ترجمات عبرية

هآرتس: انضمام الولايات المتحدة الى الحرب لا يبشر بالضرورة باسقاط نظام آيات الله

هآرتس 23/6/2025، كسانيا سبتلوفاانضمام الولايات المتحدة الى الحرب لا يبشر بالضرورة باسقاط نظام آيات الله

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قام بالوفاء بوعده. فقد ارسل الى ايران القاذفات الثقيلة التي حملت “خارقة التحصينات” وقام بقصف ثلاث منشآت نووية وهي فوردو ونتانز واصفهان. منذ الساعات الأولى بعد القصف وفي ذروة النشوة المجنونة التي سيطرت على دولة كاملة في الشرق الأوسطـ، بدأت تطفو أسئلة هامة: ما الذي حدث لنصف الطن من اليورانيوم المخصب، الذي يبدو انه تم نقله من منشأة فوردو الى مكان آخر، وكيف يمكن انهاء الحرب بعد ان أوقع الجيش الأمريكي هذه الضربة القاسية على النظام في ايران. اذا كان واضح قبل القصف بان الطرفين يتجهان، سواء للدبلوماسية أو الحرب، فما الذي سيحدث الآن عندما في الواقع انضمت الولايات المتحدة للجهد العسكري لإسرائيل للمرة الأولى في تاريخها؟.

في ظروف صعبة وجدت ايران نفسها في عزلة تامة: روسيا والصين ادانت بشدة الهجوم الأمريكي. وقبل ذلك ادانت الهجوم الإسرائيلي. ولكنها غير مستعدة لعرض على طهران أي حل عسكري أو حماية دبلوماسية حقيقية. في نفس الوقت حتى الآن المليشيات الشيعية في لبنان وفي العراق ما زالت تجلس جانبا. أمس طوال الوقت واصلت جهات رفيعة في حزب الله وفي العراق الشرح لماذا إيران التي هي دولة سيادية وقوية تستطيع لوحدها مواجهة التهديد الأمريكي والإسرائيلي. الوحيدون الذين قفزوا على العربة هم الحوثيون. فقد اعلنوا عن الغاء اتفاق وقف النار مع الولايات المتحدة، ولكنهم حتى الآن لم يهاجموا السفن الامريكية.

ايران استثمرت في المقابل، خلال سنوات، في البرنامج النووي ومنظومة الوكلاء المتشعبة التي امتدت لتشمل سوريا، لبنان، العراق واليمن. وقد وافقت على اجراء المفاوضات مع الدول العظمى الخمسة شريطة أن لا يشمل الاتفاق أي ذكر لشبكة الوكلاء، وأيضا لم توافق على التنازل عن الذخر الثاني لها وهو المشروع النووي. في 2021 انتقلت الى تخصيب اليورانيوم بمستوى عسكري، بعد التفجير في المنشأة النووية لتخصيب اليورانيوم في نتانز. في ايران اعتقدوا ان إسرائيل هي التي وقفت من وراء الهجوم على المنشأة، وأن الهدف كان افشال المفاوضات الايرانية حول الصفقة النووية.

في الأشهر الأخيرة في 2024، بعد ان حطمت إسرائيل قوة حزب الله، زادت ايران كمية اليورانيوم المخصب بمستوى 60 في المئة، التي هي مرحلة تقنية قصيرة فقط من المستوى المطلوب للسلاح النووي، 90 في المئة. الشعور بالتهديد الذي ازداد عند اسقاط نظام الأسد على يد من ترعاهم تركيا، فقط عزز هذا الشعور. واحتمالية تنازل طهران عن ذخرها النووي في اعقاب المفاوضات مع ترامب كانت ضعيفة من البداية، لأنه منذ لحظة انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الأصلي تعامل النظام في ايران بتشكك مع الصفقات التي تقترحها الإدارة الامريكية في واشنطن.

السؤال الذي يقف الآن امام متخذي القرارات في إسرائيل وفي الولايات المتحدة وفي أوروبا والدول العربية هو هل القاء “أم القنابل” على فوردو ونتانز واصفهان حول الإيرانيين الى اكثر مرونة واستعداد للتنازل، أو العكس؟. بالنسبة للنظام في ايران فان “المظلة النووية” وبرنامج الوكلاء كان يمكن أن يوفرا له الحماية الكاملة من الذين حلموا باسقاطه من الخارج. توزيع القوة بين قوات الامن على أنواعها وبين الجيش والحرس الثوري، استهدف التوصل الى سيطرة مطلقة في الساحة الداخلية. لا شك ان النظام في ايران تعرض لضربة شديدة منذ 13 حزيران، وفقد الكثير من الذخائر الاستراتيجية. حتى الآن لا يوجد أي مؤشر على ان هذا النظام في الطريق الى الانهيار رغم كل ما يكتب حول ذلك في الاعلام الإسرائيلي. هذا النظام الذي وضع نصب عينيه القضاء على دولة إسرائيل وتصدير الثورة الإسلامية الى دول الشرق الأوسط وتحدي “الشيطان الأكبر، الولايات المتحدة، ما زال يحكم. ولكنه الآن في حالة يأس وخوف.

ربما انهم في الولايات المتحدة يعتقدون ان القصف الليلي كان حدث لمرة واحدة، وأنه بعده سياتي آيات الله الى طاولة المفاوضات راكضين، وبسرور سيتنازلون عن طفلهم المدلل الذي كرسوا له جهودهم لثلاثة عقود. في الشرق الأوسط يعرفون ان الإيرانيين يتفوقون في الركض لمسافة طويلة. حتى لو كان نطاق أدوات طهران محدود، الا انها ما زالت تمتلك الوسائل لتهديد إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة، ومهاجمة القواعد العسكرية الامريكية واغلاق مضيق هرمز – السيناريو الذي يمكن ان يهز الاقتصاد العالمي ويضر بشكل خاص بالصين، الداعمة الرئيسية لطهران، وبالدول العربية الجارة، التي تشعر الان بانها أسيرة لإيران وامريكا وإسرائيل.

بالطبع هناك موضوع النووي نفسه. سيناريو الكابوس هو نسخة طبق الأصل لحالة كوريا الشمالية: تركيز الجهود على القنبلة النووية وتحقيق اختراق سريع لضمان بقاء النظام. بعد الاختراق الكبير للموساد الإسرائيلي للمؤسسات الحكومية وقوات الامن الإيرانية فهل توجد احتمالية لحدوث ذلك؟. اذا تمكنت ايران من كمية كبيرة من اليورانيوم خلال أسبوع ونصف من الحرب، وكل ذلك تحت عيون الولايات المتحدة وإسرائيل، فان من المحتمل أن يتحقق هذا السيناريو.

الهدف الرئيسي للنظام في ايران منذ 1979 وحتى الآن كان وما زال البقاء. هذا النظام تجاوز الحرب مع العراق والعقوبات الشديدة ومحاولات التمرد الكثيرة، وتصلب جدا. الآن هو يحاول إدارة معركة محسوبة التي في نهايتها سيضمن بطريقة معينة استمرار بقاءه. “حلقة النار” في الشرق الأوسط التي بنيت على مدى سنين لا يمكن ترميمها في الوقت الحالي. الخيار الثاني الذي يضمن استمرار بقاء النظام في ايران هو الخيار النووي. فهل رجال الدين الشيعة الذين يولدون ويعيشون ويموتون في ظل المعاناة والاضطهاد، التاريخي والاسطوري، سيعطون الثقة للغرب، سواء كان الامر يتعلق بترامب أو أوباما أو أي شخص آخر. الإجابة على هذا السؤال لن تكون إيجابية الا اذا تم ترك ايران بدون الخيار النووي. ما زال من السابق لاوانه معرفة كيف ستنتهي الحملة الامريكية القصيرة والشديدة، واذا ما كان الشرق الأوسط سيتنفس بحرية اكبر، على امل أن يتم رفع السيف النووي عن عنقه.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى