هآرتس: انتقاد ماكرون لنتنياهو أوضح أن العالم لم يعد جالسًا على السياج
هآرتس 5-2-2023، بقلم يونتان ليس: انتقاد ماكرون لنتنياهو أوضح أن العالم لم يعد جالسًا على السياج
على رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، أن يعتاد البدء، ينزل القادة في أوروبا وفي الولايات المتحدة عن الجدار تباعاً ويعبرون عن قلقهم من خطة إضعاف جهاز القضاء. من كانوا حذرين منذ البداية ممن رأوه كتدخل إشكالي في الشؤون الداخلية الإسرائيلية، يعبرون الآن عن مخاوف حقيقية على مصير قيم ديمقراطية أساسية في حالة تم تمرير الخطة. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هو آخر من في السلسلة – حتى الآن.
في الأسبوع الماضي، خرج وزير الخارجية الأمريكي علناً أيضاً، وإن بصورة مهذبة، ضد الخطة في لقائه مع نتنياهو. وقد سبقته رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ماتسولا، التي استضافت الرئيس إسحق هرتسوغ قبل نحو أسبوعين. أشارت ماتسولا إلى أنها تحدثت مع الرئيس عن “التطورات القانونية في إسرائيل” وأوضحت: “الاتحاد الأوروبي وإسرائيل مرتبطان بعلاقات صداقة قوية تقوم على قيم مشتركة من بينها الديمقراطية وسلطة القانون. لا يمكن التعامل معها كأمور قائمة بحد ذاتها”. الآن يمكن الافتراض بأن الموضوع لن ينزل عن جدول الأعمال. قد يسمع نتنياهو انتقاداً مشابهاً في كل رحلة له في المستقبل القريب إلى البيت الأبيض وإلى عواصم رئيسية في أوروبا.
ماكرون فاجأ البعثة الإسرائيلية. وكان نتنياهو قدر بأن اللقاء في باريس – وهو زيارة عمل سياسية أولى له (باستثناء رحلة صغيرة إلى الأردن)، ستكون حدثاً ودياً ومسيطراً عليه. في لقاءات سابقة بين الطرفين، أوضح رجال الإدارة في فرنسا بأن الرئيس لن يحرج نتنياهو بقضايا مختلف عليها. ولكن في اللقاء الذي جرى مساء أمس، طرح ماكرون الموضوع في المحادثة وعبر عن تخوف من المس بالديمقراطية. أحد الحاضرين في اللقاء سرب هذه الأمور لصحيفة “لوموند”، فأشعل هذا النبأ وسائل الإعلام. مصدر إسرائيلي شارك في اللقاء قال بأنه لاحظ هذا البند في صفحة الرسائل المكتوبة التي كانت أمام ماكرون. وحسب قوله، طرح هذا الموضوع على هامش اللقاء، الذي تركز في الأساس على المشروع النووي الإيراني.
نتنياهو نفسه تطرق للانتقاد العالمي باستخفاف. “لقد تولد لدي انطباع بأن ماكرون لم يكن ضالعاً بكل تفاصيل الإصلاح”، قال مصدر في حاشية نتنياهو في محادثات مع المراسلين. وألمح بأن التوضيحات التي قدمها نتنياهو هدأت مخاوف ماكرون. ولكن في بداية الأسبوع الماضي، نجح نتنياهو كما يبدو بدرجة أقل عندما تطرق بلينكن لخطة نتنياهو – لفين بالتحديد بعد جلوسه مع نتنياهو وسمع توضيحاته حولها. من المبكر معرفة ما إذا سيبقى الانتقاد العالمي منضبطاً أم أن الحكومة ستتجه نحو مواجهة أكثر أهمية مع المجتمع الدولي في هذا الموضوع.
زيارة نتنياهو في باريس كانت طويلة جداً. وعلى الرغم من أنها امتدت من الخميس حتى السبت، إلا أن ثلاثة أحداث ظهرت في الجدول الزمني الرسمي: وجبة عشاء مع ماكرون الخميس، ولقاءان قصيران مع رجال أعمال فرنسيين وأعضاء الجالية اليهودية هناك، التي استهدفت إعطاء إشارات داعمة لنتنياهو وسياسته. بصورة غير مفاجئة، لم يسمح للمراسلين الذين رافقوا نتنياهو بالانضمام للقاءين الأخيرين وأخذ الانطباع بصورة مباشرة حول مواقفهم. مكتب رئيس الحكومة لم يعرض قائمة رجال الأعمال الذين جاءوا للالتقاء مع نتنياهو. بعد اللقاء، أصدر مكتب رئيس الحكومة بياناً كتب فيه بأن رجل أعمال، دون ذكر اسمه، قال: “ما يقال عن هرب المستثمرين هراءات. نريد أن نزيد الاستثمارات في إسرائيل”.
كان عضو البرلمان مئير حبيب، الصديق والمقرب منه، هو من رافق نتنياهو عن قرب في اللقاءات يوم الجمعة. في موازاة الأحداث، أعلن المجلس الدستوري في فرنسا عن إنهاء انتخاب حبيب للبرلمان بعد أن اكتشفت “مخالفات ومناورات، يبدو أنها تهدف إلى التأثير على مصداقية التصويت”. في الأسابيع الأخيرة وعلى خلفية عزله المتوقع، حاولت شخصيات في فرنسا الدفع قدماً بتعيينه سفيراً لإسرائيل في فرنسا، وهكذا يحل محل السفيرة المستقيلة ياعيل جيرمان.
جيرمان، التي ستنهي منصبها بعد نحو أسبوع، تم إقصاؤها عن الزيارة بتوجيه من مكتب رئيس الحكومة بسبب العداء بين الطرفين. مصدر مطلع على مبادرة تعيين حبيب، وجه إليها الانتقاد. حسب أقوال هذا المصدر، “مشكوك فيه إذا كان سيتم المضي بهذه العملية. في الظروف التي نشأت، سيكون حبيب هو “الوجه الجميل لإسرائيل”، وقرار تعيين شخص تورط مع السلطات في فرنسا ربما يفسر بطريقة غير جيدة. يمكن الافتراض بأن حبيب لن يسارع إلى التنازل عن مواطنته الفرنسية من أجل هذا المنصب”.
أوضح نتنياهو في نهاية الأسبوع بأن اللقاء مع ماكرون كان مهماً وله مغزى. الحديث عن خطة إضعاف جهاز القضاء قيل حقاً على هامش المحادثة بينهما، ولكن الزعيمين انشغلا بتوسع في قضية النووي الإيراني. شعر نتنياهو أن هناك تقارباً بين الطرفين، وطلب من ماكرون العمل على الاعتراف بحرس الثورة الإيراني كمنظمة إرهابية، والرئيس الفرنسي وافق على المضي بهذا الموضوع. الحلف المقلق الذي بين إيران وروسيا يساعد إسرائيل في تجنيد المجتمع الدولي للعمل ضد إيران.
تشعر فرنسا وإسرائيل الآن بأنه صلاحية بنود قرار مجلس الأمن رقم 2231 ستنتهي بعد بضعة أشهر، وهي البنود التي تمنع إيران من تصدير أو إدخال صواريخ بالستية إلى حدودها تحمل رؤوساً متفجرة بوزن 500 كغم وأكثر مع مدى أكثر من 300 كم. انتهاء سريان القرار يمكن أن يرسل إيران إلى سباق تسلح جديد.
في موضوع أوكرانيا، الذي يشغل فرنسا بشكل كبير، لم يكن لنتنياهو أي بشرى. أوضح نتنياهو لماكرون بأن احتمالية أن تزود إسرائيل كييف بوسائل دفاع جوي ما زالت احتمالية ضعيفة حتى الآن. “لا أعرف دولة لها طائرات تقلع يومياً على بعد بصقة أمام الطيارين الروس. هذه هي مشكلة إسرائيل التي لا توجد لدول أخرى”، قال مصدر سياسي بعد اللقاء في الإليزيه.