرى والمفقودين، الجنرال احتياط نيتسان الون، وهو واحد من الاسرائيليين الذين ساهموا كثيرا من اجل الوصول الى هذه اللحظة، لخص ذلك بصورة قصيرة وثاقبة: “اعادة المخطوفين هي عملية اعادة بناء وبعث للمجتمع الاسرائيلي”.

عشرون عائلة للمخطوفين الاحياء تعود الآن الى الحياة، بعد ان عادوا جميعهم الى البيت. اضافة الى 4 توابيت لقتلى تمت اعادتهم أمس في اعقابهم. تم الامر ولم ينته – لقد بقيت حتى الآن 24 جثة لم تتم اعادتها بعد. حماس تجد صعوبة في العثور على بعضها، ويستخدم بعضها كما يبدو كوسيلة للحرب النفسية. اسرائيل، بمساعدة دول الوساطة، ستمارس عليها ضغط كبير من اجل اعادة جثث اضافية، وقد سبق واعلنت اليوم بان معبر رفح سيبقى مغلق. مع ذلك، يمكن الافتراض بان بعض هذه الحالات سيبقى لغز غير محلول لفترة طويلة. لذلك فان بادرة حسن النية الغبية لرئيس الكنيست امير اوحانا، الذي انزل بصورة مسرحية دبوس المخطوفين عن بدلته اثناء الاحتفال في الكنيست في الظهيرة، كانت خطوة عديمة المسؤولية. الاستخذاء الذي اغدقه على الرئيس الامريكي دونالد ترامب وعلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لم يكن الامر الاكثر سوءا في خطاب اوحانا الطويل.

نتنياهو، بعد ان حاول كل الوسائل الاخرى، وصل في النهاية، تحت ضغط ترامب الشديد، الى الاحتمالية الصحيحة. الرئيس الامريكي في محادثاته مع المراسلين في الطائرة في الطريق الى هنا، وبعد ذلك في الخطاب المطول والمؤثر الذي القاه في الكنيست، اوضح اين نقف الان. من ناحية ترامب الحرب انتهت واسرائيل انتصرت فيها. الآن يجب التقدم لقطف الثمار: اتفاقات تطبيع مع دول عربية اخرى في المنطقة، وربما دول اسلامية ابعد (اندونيسيا في المقدمة) وفرص اقتصادية غير محدودة. ترامب اظهر ايضا امور اخرى – الحب والتقدير الشخصي لنتنياهو ودعمه غير المحدود لاسرائيل. بعد الضربة التي اوقعتها حماس في 7 اكتوبر، وبعد حرب طويلة ومتعبة، فان الدعم الامريكي مهم جدا لمكانة اسرائيل الدولية والاقليمية.

ما سيأتي يرتبط كالعادة باهتمام ترامب بالنزاع بين اسرائيل والفلسطينيين. هو يكثر التطرق الى قضايا اخرى في جدول اعماله مثل الحرب بين روسيا واوكرانيا، المنافسة على النفوذ بين الولايات المتحدة والصين، المناوشات الداخلية مع الحزب الديمقراطي. لكن ربما مشاعر الحرمان للرئيس، بعد ان قفزت عنه لجنة جائزة نوبل هذه السنة، ستعزز دافعه من أجل التوصل الى انجازات لن يكون بالامكان الاستخفاف فيها في السنة القادمة.

خلال ساعة في ظهيرة أمس كان يبدو ان الافق السياسي الذي يقف امام اسرائيل هو واعد اكثر مما اعتقدنا. ترامب حاول ان يضم نتنياهو الى المؤتمر الاقليمي في شرم الشيخ، وحتى انه توسط في اجراء محادثة هي الاولى منذ اندلاع الحرب بينه وبين عبد الفتاح السيسي. في نفس الوقت نشر ان الرئيس الاندونيسي كان يمكن ان يزور للمرة الاولى البلاد اليوم، لكن هذه الفرحة كانت مبكرة جدا، هذه الخطط تلاشت. اندونيسيا الغت الزيارة من خلال الغضب من التسريب المسبق لها، الامر الذي ظهر انه جاء من المستوى السياسي في اسرائيل؛ ونتنياهو تنازل عن الذهاب الى شرم الشيخ بذريعة قدسية العيد، وهو العائق الذي كان يمكن تجاوزه لو انه اراد ذلك.

في المنظومة السياسي تشككوا من انه يخشى الجناح اليميني المتطرف في الحكومة، الذي في هذه الاثناء يتمسك بالكرسي الوثير رغم معارضته للصفقة (ولوقاحته يحاول كسب الفضل على اعادة المخطوفين). ولكن ربما انه يوجد هنا تفسير آخر: في وسائل الاعلام العربية نشر ان رئيس تركيا ورئيس العراق هددا بعدم المجيء اذا جاء نتنياهو. يبدو انه بالنسبة لبعض زعماء المنطقة فان صورة مشتركة مع رئيس حكومة اسرائيل، بعد لحظة من الدمار والقتل الضخم الذي خلفه الجيش الاسرائيلي في غزة، هي جسر بعيد جدا. ولكن معضلة رئيس الحكومة بين الطفرة الاقتصادية السياسية التي كما يبدو تنتظره وبين احباط شركاءه المسيحانيين ومحاولة الحفاظ عليهم في الائتلاف، ستواصل مرافقته ايضا في الاشهر القادمة. كل ذلك تعلمناه في الاسابيع الاخيرة ان كل شيء يرتبط بمستوى الضغط الذي سيختار ترامب استخدامه.

الرئيس الامريكي اختار مكافأة نتنياهو على استجابته لطلب التوقيع على الصفقة بمباركة كثيرة من فوق منصة الكنيست وبتدخل فظ في الجهاز القضائي في اسرائيل. لقد توجه بشكل مباشر للرئيس اسحق هرتسوغ وطلب منه العفو عن رئيس الحكومة، وان يعفيه من الاجراءات القانونية الطويلة “بسبب عدة علب من السيجار وزجاجات الشمبانيا”. نتنياهو ظهر راضيا. الجمهور على المدرجات المليئة بنشطاء الليكود واصحاب النفوذ والمصالح الخاصة خرج عن اطواره. ترامب اعترف بان هذه كانت خطوة خطط لها مسبقا بناء على طلب من نتنياهو. لقد جرت والانظار موجهة نحو الانتخابات. على خلفية هذه المحاولة المثيرة للاشمئزاز من اجل التاثير، ربما كان من الافضل لو ان اوحانا تجاوز كل قواعد الاحتفالات وقاطع رئيس المحكمة العليا اسحق عميت والمستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا، ربما هكذا كان سيعفيهما من هذه المعضلة ويخرجان من الجلسة تعبيرا عن احتجاجهما. 

بصورة نموذجية نتنياهو لم يستغل المناسبة الاحتفالية من اجل اظهار ولو قدر ضئيل من الندم أو تحمل المسؤولية عن احداث 7 اكتوبر. حوالي 2000 اسرائيلي قتلوا في فترة ولايته، وحوالي 250 تم اختطافهم. ولكن من ناحية رئيس الحكومة ومؤيديه فانه هو المسؤول فقط عن النجاح في لبنان، ايران، سوريا وبصورة لم تستكمل بعد في غزة. 

في القطاع ما زال يوجد الكثير من علامات الاستفهام المقلقة. أولا، بخصوص اعادة الجثث، وبعد ذلك بخصوص طبيعة الاتفاق الحكومي الذي سيتبلور هناك، اقصاء حماس عن موقع التاثير والوظيفة التي ستعطى للسلطة الفلسطينية. النجاح في غزة، الذي يجب ان يشمل اعتراف ما بمكانة السلطة الفلسطينية يمكن حقا ان يمهد الطريق امام خطوات سياسية ايجابية بعيدة المدى في الشرق الاوسط. ولكن من اجل حدوث ذلك يجب على اسرائيل فعل امور غير مألوفة. اولا، ابداء المرونة والمخاطرة بالقناة السياسية. ثانيا، الحذر من الادمان مجددا على ثمل القوة في كل ما يتعلق بالوضع الامني.


مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى