هآرتس: الهجوم الإيراني صُد بنجاح مبهر لكن الخطر لم ينقضِ
هآرتس – مقال – 15/4/2024، عاموس هرئيل: الهجوم الإيراني صُد بنجاح مبهر لكن الخطر لم ينقضِ
الهجوم الايراني الواسع على اسرائيل بواسطة مئات المسيرات والصواريخ المجنحة والبالستية انتهى في فجر يوم الاحد بأضرار هامشية جدا. هذا كان بفضل القدرة العملياتية الكبيرة لسلاح الجو، ومن خلال التعاون الوثيق مع الولايات المتحدة ودول صديقة اخرى في الشرق الاوسط واوروبا. اسرائيل، التي تحظى بلحظة نادرة للدعم الدولي الكاسح، تتردد الآن في طبيعة ردها. الرئيس الامريكي يستخدم ضغط كبير على رئيس الحكومة نتنياهو من اجل الامتناع عن هجوم جوي في ايران. هذا الهجوم يمكن أن يدخل الى الصورة بشكل كامل حزب الله ايضا، ويقرب جدا الطرفين من حرب اقليمية شاملة.
جولة اللكمات الحالية التي هاجمت ايران فيها للمرة الاولى بشكل مباشر اسرائيل، بدأت في 1 نيسان بسبب عملية التصفية التي نسبت لاسرائيل في دمشق. في 7 اكتوبر، عندما هبت حماس لتنفيذ المذبحة في الغلاف، اعتمد رئيسها في القطاع يحيى السنوار على سيناريو ينضم فيه الشركاء في المحور الراديكالي وعلى رأسهم ايران وحزب الله الى الهجوم المفاجيء على اسرائيل. السنوار امتنع بشكل متعمد تنسيق موعد الهجوم واكتشف بأن الشركاء غير متحمسين للانضمام اليه بدون التنسيق المسبق معهم. حزب الله حصر نفسه في اطلاق النار كتماهي على الجليل، وايران اختارت كالعادة البقاء وراء الكواليس.
في الاشهر الاخيرة تطور احباط كبير ازاء الشعور بأن ايران محصنة من الاصابة في الوقت الذي تشغل فيه الارهاب كما تريد، بواسطة المبعوثين وتهتم طوال الوقت بتسليح اصدقاءها في محور المقاومة. هذا كما يبدو كان خلفية تركيز الهجمات على رجال حرس الثورة في سوريا، التي كانت ذروتها في الاول من الشهر الحالي، تصفية الجنرال حسن مهداوي، قائد “قوة القدس” في سوريا ولبنان. ولكنهم في اسرائيل اعتقدوا أن ما كان هو ما سيكون، وافترضوا أن ايران ستكتفي برد محدود على تصفيته هو وستة من رجاله. هذا ليس ما حدث. فخلال بضعة ايام تراكمت العلامات على أن ايران تنوي في هذه المرة القيام برد من اراضيها على الاراضي الاسرائيلية. هي لم تكن بحاجة الى عملية جمع معلومات خاصة. فالمرشد الاعلى علي خامنئي قال ذلك بنفسه وبشكل علني ثلاث مرات. الايرانيون أكدوا بشكل خاص على حقيقة أن المبنى الذي تمت مهاجمته قرب السفارة الايرانية في دمشق استخدم كقنصلية. لذلك فانه حسب ادعاءهم تم تفجير منطقة توجد تحت سيادتهم.
هنا بدأت استعدادات متشعبة، مع استغلال بنية استراتيجية بنيت بعناية في السنوات الثلاثة الاخيرة. الادارة الامريكية، بتنسيق وثيق مع اسرائيل، دفعت قدما بخطة لاقامة منظومة دفاع جوية امام الصواريخ والمسيرات، وبالتعاون مع دول اوروبية وعدد من الدول العربية المعتدلة في المنطقة. المنظومة اعتمدت على شبكة معقدة من وسائل الكشف (الحساسات) التي نشرت في عدة دول. اسرائيل ساهمت بقدرة متطورة جدا للكشف والاعتراض بواسطة المنظومات متعددة الطبقات لديها. الشركاء ساهموا في البداية بتقديم الرادارات، التي تم نشرها قرب الحدود الايرانية.
خلال نصف سنة من الحرب ظهرت بادرات اولية لنشاطات الحلف الدفاعي الجوي الاقليمي (الذي سماه الامريكيون ام.إي.ايه.دي). هذه الليلة تم جني الثمار بالكامل. الايرانيون اطلقوا اكثر من 300 صاروخ ومسيرة من كل الانواع، لكن نجاحهم كان قليل. فقط بضعة صواريخ بالستية سقطت في مناطق مفتوحة، بالاساس في النقب. طفلة عمرها 7 سنوات من قرية بدوية اصيبت اصابة خطيرة. اضرار لحقت ايضا بقاعدة لسلاح الجو في الجنوب، قاعدة نفاتيم. الاسلحة الاخرى التي اطلقت على اسرائيل تم اعتراضها، 99 في المئة منها. جزء كبير تم اسقاطه خارج حدود اسرائيل، في سماء الاردن والعراق (الذي عمل فيه بالاساس الامريكيون).
لا يمكن التقليل من اهمية نتيجة المواجهة الليلية. هذا انجاز وبحق لم يكن مثله في تاريخ الحرب، عندما اسرائيل، بمساعدة الاصدقاء، قامت باسقاط الورقة الرئيسية لايران وشركائها في المحور، الصواريخ والمسيرات. الاعتراضات المثيرة للحيتس اثارت الاهتمام الكبير، لكن عمليا ايضا الطيارين الامريكيين والاسرائيليين قاموا باسقاط مئات الصواريخ المجنحة والمسيرات.
يمكن التقدير بأن خيبة الأمل في طهران من النتائج العملياتية للمواجهة كانت كاملة. نية ايران، كما قدرت مسبقا، كانت التركيز على هدف عسكري. يبدو أن الايرانيين قصدوا تدمير قاعدة نفاتيم تماما، بما في ذلك طائرات اف35 المتقدمة التي تهبط فيه، والتي هي درة تاج المساعدات الامنية الامريكية لاسرائيل. لكن كل ذلك لم يتحقق منه أي شيء.