هآرتس: بايدن ذكرنا أن السياسة المسمومة لترامب ونتنياهو ليست الخيار الوحيد

هآرتس 23/7/2024، يوعنا غونين: بايدن ذكرنا أن السياسة المسمومة لترامب ونتنياهو ليست الخيار الوحيد
من غير المهم ما الذي تفكرون به حول ولاية الرئيس جو بايدن. فنزوله عن المنصة هو اللحظة التي لا يمكن أن تثير الندم والتعاطف. مثل بطل شكسبيري بمجده وعماه جلب على نفسه سقوطه، فان الزعيم العجوز يرى رجاله المخلصين يتركونه واحدا تلو الاخر، وحتى جسده يخونه، وهو غارق في مشكلة كبيرة ويواجه صعوبة في فهم كيف حدث كل ذلك.
في لحظة كهذه ايضا اعداء لدودين اعتادوا على اعطاء القليل من الرحمة واظهار مستوى معين من التسامح، سواء من خلال تأكيد السخاء أو من خلال الاعتراف الصادق بالانسانية المشتركة لنا جميعا، التي تمكننا من تشخيص اجزاء فينا في كل مأساة كبيرة. دونالد ترامب ليس كذلك. فهو شخص لا يعرف التسامح حتى لو تم تثبيته على الحائط.
“جو بايدن الفاسد هو الرئيس الاسوأ في تاريخ الأمة”، كتب ترامب في شبكة “تروث سوشيال” في اعقاب اعلان بايدن عن انسحابه. من هناك نزل كالعادة الى سلسلة اقوال منفلتة العقال، أن بايدن تم تحطيمه في المواجهة بينهما، وأنه غير مصاب بالكورونا، وأن وضعه الذهني سيء جدا الى درجة أنه لا توجد لديه أي فكرة عن مكان وجوده. لم يظهر أي ذرة من الرحمة ازاء سقوط عدوه، فقط عداء وكراهية وتطاول مخجل يصل الى مدى رؤية العين.
ترامب هو في الحقيقة شخص نرجسي ومتخلف عقليا. لكنه يفهم بعض الامور في التسويق، ويعرف كيفية تشغيل الناس. هو يتصرف بهذا الشكل لأنه يعرف أن من يؤيدونه ليس فقط يوافقون على ذلك، بل هم متعطشون اليه. هم يطمحون الى رؤيته وهو يركل شخص مصاب ويتبول على مسلمات الحشمة واللباقة ويكشف الجوانب السادية المظلمة للنفس البشرية.
زعماء مثله يحولون السياسة الأنيقة الى ساحة مصارعة، مكان يأتون اليه ليس من اجل امور مهمة مثل الدفع قدما بالسياسة والقيام بمهمات عامة، بل من اجل المتعة والمال والسلطة، ويجرون خلفهم اشخاص نسوا أنه في مثل هذه الساحة كل واحد، ايضا هم، يمكن أن يتم رميه مثل فريسة للأسود على خلفية هتافات الجمهور.
لا يمكن الكتابة عن ترامب باللغة العبرية بدون الكتابة عن بنيامين نتيناهو: سياسي لا توجد لديه أي كوابح أو قيم، وهو لا يرتدع عن استخدام أي شيء، وهو مستعد للكذب والتحريض وتدمير دولته من اجل الحفاظ على بقائه في الحكم.
هذا الزعيم لا يوجد في فضاء فارغ. فهو بحاجة الى جمهور كبير من المؤيدين الذين يستمتعون معه بالشعور بالثمل لغياب القانون والاخلاق، والحلم الصبياني بوجود غير مقيد وبايذاء الناس عندما يكونون في ذروة الضعف (تل ابيب، أيار 2024: شخص ابن 67 سنة فقد ابنته وزوجها واولادهما الثلاثة في 7 تشرين الاول، مرمي على الارض واثنان يقومان بركله في رأسه وظهره).
اللاهوت البيبي مثل اللاهوت الترامبي، يقسم العالم الى خير مطلق وشر مطلق، ويعتبر القائد نوع من المسيح الذي يثير الخوف ويوجد فوق القانون، والذي يجب أن ينتصر بأي ثمن كي ينقذ الأمة من الكارثة. ولكن في نهاية المطاف هذا القائد هو الكارثة التي ستدمر الأمة بعد ادخالها في دوامة الكذب والفساد، ويفكك أسسها من اجل تحقيقه مآربه الشخصية.
في قرار انسحابه فعل بايدن العكس، فقد وضع مصالح الدولة فوق مصالحه الشخصية وذكرنا أن السياسة المسمومة لترامب ونتنياهو ليست الخيار الوحيد. القوة التي لا حدود لها هي المادة التي منها يتم بناء الديكتاتوريات، ومن هذا الوهم الخطير كان لدينا ما يكفي وزيادة.