ترجمات عبرية

هآرتس: بايدن يصمت امام شرور نتنياهو

هآرتس 11/9/2024، تسفي برئيل: بايدن يصمت امام شرور نتنياهو

 نتان شيرانسكي طرح ذات يوم ملاحظة مفيدة ومدهشة. “في الديمقراطية أنت بحاجة الى الشجاعة من اجل محاربة الشر. في العالم الحر أنت بحاجة الى الشجاعة كي ترى الشر”. شيرانسكي يعرف شيء أو شيئين عن الديكتاتوريات وانظمة الشر، ويبدو أنه في مرحلة ما بين الظلام والنور التي اسرائيل عالقة فيها الآن، بين الديكتاتورية الرسمية وبين “الديمقراطية الشعبية” فان المواطنين فيها بحاجة الى الشجاعة الكبيرة من اجل “محاربة الشر” وليس فقط رؤيته.

عندما تصبح الشرطة مليشيا خاصة لازعر ومجرم مدان، وعندما يخشى المحققون من المس بفساد الشرطة، وعندما ما يسمى بـ “وزير العدل” يركل جهاز القضاء، وعندما يصبح البرلمان الذي يتوقع أن يراقب نشاطات الحكومة مشابه للبرلمان في مصر والاردن وتركيا، فان المواطنين والمهنيين الذين يريدون “محاربة الشر” يضعون انفسهم امام خطر حقيقي.

الرئيس جورج بوش قال إن كتاب شيرانسكي بعنوان “حالة للديمقراطية” الذي قام بتأليفه هو ورون ديرمر أثر عليه بشكل كبير في تحديد مباديء السياسة التي وجهته في الحرب في العراق. في الخطاب الذي القاه في 2005 بعد سنتين على غزو العراق قال بوش إن “العراق يحمل الآن آمال الحرية في منطقة حيوية في العالم. صعود الديمقراطية سيكون النصر المطلق على التطرف والارهاب”. بعد عدم العثور في العراق على أي ادلة على وجود سلاح الدمار الشامل، الذريعة للحرب،عرض بوش ترسيخ الديمقراطية في العراق وفي الشرق الاوسط بشكل عام كاستراتيجية تخدم المصالح الامنية الامريكية.

حسب الرئيس الامريكي جو بايدن فان حماية الديمقراطية وحقوق الانسان هي المباديء الاساسية لسياسته الخارجية. فقد وعد بتحويل السعودية الى “دولة مجذومة” وعدم بيع السلاح لها؛ ووجه للرئيس المصري الانتقاد عندما قال “لن يكون المزيد من الشيكات المفتوحة للسيسي”؛ وسمى الرئيس التركي بالديكتاتور ورفض الالتقاء معه لنصف سنة عندما انتخب للرئاسة. الديمقراطية بالنسبة للولايات المتحدة هي سلاح استراتيجي.

رغم ذلك نتنياهو لم يتم شمله حتى الآن في قائمة الديكتاتوريين للادارة الامريكية. انتقاد الولايات المتحدة موجه وبحذر فقط لـ “الوزراء المتطرفين” وكأن الامر يتعلق باشخاص من الفضاء هبطوا هنا ولم يتم تعيينهم من قبل نتنياهو نفسه. التطرف الوطني، وضمن ذلك نوايا علنية لاحتلال الحرم والاستيطان في قطاع غزة وتدمير السلطة الفلسطينية، تقلق واشنطن بسبب الامكانية الانفجار الاقليمي المحتمل الذي يكمن فيه. لكن من خلال رؤية جو بايدن يظهر أنه يوجد في البلاد هنا عالمين متوازيين ومنفصلين ظاهريا. النتيجة هي أنه خاف من المس بالتهديد الاستراتيجي الذي ينطوي عليه انهيار الديمقراطية الليبرالية في اسرائيل واستبدالها بالاصولية القومية الدينية المتطرفة.

الولايات المتحدة تشاهد امام ناظريها “الذخر الاستراتيجي لها” في الشرق الاوسط وهو يتعرض لفقدان الاهمية السريع والمدمر، وتقف مشلولة بالذات في مفترق الطرق الذي ما زال فيه يمكنها انقاذ اسرائيل، وليس مجرد منع اقامة ديمقراطية اخرى يترأسها زعيم يعرض استقرار الشرق الاوسط للخطر. صفقة المخطوفين التي يبذل فيها بايدن جهده ووقته ليست مجرد “قصة انسانية” لانقاذ حياة الناس. فقد كان يجب أن توضح لبايدن بأنه يترأس دولة اسرائيل شخص بالنسبة له حياة مواطنيه يساوون قشرة الثوم. هو يجسد التناقض الصارخ بين قيم وتقاليد الولايات المتحدة ومباديء سياسة رئيسها الخارجية وبين الانظمة الظلامية التي عملت الولايات المتحدة وتعمل ضدها.

اسرائيل مدينة بشكل كبير لجو بايدن بالدعم العسكري والسياسي، وحاملة الطائرات وآلاف القذائف ومليارات الدولارات التي اغدقت عليها، ولكنها تريد أن تحاسبه لأنه “يرى الشر”. هو يمكنه أن يكون حارس العتبة، لكنه لا ينقذها من القدم الموجودة على عنق ديمقراطيتها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى