ترجمات عبرية

هآرتس: الوحدة مع نتنياهو «خطر وجودي» على الديمقراطية في إسرائيل

هآرتس 2022-11-19، بقلم: أيهود باراك* : الوحدة مع نتنياهو.. «خطر وجودي» على الديمقراطية في إسرائيل

1- نحن سنجتاز هذا أيضاً

إسرائيل في بداية انعطافة جوهرية في مسار تطورها. وهي انعطافة ستستدعي اختبارات، وربما ايضا أضراراً شديدةـ لهويتها ومكانتها في العالم، وقيمها وواقع حياة مواطنيها. ولكن إسرائيل كانت وما زالت قصة نجاح استثنائية: سبع حروب، انتفاضتين، وعدداً غير قليل من العمليات العسكرية، وتجميع الشتات، والسلام مع عدد كبير من الجيران، وزيادة عدد السكان بـ 14 ضعفاً، وزيادة الناتج بـ 80 ضعفاً خلال 75 سنة، وازدهار الثقافة والعلوم، وشعب المشاريع الرائدة والهايتيك، وعملة قوية وناتجاً اجمالياً مرتفعاً للفرد. هذه الانجازات هي لكل المواطنين، لشعب إسرائيل، وأيضا لجميع الحكومات. نحن شعب متذمر (حتى منذ النبي موسى)، شعب دافئ وصريح ومرتفع الصوت بدرجة معينة، لكنه وطني ويتكتل في وقت الاختبار. اجتزنا طوال الطريق اختبارات أقسى من التي نواجهها في هذه الايام، وهذه ايضا سنجتازها.

اجتازت الولايات المتحدة هزة مشابهة إزاء الترامبية. الكثيرون والجيدون ما زالوا يخافون على مستقبل الديمقراطية هناك، وسيستمر النضال سنوات اخرى. ولكن ما شاهدناه في الاسبوع الماضي هو تأثير البندول في السياسة: التنكيل بالديمقراطية والحقوق الاساسية للمواطنين (حرية النساء في أجسادهن في حالة اميركا)، التي تجسدت في حكم المحكمة العليا ضد الإجهاض، وهو احد الأسباب الرئيسية لسقوط الجمهوريين. تكتل الديمقراطيين للعمل معاً، من السناتور جو مينتشن المحافظ وحتى الكسندريا اوكسيو – كورتيز من اليسار المتطرف، مع روح قتالية وبمساعدة “مشروع لينكولن” الجمهوري، فعلت ما تبقى.

هكذا سيكون ايضا عندنا، بشكل من الأشكال، اذا عرفنا فقط كيفية القتال. المفتش العام للشرطة السابق، روني ألشيخ، وهو شخص عميق التفكير، نشر مقالاً، هذا الاسبوع، في “واي نت” كتب فيه أن عودة الوعي ستأتي الينا بعد أن ينقلب علينا تدمير المحكمة العليا كسهم مرتد، لأن المحكمة كانت بقوة استقلاليتها هي المدافع الاخير عن إسرائيل من محاولات دفعها الى لاهاي. وكتب اوري بار يوسف، المؤرخ المحترم، في “هآرتس” في 14/11 بأن الفشل الضروري للسياسة الاقتصادية – الاجتماعية للحكومة القادمة سيدمر فيما بعد الدعم لها. ربما سيكون هناك ايضا سيناريوهات كثيرة اخرى، لكن الانهيار سيأتي. والسؤال هو كم من الوقت سيستغرق وماذا سيكون عمق الاضرار؟

2- فقط ليس بيبي؟ لا! فقط ليس للكراهية وفقط ليس لمحو الديمقراطية

ستندهشون. هذا ليس “فقط ليس بيبي”. هذه ليست كراهية. اذاً، ما هذا؟ هذا ليس فساداً. وهذا فقط ليس محو الديمقراطية. هذا ليس كراهية. أنا أحد المنتقدين الاكثر صراحة لنتنياهو. لم أشعر في أي يوم بكراهيته. هو ليس شخصا بسيطا، وتوجد له ايضا حقوق وانجازات. أشعر نحوه بالتعاطف على المستوى الشخصي، الى جانب ضرورة العمل امام الاضرار الشديدة التي يتسبب بها سلوكه، وسيتسبب بها، بالنسيج الهش للمجتمع الإسرائيلي وأسس قدرتنا على العيش معا في مجتمع انساني مفتوح ويقظ ومتنور، وينهل من تراثه القديم ومن قيم وثيقة الاستقلال. ايضا لو أن شخصاً آخر، مثلا صديقي الجيد دان مريدور أو يئير لابيد أو بني غانتس، اللذين اعرفهما جيداً، كان سيحاول ارتكاب فساد أو محو الديمقراطية لكنت سأعمل ضده بالحزم والصرامة ذاتها. وقد كانت في السابق امور مثل هذه.

اذاً، من أين ظهرت نظرية “الكراهية” و”فقط ليس بيبي”؟. توجد أمامنا واقعة كلاسيكية لما يسميه علماء النفس “الإسقاط”. عبدة “المال” و”القوة” و”الاحترام”، الذين يديرون في خدمة نتنياهو حملة منفلتة العقال للتشهير الشخصي ونزع الشرعية العامة والمحو والالغاء، واذا كان يمكن ايضا التجريم، لكل من يعتبر تهديدا، فانهم يتصرفون حسب قاعدة “هاجم عدوك في النقطة التي تعاني أنت ايضا منها” (بالمناسبة، هذه كانت توصية احد كبار رجال الدعاية في القرن السابق).

اثناء كتابة هذه السطور، تشوشت الصورة الظاهرة. من يشعلون الحرائق (بالمعنى الحرفي) سيتم تعيينهم في المطافئ. والى جانبهم قطط سيتم تعيينها لحراسة الزبدة. لا أحد في الحكومة سيستغرب من هذا التعيين. هل سيأتي المخلص لصهيون؟ ليس مؤكدا. ستزداد أخطار حدوث اشتعال امني. أبواب الفساد في الاقتصاد وفي الحكم ستفتح على مصراعيها. فقرة الاستقواء باغلبية 61 عضو كنيست تقريباً ستلغي المحكمة العليا. فصل السلطات والدفاع عن الحقوق الاساسية للفرد والاقليات. تعيين قضاة المحكمة العليا على يد السياسيين سيستكمل تدميرها. فصل منصب المستشار القانوني للحكومة سيمكن من تعيين فزاعة ستوقف محاكمة نتنياهو بـ (“تأخير الاجراءات”)، وما سيبقى منها بعد الغاء مخالفة التحايل وخيانة الامانة.

نتنياهو شخص له تجربة وهو غير غبي. من الواضح أنه بعد أن يتم نفخ كل الاخطار في وسائل الاعلام بكل القوة (ادخال العنزة الى البيت المكتظ) سيطبق فقط جزء منها، وبصورة مخففة (اخراج العنزة من البيت). الحقيقة هي أنه من اجل تحقيق تدمير جهاز القضاء والديمقراطية اضافة الى الغاء محاكمته، لا توجد حاجة الى كل الوسائل. مجموعة خطوات جزئية ومخففة، سيتم اختيارها بدقة وحكمة وستنفذ بالتدريج، يمكن أن تؤدي الى كامل النتيجة وتكفي لمرحلة اولى من تغيير عميق في النظام وفي مساره. هذا ليس فقط بيبي وليس كراهية، هذا دفاع عن انفسنا وعن الديمقراطية من تصيد خطير لا حدود له. هذا امر من الجدير القتال من اجله.

3- لا لحكومة وحدة

كثيرون يقولون لنا بأنه اذا كنتم تخافون جدا من ضم البيبيين والعنصريين المسيحانيين تذكروا أننا خرجنا للتو من “القتال في الخنادق”، كما عرض ذلك نتنياهو. هذا هو الوقت للتكاتف والعمل معا لصالح مواطني الدولة. اذهبوا مع خيار حكومة الوحدة، التي ستخلص نتنياهو من وضع بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير. اختاروا أهون الشرور. قوموا بإجراء نقاش مع الخصوم داخل الحكومة، واضبطوا من امامهم التهديد على جهاز القضاء وأخطار اخرى. هذا كان صحيحا لو أننا خرجنا من القتال في الخنادق، الذي فيه يعمل الطرفان على الخير المشترك لكل مواطني الدولة. والخلاف هو حول تفاصيل طريقة الوصول الى هناك وعن مسألة من الذي يقف على رأس هذا القتال. هذا ربما كان صحيحا قبل 10 – 15 سنة، لكن الحال الآن مختلفة.

لقد احسن وصف ذلك كلمان ليفسكين، رجل اليمين: لا يريد المعسكر البيبي الفوز في النقاش، هو يسعى الى منع امكانية وجوده. هذه الطائفة و”الزعيم العزيز” لها هم الذين دمروا في السنوات الأخيرة أسس الديمقراطية، وقيم الحقيقة والثقة، وعملوا على تقويض الالتزام بالمساواة وكرامة الإنسان وحقوقه بروح وثيقة الاستقلال. هم العامل الذي يسعى الى استبدال التوازن وكوابح الديمقراطية باستبداد الأغلبية. التعاون معهم هو مثل النقاش بين الذئب والنعجة في مسألة “ماذا سيأكلون في وجبة المساء”، اسألوا غانتس، أو حتى ربما يكون هو قد نسي ذلك. آمل واؤمن بأنه لم ينس.

4- لماذا خسرنا وما هي شروط التغيير؟

لقد خسرنا لأنه لم يكن لـ “معسكر الأمل” ما يكفي من الأصوات. لماذا حدث ذلك؟ لأن ميراف ميخائيلي لم تتحد مع زهافا غلئون، ولأن لابيد لم يوافق على أن يخفض نسبة الحسم الى 2 في المئة، ولأنه لم يكن للجميع في الكتلة اتفاق فائض الأصوات، ولأن “قانون المتهم” لم يتم تمريره في الأسابيع الاولى لحكومة التغيير. في مستوى اعمق هذا حدث لأن “معسكر الامل” لم يضع جانباً في فترة الانتخابات الخلافات الداخلية، ولم يخرج للقتال سوية من اجل هزيمة الفساد والعنصرية المسيحانية، ومن اجل إعادة النظام والأمن الشخصي للمواطنين. مع التأكيد على الحاجة الى رفع التهديد عن الديمقراطية.

هل يوجد ما يمكن تعلمه من الفعالية السياسية لتجربة احزاب ومجموعات محافظة في إسرائيل وفي العالم؟ ما هي القيم الرائدة لمعسكر الأمل ولماذا لا ينجح في أن يبلور حوله أغلبية في أوساط الناخبين. كل هذه الأمور يجب علينا أن نتطرق اليها على أمل النجاح في الوصول الى قاعدة مشتركة واسعة. فقط عندما يحدث ذلك سيفتح المجال لتغيير الوضع السياسي في إسرائيل من الأساس. فقط في أعقاب نقد ذاتي عميق وفحص المسلمات القديمة سيمكن التقدم للتخطيط والتطبيق في محاور عمل منفصلة لكنها متناسقة. على المدى القصير، حتى الانتخابات القادمة، وعلى المدى البعيد، للجيل القادم. ليتنا نعرف فعل ذلك.

 

*رئيس وزراء أسبق.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى