هآرتس: بالنسبة لنتنياهو فان النصر هو شعار، في الحقيقة هو لا يريده
هآرتس 14/10/2024، ديمتري شومسكي: بالنسبة لنتنياهو فان النصر هو شعار، في الحقيقة هو لا يريده
نحاميا شترسلر نشر في “هآرتس” في 1/10 بأن العملية المدهشة ضد حزب الله، التي بدأت في 8 ايلول، عندما تم تفجير اجهزة الاتصال لآلاف اعضاء الحزب، واستمرت بمهاجمة مخازن صواريخه وتصفية سلسلة قيادته، بما في ذلك سيد القتلة حسن نصر الله، كان يمكن أن تخرج الى حيز التنفيذ قبل ذلك، على الاقل مرتين منذ 7 اكتوبر. وحسب قوله فانه بعد بضعة ايام على المذبحة، والبدء في اطلاق النار من قبل حزب الله على مستوطنات الشمال، اقترح وزير الدفاع ورئيس الاركان ورئيس الاستخبارات العسكرية ورئيس الموساد على بنيامين نتنياهو خطة عمل تشبه التي نفذت في الاسابيع الاخيرة، التي هدفت الى المس بشكل كبير بالمستوى القيادي في حزب الله الشيعي وبمخازن صواريخه بعيدة المدى. ولكن نتنياهو، كتب شترسلر، ذعر وتردد ومنع الهجوم “الذي كان يمكن أن يغير كليا وجه الحرب”.
في شهر شباط، كتب شترسلر، حاول عضوا الكابنت بني غانتس وغادي ايزنكوت اقناع نتنياهو بنقل اساس الجهد الحربي الى الشمال. ولكن في حينه ايضا خاف وذعر من العملية. الآن ايضا، حسب قوله، اثناء عملية “أسهم الشمال” ظهر نتنياهو كشخص متردد ومؤجل. فليس فقط لم يبادر ولم يدفع من اجل تصفية حسن نصر الله، بل إنه في البداية اراد تأجيل الهجوم الى حين عودته من نيويورك. بعد ذلك قدر شترسلر بأن رئيس الحكومة كان سيجد سبب للتأجيل مرة اخرى. ولكن في هذه المرة رؤساء جهاز الامن ضغطوا بكل القوة الى أن استسلم وصادق على العملية.
وصف شترسلر هذا يشوبه النقص، لأنه لا يقدم أي تفسير مرضٍ عن سلوك نتنياهو في هذه السنة ازاء المعركة في الشمال، وهو يكتفي بتحليل نفسي بدرجة معينة، الذي بحسبه نتنياهو هو شخص متردد ويميل الى التأجيل وجبان بطبيعته.
الحقيقة هي أنه لا توجد أي خطوة اتخذها نتنياهو أو امتنع عنها منذ 7 اكتوبر، لا يمكن فهمها بشكل صحيح دون الرجوع الى الاعتبار الرئيسي الذي قاده منذ تقديم لوائح الاتهام ضده، لا سيما منذ المذبحة، التي هو المسؤول بشكل واضح واساسي عن حدوثها: توقه الى البقاء في الحكم بأي ثمن من اجل ضمان بقاءه القانوني والسياسي. وهو الاعتبار الذي كان امام ناظريه في تشرين الاول 2023 وشباط 2024 عندما رفض العملية ضد حزب الله، وعندما “تم اقناعه” من قبل جهاز الامن بالموافقة على اغتيال حسن نصر الله.
في الوقت الذي يلوح فيه نتنياهو بشعار “النصر المطلق” من اجل اذكاء انفعال الجمهور الكهاني – البيبي، فان النصر الواضح في الحرب لم يكن سيفيد هدف بقائه. تفسير الامر كان انهاء الحرب واستئناف الاحتجاج، تشكيل لجنة تحقيق رسمية واحتمالية غير ضئيلة في دخوله الى السجن في اعقاب محاكمته الجنائية. اضافة الى ذلك يجب فهم تردده وامتناعه عن توجيه ضربة شديدة لحزب الله.
احتمالية “تغيير كليا وجه الحرب” في اعقاب هجوم ناجح على حزب الله، اعتبرت بالنسبة لنتنياهو مخاطرة زائدة، التي يمكن أن تخلق ديناميكية قبيل حسم اسرائيلي في الحرب، بما في ذلك الدفع قدما بصفقة مع حماس وتحرير المخطوفين، بكل ما يعنيه ذلك على مواصلة حكم عائلة نتنياهو. لماذا يأخذ مثل هذه المخاطرة التي ربما تكون نهايتها انهاء الحرب واستئناف “ملاحقة” الزعيم على يد “النخبة”، في حين أنه يمكن مواصلة القتال “على نار هادئة” الى ما لا نهاية، واستخدام الحرب كذريعة لصد مطالبة الجمهور تشكيل لجنة تحقيق رسمية وتبرير تأجيل تقدم الاجراءات القانونية.
ما الذي تغير الآن في عملية “أسهم الشمال”؟ لماذا هذه المرة ليس فقط وافق على العملية من البداية، بل حتى استجاب لضغط القيادة الامنية العليا وصادق على تصفية حسن نصر الله؟ هنا يجب الاخذ في الحسبان حقيقة اقتراب الذكرى السنوية لفشل 7 اكتوبر والتخلي عن الـ 101 مخطوف الذين بقوا لدى حماس. كان يمكن الافتراض بأنه قبل هذا اليوم كان الاحتجاج ضد حكومة الفشل والاهمال سيزداد، رغم الحرب، ويصل الى ابعاد كان فيها تهديد حقيقي لحكم عائلة المهمل. هذه المخاطرة واضح أنها كانت كبيرة بما فيه الكفاية كي يوافق نتنياهو على اخذ مخاطرة اخرى وهي تحقيق نجاح كبير جدا في الجبهة الشمالية، الامر الذي ينطوي على “خطر” حقيقي بانتهاء الحرب.
هكذا، عملية تصفية حسن نصر الله نجحت بالنسبة لنتنياهو أكثر مما كان التقدير. تبين أن “خطر” انهاء الحرب لا يهدده في اعقاب ذلك، لأن اطلاق حزب الله للنار نحو مستوطنات الشمال وحتى بعدها، استمر. من الناحية الاخرى، عملية اسرائيل ضد حزب الله وضد قيادته السياسية والعسكرية حققت الغاية الرئيسية لرئيس حكومة الفشل، أنها تسببت – في اعقاب التصعيد في الشمال – بزيادة شلل الاحتجاج ضده في مسألة المخطوفين ومواصلة جهود ابعاد هذه القضية الى الزاوية.
مرة اخرى تمكن مدمر شعب اسرائيل، الذي يتولى منصب رئيس الحكومة، من هزيمة شعبه، بدعم اجزاء كبيرة فيه – التي بالنسبة لها لتحترق الدولة شريطة مواصلة الزعيم المبجل الامساك بزمام السلطة.