هآرتس: انتصار مملكة نتنياهو .. هذه لم تعد مجرد حرب، هذا مشهد حكومي

هآرتس – جاكي خوري – 10/8/2025 انتصار مملكة نتنياهو .. هذه لم تعد مجرد حرب، هذا مشهد حكومي
مجرد وجود نقاش في الكابنت السياسي – الامني حول امكانية اعادة احتلال قطاع غزة، تقريبا بعد مرور سنتين على الحرب، لا يقل عن النصر الشخصي لنتنياهو. هذا ليس نقاش عملياتي فوري، أو مناورة استراتيجية مترددة، بل هو عمل رمزي له اهمية كبيرة. ان مجرد حقيقة انه يمكن مناقشة هذا الامر بشكل علني، بدون علاقة بجوهر القرارات وطبيعة التنفيذ والتداعيات، بعد عقدين على تنفيذ خطة الانفصال، هو الانجاز. ليس انجاز اسرائيل، بل انجاز مملكة نتنياهو.
سنتان من القصف الكثيف حولت قطاع غزة الى منطقة مدمرة، غير قابلة للعيش والسكن. على الاقل 60 ألف قتيل ومفقود، عشرات آلاف المصابين، بنى تحتية مدمرة ومئات آلاف المهجرين. اوامر اعتقال دولية تم تقديمها ضد نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالنت. وهي عملية غير مسبوقة في تاريخ اسرائيل. التوقعات بشان “تسونامي سياسي” تحققت، ودول كثيرة اعلنت انها ستعترف بفلسطين أو ما بقي منها. وحتى الآن – في مركز الخطاب السياسي توجد فكرة الاحتلال.
تسمع اصوات متحفظة. رئيس الاركان غير مشارك في هذا المزاج، الجنرالات المتقاعدون يحذرون من التورط، عائلات المخطوفين تصرخ: العملية تعرض للخطر حياة اعزائهم. ايضا آباء الجنود المقاتلين وزوجات رجال الاحتياط يعبرون عن خوف حقيقي على مصير ابنائهم وازواجهن. مع ذلك، معظم المستوى السياسي والمستوى الامني والجمهور يتعاملون مع الحدث كخطوة اخرى أو كقرار، الذي الخطاب حوله هو اعلاني وعام قليلا، والدولة لا تشتعل والارض لا تهتز. بشكل عام، في مطار بن غوريون يتحدثون عن رقم قياسي للمسافرين. هذه هي اللحظة المناسبة لقول الحقيقة: يمكن ويجب انتقاد نتنياهو، سموتريتش وبن غفير. هم المسؤولون بشكل مباشر عن الوضع، هم يقودون الخطاب ويحرضون، يؤججون المشاعر، واحيان يظهر انهم ايضا يستمتعون بهذه الفوضى. ولكن ماذا عن الذين يقولون بأنهم البديل؟ ما هو الحلم الذي يطرحونه؟ هل بالنسبة لهمالاحتلال هو مؤقت وسيمر اذا تغيرت الحكومة، أو انه راسخ عميقا في وعي الاسرائيليين؟.
منذ 7 اكتوبر مرت دولة اسرائيل في مراحل للوعي: الصدمة، الالم، السعي الى العقاب والانتقام. واليوم؟ جمود، تثبيت حقائق على الارض، لا لتحرير المخطوفين، لا لانهاء الحرب، بل مواصلة المراوحة في المكان والغرق في اوهام السيطرة المطلقة، وكأننا لم نتعلم أي شيء من العقود الاخيرة. هذه لم تعد حرب اخرى، بل هذه ايديولوجيا، رؤيا، نموذج لمشهد حكومي.
صحيح ان الطرف الثاني مذنب ايضا. فحماس اصبحت منظمة مقطوعة عن الارض وعن الشعب الفلسطيني، وعن المسؤولية الاساسية للقيادة، قيادة متحجرة فقدت كل الاوراق، بما في ذلك المخطوفين. وفي المقابل جماعة رام الله، العاجزة، التي تحول التزامها بدفع رواتب موظفيها الى انجاز. وماذا عن العالم العربي؟ هم يبث الجمود. السيسي، عبد الله وابن سلمان، جميعهم يصمتون، وربما هم ينتظرون انقضاء هذه الضجة. ولكن الدراما الحقيقية تحدث هنا، في اسرائيل، ليس اسرائيل الاولى أو الثانية، بل اسرائيل الثالثة، التي يحكمها الاستحواذ بالبقاء السياسي الساخر وعديم الكوابح، اسرائيل التي فيها يمكن مناقشة احتلال غزة كموضوع تقني تقريبا.
في مملكة نتنياهو مجرد القول هو فعل بحد ذاته. واذا لم يقم أي احد بطرح رؤية مختلفة فان هذا القول سيبقى يشكل الواقع، ليس فقط لهذا الجيل، بل للاجيال القادمة.