هآرتس: الهجمات هي رسالة لإيران: اختيار الحرب سيؤدي الى المس بها وبوكلائها
هآرتس 30/9/2024، الوف بن: الهجمات هي رسالة لإيران: اختيار الحرب سيؤدي الى المس بها وبوكلائها
يوجد منطق استراتيجي واضح لسلسلة عمليات اسرائيل ضد حزب الله في لبنان، وأمس ضد الحوثيين في اليمن، وتهديد ايران بأنه اذا دخلت الى المعركة فستتم مهاجمتها بشكل قوي، المنطق هو “تحطيم” وحدة الساحات الذي ايران وحلفاءها الاقليميين فرضوه على اسرائيل منذ هجوم حماس في 7 تشرين الاول.
خلافا لجولات القتال السابقة التي بقي فيها الفلسطينيون وحدهم امام اسرائيل، في هذه المرة حماس تحصل على الدعم الناجع من “منظومة المقاومة” بقيادة ايران. المواجهة متعددة الساحات فرضت على اسرائيل نشر قواتها بين الجنوب والشمال، وأدت الى اخلاء المستوطنات في الجليل الاعلى وحصار بحري مستمر حتى الآن على ايلات، اضافة الى هجمات الصواريخ والمسيرات من لبنان واليمن والعراق، التي استمرت بعد أن فقدت حماس ذراعها الصاروخي. وطالما أن الجيش الاسرائيلي كان يتركز في جبهة غزة فان اسرائيل تعرضت للنار من الجبهات الاخرى وجمعت قوتها للقيام بعملية واسعة، عمليات القصف الاستراتيجية، بالاساس استيعاب ذخائر هجومية في الاسراب الحربية وصواريخ اعتراض لبطاريات الدفاع الجوية.
قبل اسبوعين تقريبا تم استكمال تجميع القوة. الجهد الرئيسي انقلب، وغزة مع المخطوفين الاسرائيليين المحتجزين فيها اصبحت ساحة ثانوية. استخدام القوة في العمليات الاخيرة تجاوز كل ما فعله سلاح الجو حتى الآن، من حيث عدد الاهداف وكمية الذخيرة التي القيت في وقت قصير، ايضا من حيث ابعاد العملية وطبيعة الاهداف. احد قادة سلاح الجو شرح لي ذات مرة معنى قصف محطة لتوليد الطاقة، كما فعل الجيش الاسرائيلي في الحديدة في غرب اليمن: “اعادة اقامتها سيستغرق بضع سنوات، ولا يمكن ترميمها بسرعة حتى في دولة منظمة ومتقدمة اكثر من اليمن”.
اسرائيل اظهرت في الهجوم الجوي المضاد ايضا الدعم المطلق لها من الادارة الامريكية لتنفيذ عمليات قصف استراتيجية، وتوفير السلاح لها والحماية الدبلوماسية وارسال قوات الى المنطقة. الرسالة المطلوبة لايران واضحة: من الجدير أن تطلبوا بسرعة وقف لاطلاق النار وفرضه على حزب الله والحوثيين والمليشيات في العراق. هكذا ستبقى حماس مضروبة ومتعبة ووحدها في الساحة امام اسرائيل، وستحاول التوصل الى صفقة التبادل بسعر اقل بكثير من السعر الذي طلبه يحيى السنوار. واذا صمم الزعيم الايراني، علي خامنئي، الاستمرار في القتال فان اسرائيل ستقوم بضرب ايران مباشرة وستقوم في نفس الوقت بشن عملية برية تنطوي على مخاطرة في لبنان، التي ستؤدي الى تدمير القرى الشيعية قرب الحدود التي يعمل منها حزب الله.
حتى زعيم اليسار في اسرائيل، يئير غولان، دعا أمس الى احتلال قرية العديسة اللبنانية التي تطل على كيبوتس مسغاف عام. هذا فقط جزء صغير من خطته “جلوس جيد” التي طرحها في قيادة المنطقة الشمالية من اجل احتلال قاطع امني يتمثل بالجبال الصخرية المسيطرة، والتي سكانها اللبنانيون سيتم طردهم بالقوة الى حين التوصل الى اتفاق على ابعاد حزب الله. كما يقتضي انتماءه الحزبي فان غولان ما زال لطيف مقارنة مع اعضاء اليمين الذين يريدون استبدال اللبنانيين بالمستوطنين الاسرائيليين.
في الفترة القريبة القادمة، عند انتهاء العزاء على حسن نصر الله، ستكون حاجة الى متابعة التطورات في طهران. اذا رأينا شخصيات ايرانية رفيعة تخرج بسرعة الى موسكو فسنعرف أن خامنئي يريد مساعدة بوتين في التوصل الى اتفاق لوقف النار والحفاظ على ما بقي من ذخر “منظومة المقاومة”. بيني ميدان، من رجال الموساد السابقين، يقترح دمج روسيا في الاتفاق واستغلال الازمة الحالية من اجل التوصل الى صفقة مع الدول العظمى تربط بين تهدئة الحرب في اوكرانيا وعلى حدود اسرائيل، وتعطي بوتين من جديد دور عالمي وتعيد الاستقرار الذي تضعضع في اوروبا وفي الشرق الاوسط. في المقابل، روسيا تتوقف عن تزويد ايران بالسلاح المتطور. من غير الواضح اذا كانت الادارة الامريكية تستطيع الدفع قدما بعملية معقدة كهذه في أواخر فترة ولايتها.
اذا تنازلت ايران عن الجهود الدبلوماسية واختارت الاستمرار في الحرب فهي ستعطي اسرائيل والولايات المتحدة الذريعة للمس بذخائر النظام الثمينة والعزيزة عليه، وستهدده بالتدمير من الخارج وانتفاضة في الداخل. القرار يوجد الآن بيد خامنئي.