هآرتس: ايلي فيلدشتاين هو ماساة اسرائيلية

هآرتس 26/12/2025، كارولينا ليندسمان: ايلي فيلدشتاين هو ماساة اسرائيلية
ايلي فيلدشتاين طلب من عومري اسنهايم ان يرى انسان امامه وان يستمع لقصته. بالفعل نجحت حلقات المقابلة الثلاثة في وضع انسان امامنا وكشف لنا قصة حياته. اذا اردنا تسمية هذه القصة فان الاسم المناسب اكثر لها هو “ماساة إسرائيلية”. فيلدشتاين هو ماساة إسرائيلية.
عندما “تذكر” بنيامين نتنياهو انه يعرف فيلدشتاين الذي كان يعمل في مكتبه، وصفه بقوله: “هذا وطني إسرائيلي، صهيوني متحمس، نقيب في الاحتياط، شق طريقه من عالم التوراة الى عالم الجيش. لا توجد أي احتمالية لان يفعل أي شيء عن قصد يعرض امن الدولة للخطر”. بعد الاستماع الى رواية فيلدشتاين، أنا اميل الى الموافقة على هذا الوصف. مشكلة فيلدشتاين أو مأساته، ليست في تعريضه أمن الدولة للخطر، بل في انه لا يعرف ما هي الدولة. لقد اقتنع كليا بان الدولة هي نتنياهو. وهذا الفهم لا يعفيه من تحمل المسؤولية عن افعاله، لكن هذا الفهم ربما يفسر كيفية وصوله الى ذلك.
نظرا لان فيلدشتاين كان على قناعة بان الدولة هي نتنياهو فقد غفل عن الإشارات التي نبهته عن وجود خلل في المملكة. كيف يعقل ان يوافق شخص شق طريقه لوحده في جيل الـ 21 من عالم التوراة الى عالم الجيش، وخالف مسار الحياة الذي ولد فيه وارتقى الى منصب رفيع في مكتب رئيس الحكومة، يوافق على خطة غير قانونية دبرت من اجل دفع ثمنها. ان يفتح مصلحة تجارية مرخصة ويحول الفواتير الى غيل بيرغر، وبعد ذلك يكتشف انه يعمل لصالح غاي بوتليك، اليهودي الأمريكي، الذي هو في الواقع يعمل في جماعة ضغط لصالح قطر في الولايات المتحدة. هل هذه دولة.
من اقوال فيلدشتاين يتضح انه لا وجود لدولة إسرائيل، بل هناك نتنياهو وحده. الدولة هي هو. هو القانون. هو السلطة. ان التشويش لدى فيلدشتاين عميق الى درجة انه يعتبر الجيش ورئيس الأركان جهة معادية، أو على الأقل تثير الريبة. ويتضح ذلك عندما يروي حوار دار بينه وبين هرتسي هليفي، أو عندما يصف غضبه الشديد من المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هجاري، الذي طلب منه عدم التحدث مع المراسلين العسكريين. وهذا لا يقل غرابة عن استعداده لتنفيذ مهمة اعتقادا منه بان الجيش الإسرائيلي يخفي وثائق مهمة جدا لامن الدولة عن رئيس الحكومة. ويزداد الامر غرابة في سيرة فيلدشتاين عندما يقول في شهادته بان الجيش هو المكان الذي وجد فيه وطنه الأول (“كل ما بنيته في حياتي… هو بفضل ما فعلته وحققته في الجيش الإسرائيلي. انا لا املك أي شيء بدون الجيش الإسرائيلي”).
اسنهايم ينجح هنا في رواية قصة وعي مشتت. عندما يهبط فيلدشتاين من مكتب رئيس الحكومة الى غرفة التحقيق في الشباك، يصاب بألم كبير. فهو خائف، مضطرب، ومندهش على الاغلب. ولكن ما يحطمه، بل ويدمر هويته، هو تنصل مكتب رئيس الحكومة منه. ففي اللحظة التي يتنصل فيها نتنياهو وموظفو مكتبه منه ينشأ شرخ في داخله. يجلس في غرفة التحقيق ولا يعرف كيفية الإجابة على سؤال من هو.
لكن هذا الشرخ لا يتوقف عند شخص واحد، بل يشير الى خط الصدع في واقع سياسي بأكمله. شرخ فيلدشتاين ينتظر جماهير أخرى غيرت هويتها من إسرائيليين الى مؤيدين لنتنياهو، الذين استبدلوا الدولة به، الذين غضوا النظر عن اكاذيبه وسلوكه المشين ووافقوا على اعتبار مؤسسات الدولة جهات معادية للدولة – أي لنتنياهو – بما في ذلك الجيش، الذي يعتبر رمز مقدس. وعندما تقع عليهم مسؤولية نتنياهو – هذه اللحظة تقترب يوما بعد يوم – هم لن يفقدوا قائد فحسب، بل سيفقدون هويتهم. فبمجرد انهيار هذا القائد فانه لن يبقى وطن يتمسكون به أو هوية يعودون اليها.



