هآرتس: انقلاب قانوني وراء الخط الأخضر
هآرتس 20-6-2023، بقلم رونيت لفين سانور وميخال سلترنك: انقلاب قانوني وراء الخط الأخضر
قرار الحكومة حول يتعلق بإجراءات البناء في المستوطنات يظهر للوهلة الأولى بأنه موضوع تقني بيروقراطي، لكن الحديث يدور عن خطوة دراماتيكية لا تقل عن التغييرات الدستورية التي تحظى باهتمام كبير في هذه الأثناء. هذا القرار يعدل القرار 125 من فترة حكومة نتنياهو الأولى في العام 1996. ووفقاً للقرار الأصلي، فإن البناء في المستوطنات يحتاج إلى مصادقة وزير الدفاع (ليس فقط جهات التخطيط المهنية)، على كل مرحلة من المراحل الحاسمة في إجراءات التخطيط، وضمن ذلك تخصيص الأرض والتفويض بالتخطيط والإيداع وإقرار خطة هيكلية.
المطالبة بمصادقة وزير الدفاع على كل مرحلة عكست الفهم بأن البناء في المستوطنات غير القانونية حسب القانون الدولي، له تداعيات قانونية وسياسية وأمنية بعيدة المدى. هذا الطلب مكن المستوى السياسي من وقف أو تأجيل إجراءات البناء في المستوطنات حسب الوضع السياسي والأمني المتغيرين، وعمل على إبراز التمييز بين البناء داخل حدود الدولة السيادية والبناء على أراض محتلة تخضع لسيطرة عسكرية إسرائيلية مؤقتة.
ينص القرار الجديد على أنه من الآن فصاعداً سيحتاج إلى مصادقة المستوى السياسي فقط في المرحلة الأولى من التفويض الجديد للتخطيط (في مستوطنات حضرية قليلة أيضاً في فترة نشر العطاءات للبناء)، وأن المستوى السياسي الذي يصادق لن يكون بعد اليوم هو وزير الدفاع، بل الوزير الآخر في وزارة الدفاع بتسلئيل سموتريتش. ووفقاً للقرار الجديد، لا حاجة إلى مصادقة المستوى السياسي حتى عندما يدور الحديث عن “توسيع” المستوطنات (مفهوم تفسيره الفعلي أيضاً هو إقامة “أحياء” جديدة، غير قريبة من مستوطنات قائمة تعمل فعلياً ككيان منفصل). وإذا لم يكن هذا كافياً، فسيكون ممكناً شق الشوارع من أجل المستوطنين بدون مصادقة المستوى السياسي.
معنى القرار الجديد هو أن الجهة السياسية الوحيدة المفوضة بتقييد البناء في المستوطنات هو الشخص الذي أعلن منذ فترة قصيرة بأن الإدارة الجديدة التي شكلها في وزارة الدفاع تخطط لمضاعفة عدد المستوطنين، من نصف مليون إلى مليون. والقرار الجديد سيمكن سموتريتش من تطبيق هذه الخطة وسيمنح تفويضاً للتخطيط في المستوطنات بحجم أوسع خلال فترة قصيرة. بعد إعطاء مثل هذه التفويضات، سيكون من الصعب على أي حكومة مستقبلية وقف إجراءات التخطيط والبناء، بسبب الخوف من الالتزام بدفع التعويضات لمن اعتمدوا عليها. وسيمكن القرار أيضاً من تنفيذ، دون أي انتقاد من المستوى السياسي، تفويضات قائمة للتخطيط، وضمن ذلك التفويض الذي أعطي قبل سنوات كثيرة للهستدروت الصهيونية حول مئات آلاف الدونمات في الكتل الاستيطانية. هذا أمر مقلق؛ لأن بعض هذه التفويضات أعطيت بشكل جارف، وتشمل أراضي خاصة لفلسطينيين.
هناك إشكالية أخرى في قرار الحكومة يتعلق بالمادة الأخيرة فيه، التي تفوض الوزير الآخر في وزارة الدفاع بإجراء تغييرات في التشريع العسكري في “المناطق” حتى يتناسب مع إجراءات التخطيط والبناء الجديدة. هذا الأمر يعزز خلق مؤسسات حكم منفصلة وتشريع منفصل لليهود والفلسطينيين في المناطق المحتلة، الذي يراكم التسارع منذ تشكيل “إدارة الاستيطان” برئاسة الوزير الآخر، ونقل معظم صلاحيات الإدارة المدنية التي تتعلق بالمستوطنات لهذه الإدارة. هذا التوجه الذي يناقض قواعد القانون الدولي، ينعكس أيضاً في تجديد آخر مشمول في قرار الحكومة، الذي يقتضي المصادقة المسبقة لوزير الدفاع قبل الدفع قدماً بخطط بناء للفلسطينيين في الأراضي المملوكة ملكية شخصية؛ أي وزير واحد وقانون واحد لليهود، ووزير آخر وقانون آخر للفلسطينيين، رغم أنهم جميعاً يعيشون في المكان نفسه.
قرار الحكومة الذي تم تبنيه في أعقاب التعهد الذي أعطي لقائمة “الصهيونية الدينية” في الاتفاقات الائتلافية، يهدف إلى منع أو تقليص الرقابة على البناء في المستوطنات، ليس فقط من قبل الحكومة بل أيضاً من قبل الجمهور في إسرائيل والمجتمع الدولي، الذين سيعرفون بأثر رجعي عن إعطاء مصادقة التخطيط الأولية، التي تعد مصادقة نهائية للمستوى السياسي. الخطة هي عدم إبراز الصورة والتعامل مع الأراضي المحتلة على أنها أراض سيادية، وكل ذلك بتجاهل تام للقانون الدولي. في الوقت الحالي، انتقدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومبعوث الأمم المتحدة في الشرق الأوسط هذا القرار. وهم ينوون فعلياً متابعة التطورات عن كثب. قد يؤثر هذا القرار أيضاً على الرأي الاستشاري الذي ستنشره محكمة العدل الدولية لاحقاً حول الاحتلال الإسرائيلي في “المناطق”. والآن نأمل أن يدرك المواطنون الإسرائيليون، المتأهبون واليقظون هذا المعنى الكامن في خطوات الحكومة والعلاقة غير المنفصلة بين توسيع المستوطنات وتطبيع السيطرة على المناطق المحتلة، وبين الانقلاب النظامي والمس بالديمقراطية وسلطة القانون في إسرائيل.