هآرتس: “اليوم التالي” يتم تشكيله في اليوم السابق، “ليس خلاله”
هآرتس 20/5/2024، يغيل ليفي: “اليوم التالي” يتم تشكيله في اليوم السابق، “ليس خلاله”
مفهوم “اليوم التالي” هو مفهوم فارغ وتم استخدامه بشكل خاطيء. “اليوم التالي” ليس الواقع الذي يتم تشكيله بعد انتهاء الحرب، بل هو الذي تعمل الحرب على تشكيله. لذلك، خطة “اليوم التالي” يتم تشكيلها قبل شن الحرب. المفهوم المهني السائد هو “استراتيجية الخروج”، الدولة تستخدم القوة العسكرية طبقا لاهداف سياسية، تتم صياغتها بوضوح كي تشتق منها استراتيجية الخروج؛ أي الشروط التي ينتهي فيها استخدام القوة بعد تحقيق الاهداف.
الحاجة الى رسم استراتيجية للخروج تمت صياغتها من قبل لجنة فينوغراد، التي حققت في حرب لبنان الثانية. اللجنة تناولت الخروج الى الحرب (بسبب حادثة صادمة تستدعي الرد الفوري والقوي لمنع الشعور بالعجز والاحباط)، بالذات في مثل هذه الحالة، قالوا في اللجنة، يجب العمل بصورة مخطط لها، تقلص “الخوف من ردود اندفاعية مبنية فقط على الحدس أو المشاعر الآنية”.
لذلك، قامت اللجنة بانتقاد غياب استراتيجية الخروج للحرب. “تخطيط مسار الانطلاق هو عامل رئيسي في تخطيط كل عملية عسكرية: مطلوب لضمان نجاح العملية حتى لو تغيرت الظروف”. لذلك، قالوا في اللجنة إن خطة الانطلاق يجب وضعها في بداية الحرب، لا سيما قبل أن تخلق الطريقة التي بدأت فيها الحرب ضغوط تشكل ما سيأتي فيما بعد. بكلمات اخرى، الاعتبارات الاستراتيجية يجب أن تكون موجودة على طول عملية التخطيط للحرب وتنفيذها.
هذا الدرس تم نسيانه في تشرين الاول. اسرائيل قامت بشن حرب انتقام، اندفاع، حيث عرضت بعد بضع ساعات على المذبحة هدف يتمثل بـ “تدمير القدرة العسكرية والسلطوية لحماس”. كل ذلك دون الادراك بأن هذا هدف يمكن تحقيقه. وفوق كل ذلك، من الذي سيسيطر في القطاع بعد تحقيق الهدف، وهو ما سيسمح بشن الحرب ووقفها. اذا مثلا كانت الحكومة قررت أن الهدف هو سيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع، ولنفرض أنها لم تضع أي انذار لحماس على الفور، وهكذا تمنع الحرب، فان هذا الهدف كان يجب أن يؤثر على طبيعة ادارة الحرب.
في مثل هذه الحالة كان من الصحيح تجنب تدمير القطاع والقتل الجماعي، وانهاء الحرب بعد عمليات القصف بدون العملية البرية، من اجل السماح للسلطة الفلسطينية بتولي السيطرة، والوقوف امام سكان غزة كالمخلص من هجوم اسرائيل، وأن تحصل على الشرعية للعودة والحكم. بدلا من ذلك، لو أن اسرائيل وضعت كهدف تفكيك سلطة حماس، ولكن أن تضع “الادارة المدنية والمسؤولية عن النظام العام في يد جهات محلية لها تجربة في الادارة” كخطة بنيامين نتنياهو التي عرضت على الكابنت في شهر شباط الماضي، لكان يمكن تجنب تدمير البنى التحتية المدنية والسلطوية من اجل التمكين من نقل السيطرة الى هذه الجهات المحلية المجهولة على كل منطقة قام الجيش باحتلالها.
أي بديل لـ “اليوم التالي” يشكل خطة الحرب بطريقة موجهة للنقطة الزمنية المثالية لنقل السيطرة. من المعروف أنه لو كان وضع هدف آخر يعطي الاولوية لاطلاق سراح المخطوفين لربما كان القتال تأجل. ولكن احتمالية استخدام البدائل التي كان يجب مناقشتها في الايام الاولى في تشرين الاول، ضعفت في ظل غياب استراتيجية الخروج من الحرب. في الوقت الذي فيه الجيش يدمر البنى التحتية المدنية والقتال يستمر الى حين تدمير كل قوة حماس. الفراغ السلطوي الذي نشأ في غزة شكل خطة اقامة ادارة مدنية اسرائيلية. في خطة “اليوم التالي”، التي سمح يوآف غالنت وبني غانتس وغادي ايزنكوت والجيش بتشكيلها. تم نسيان أن “اليوم التالي” يتم رسمه في “اليوم السابق”.