هآرتس: ايران والحكومة تبقيان الإسرائيليين في حالة غموض
هآرتس 4/8/2024، عاموس هرئيل: ايران والحكومة تبقيان الإسرائيليين في حالة غموض
اسرائيل توجد منذ يوم الاربعاء الماضي في حالة استعداد متزايد لامتصاص الضربة. جهاز الامن وسلاح الجو على رأسه انتقل الى حالة استعداد قصوى دفاعية، ازاء تهديدات ايران ووكلائها بالانتقام قريبا وبشكل مؤلم على الاغتيالات الاخيرة. اسرائيل والولايات المتحدة تنسقان فيما بينهما النشاطات لصد هجوم صاروخي ومسيرات محتمل، وحتى أن الامريكيين اعلنوا عن نقل حاملة طائرات اخرى الى الشرق الاوسط، “لنكولن”، التي ستنضم الى “روزفلت” الموجودة في خليج عُمان. اضافة الى ذلك ينشرون في المنطقة منظومات دفاع جوي وسفن وطائرات قتالية. من المرجح الافتراض أنه يتم التنسيق مع دول عربية صديقة في المنطقة.
في غضون ذلك فان الولايات المتحدة ودول غربية طلبت من مواطنيها الخروج من لبنان. ايران وحزب الله رفضوا الجهود الدبلوماسية لدول غربية من اجل تهدئة النفوس وتخفيف الردود. ايران تتهم اسرائيل باغتيال قائد حماس اسماعيل هنية، وهي تعتبر العملية على اراضيها تجاوز للخطوط الحمراء. في حين أن حزب الله يشك في أن الدبلوماسيين الذين نقلوا الرسائل قبل عملية الاغتيال الاسرائيلية لرئيس الاركان في الحزب فؤاد شكر، ضللوهم بشكل متعمد عندما اشاروا الى أن الهجوم لن يكون في بيروت.
“ووسل ستريت” جورنال اقتبست أمس مصادر عربية قالت بأنه تم نقل رسائل من اسرائيل الى ايران، التي بحسبها اسرائيل مستعدة للحرب الشاملة، اذا كان رد ايران نحو تل ابيل أو مدن اخرى في الجبهة الداخلية قاس جدا. في هجوم ايران السابق على اسرائيل في نيسان اهتمت ايران بتوضيح مسبقا موعد اطلاق الصواريخ والمسيرات، واسرائيل والولايات المتحدة استعدت بشكل جيد لاعتراضها. في هذه المرة ايران تفضل الصمت اللاسلكي.
الانقلاب يرفع رأسه
ما نشاهده حتى الآن هو حوار معين بين الحكومة وبين الجمهور في اسرائيل. الحكومة تعتبر نفسها معفية من تقديم التوضيحات للمواطنين على ما هو متوقع أو حول القرارات والاحداث التي أدت بنا الى نقطة متوترة جدا في المواجهة، التي يمكن أن تتطور الى حرب اقليمية. يبدو أن وسائل الاعلام تعودت على ذلك. رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، يظهر أمام العدسات فقط عندما يكون بالامكان التفاخر بانجازات عسكرية، وحتى عندها هو يتملص من اعطاء أي اجابات على الاسئلة.
اضافة الى ذلك، على شفا تصعيد خطير جدا وفي الوقت الذي لا يوجد فيه أي تقدم في المفاوضات على صفقة التبادل مع حماس، فان نتنياهو ينشغل في الالتشاور والاستعداد والتسريب قبل عزل وزير الدفاع يوآف غالنت من منصبه واستبداله المحتمل بجدعون ساعر. المقربون منه يرمزون الى أنه لن يكتفي بذلك. فهو يحلم بقطع رؤوس منهجي في القيادة العليا، الذي سيشمل ايضا عزل رئيس الاركان هرتسي هليفي، ورئيس الشباك رونين بار. عندها سيكون بامكانه القاء عليهم اخيرا المسؤولية عن الاخفاقات التي مكنت من حدوث مذبحة 7 تشرين الاول، التي يرفض تحمل أي مسؤولية عنها.
الحساب في التويتر “أخبار قبل سنة” يوثق الآن احداث آب 2023. تقريبا كل يوم يمكن ايجاد هناك امثلة على تجاهل نتنياهو المطلق لأي تحذير حول الكارثة الامنية المتوقعة اذا صمم على تقسيم المجتمع الاسرائيلي حول خطواته التشريعية.
نتنياهو يبدو أنه في حالة نشوة وكأنه على قناعة بأن الاحداث الاخيرة، بدءا بالاغتيالات في المنطقة وحتى التصفيق الذي حظي به اثناء القاء خطابه في الكونغرس في واشنطن، تثبت بأنه محق طوال الطريق. خطواته السياسية تزداد تطرفا وفقا لذلك. الحملة ضد رؤساء جهاز الامن تستمر بكامل القوة، لكنها توجه ايضا لاهداف اخرى. الهدف الرئيسي هو ضعضعة شرعية حركات الاحتجاج وعلى رأسها “اخوة في السلاح”. المحاولة المركزة لتهديد رؤساء جهاز الامن والاعضاء فيه لم تكن بالصدفة. فهناك خطوات تحضيرية قبل امكانية ازاحة القيادة العليا الامنية. الهدف هو ابعاد عن الطريق من يمكنه محاولة ازعاج وتكرار ليلة غالنت التي كانت في آذار العام الماضي. اذا تم تنفيذ هذه الخطوة في الوقت الذي تنطلق فيه المدافع، وشرطة بن غفير ساعدت في قمع الاحتجاج، فمن المحتمل أن ينجح. في الخلفية يطل الانقلاب النظامي برأسه القبيح مرة اخرى. ويكفي أن نتابع التصريحات الاخيرة لياريف لفين.
في الوقت الذي يقوم فيه نتنياهو ولفين بالمناوشات مع جهاز الامن وجهاز القضاء فان منظومة نشيطة من المساعدين والاتباع في وسائل الاعلام وفي الشبكات الاجتماعية تتجند لتبرير كل خطيئة. المخطوفون الذين يتعفنون في أسر حماس يجب عليهم مرة اخرى الانتظار. سفر وفد أمس الى القاهرة من اجل اجراء المحادثات مع رؤساء المخابرات المصرية يبدو كرفع العتب من قبل نتنياهو، لا سيما على خلفية الاستعداد لهجوم ايران المضاد.
سلوك رئيس الحكومة يواصل التميز بالتناقضات الكثيرة. في محادثة هاتفية مع الرئيس الامريكي جو بايدن طلب مساعدة امريكية اخرى، رغم أنه حسب ادعاءات الادارة الامريكية لم يتم ابلاغهم مسبقا عن العمليات الاسرائيلية، رغم أن بايدن عاد ووبخه بشكل مؤثر بسبب تأخير صفقة المخطوفين. في نهاية الاسبوع نشر عن تصادم شديد بين رئيس الحكومة ورؤساء جهاز الامن عندما رفض توصيتهم بالدفع قدما بالمفاوضات. ولكن هؤلاء القادة الكبار لا يخرجون علنا حتى الآن ضد نتنياهو، باستثناء تصريحات صغيرة للوزير غالنت. الجمهور في غالبيته لا يبالي. البحث عن رؤساء احزاب المعارضة مستمر. والى حين استيقاظهم من سباتهم سيكون الوقت متأخر جدا.
بعد هياج زعران اليمين في الاسبوع الماضي واقتحام معسكرين للجيش الاسرائيلي فان رئيس الحكومة اهتم بالمقارنة بينهم وبين الاحتجاج ضد الحكومة (الذي يتظاهر المشاركون فيه ايضا من اجل اطلاق سراح المخطوفين)، بذريعة أن الامر يتعلق بمظاهر عنف متشابهة، رغم أنه لا يوجد أي تشابه بين هذه الافعال. في هذه الاثناء الشرطة احتجزت أمس للتحقيق نشطاء احتجاج تجرأوا على المشاركة في نزهة في حديقة عامة قرب منزل رئيس لجنة الخارجية والامن، يولي ادلشتاين. بصورة ما لا أحد من المشاركين في اعمال الشغب في قواعد الجيش الاسرائيلي تم اعتقاله، رغم أن بعضهم معروفين. الشرطة في السابق كانت ضحية الانقلاب النظامي؛ ومصير الاجهزة الاخرى يتعلق بقوة معارضة الجمهور لخطوات نتنياهو القادمة.