ترجمات عبرية

هآرتس: النار تقترب من المكتب والديمقراطية ستتحمل الثمن

هآرتس 20/11/2024، عاموس هرئيل: النار تقترب من المكتب والديمقراطية ستتحمل الثمن

لافتة لحزب نوعم – شريك صغير وحالم في ائتلاف نتنياهو – تم تعليقها أمس على جسر في شارع ايالون. “دمه (لا سمح الله) على يديك”، كتب على خلفية صور رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والمستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا. بعد بضع ساعات نشرت شائعات عن عملية قريبة لنتنياهو لاقالة رئيس الشباك رونين بار، وايضا اقالة المستشارة.

في هذه الاثناء تسرب لوسائل الاعلام نبأ مشوه من جهة مصلحة السجون: حبل شنق وجد في زنزانة ايلي فيلدشتاين، المتحدث بلسان نتنياهو، المشبوه الرئيسي في قضية المعلومات الاستخبارية المسروقة. بعد ذلك قيل إن هذا كان اختراع مرتجل من ادوات مسموح بها توجد في غرفته، الذي هدفه غير واضح. ولكن في نفس الوقت قالوا بأنهم في مصلحة السجون يخشون “من نية انتحار” بطل القضية، لذلك نقلوه الى غرفة اعتقال اخرى.

حتى المساء تنافس فيما بينهم وزراء واعضاء كنيست في الائتلاف، بعضهم شخصيات رفيعة جدا، في دعوات غاضبة لاقالة بهراف ميارا وبار. آخرون طلبوا اطلاق سراح المتحدث على الفور، الذي وصف كشهيد يخضع للتحقيق السياسي، وكل ما يهمه هو اسقاط نتنياهو. هؤلاء الاشخاص الذين منذ اشهر يديرون الظهر لعائلات المخطوفين يذرفون الآن دموع التماسيح على مصير عائلة المشبوه بأنه نشر معلومات مزورة بصورة تستهدف احباط صفقة المخطوفين. 

ما زال من غير الواضح هل التسريبات والتصريحات تعكس نية حقيقية وفورية لاقامة بهراف ميارا وبار، أو فقط تمهيد الارض لذلك بواسطة تعويد الجمهور، الذي رد باستغراق وغضب على ليلة غالنت الاولى في آذار 2023، وبلامبالاة شبه تامة لاقامة وزير الدفاع في الشهر الماضي. الظاهر للعيان هو أن نتنياهو راكم ثقة بالنفس بعد نجاحه في المحاولة الثانية لاقالة غالنت. في الخلفية يتم الشعور بتأثير دونالد ترامب، فوز المرشح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الامريكية والتهديدات الفظة التي ينثرها حوله بشأن تصفية الحساب مع خصومه في جهاز القضاء والامن في امريكا. نتنياهو تعود على تقليد خطوات ترامب في الجبهة الداخلية. هكذا هو فعل ايضا بعد فوزه السابق في 2016.

لا شك أن بهراف ميارا وبار يزعجان رئيس الحكومة في خططه (بدرجة اقل هو معني ايضا بابعاد رئيس الاركان هرتسي هليفي). قضية فيلدشتاين وسرقة المواد السرية من قسم الاستخبارات، التي تلقي بظلالها ايضا على آخرين في مكتب نتنياهو، تساهم في هذه الاجواء المشحونة. ورغم محاولة رئيس الحكومة تقزيم الموضوع إلا أنه كشف الاشتباه باستخدام منظومة متشعبة، جمعت معلومات حساسة من الجيش الاسرائيلي وتلاعبت بها ونشرتها في البلاد وفي الخارج، وعندها اهتمت باعادة تدوير الرسائل الحاسمة لنتنياهو – التي بحسبها المظاهرات من اجل اطلاق سراح المخطوفين تمس بجهود التوصل الى صفقة – كل ذلك بنجاح غير قليل.

فيلدشتاين هو اصغر الاعضاء في المكتب واحدثهم، التي هي مجموعة معظمها تسير مع نتنياهو منذ عشر سنوات والاعضاء فيها يعرفون أين يتم دفن الاسرار. يصعب التصديق بأنهم شاركوه في كل الامور المعروفة للمنظومة، أو أنه وجد نفسه في اتصال مباشر ودائم مع رئيس الحكومة. الآن لا يوجد أي دليل على أن الاخير ورط نفسه بشكل مباشر في اخراج المعلومات من الاستخبارات العسكرية أو نشرها. وحتى الآن الضغط في موضوع فيلدشتاين أصبح واضحا. الايام القريبة القادمة هي ايام حاسمة في هذه القضية. النيابة العامة قريبة من تقديم لائحة اتهام ضد فيلدشتاين على اعتبار أنه الشخص الرئيسي. واذا قرر التحدث بحرية ومحاولة انقاذ نفسه فانه يمكنه توجيه النار الى اشخاص آخرين في المكتب.

الاعلامي يانون مغيل، البرغي الرئيسي في الماكنة (“انبوب حسب وصفه)، غرد امس في تويتر، وبعد ذلك قام بمحو التغريده، بأن فيلدشتاين اعترف في محادثة مع رئيس الاركان بأنه هو الذي سرب الوثيقة السرية لصحيفة “بيلد” الالمانية. واضاف بأنه كان بين هليفي وفيلدشتاين دماء فاسدة. مراسلون آخرون في معسكر نتنياهو اتهموا هليفي بأنه اراد المس بفيلدشتاين من خلال التحقيق، لذلك فانه هو المسؤول عن تعريض المشبوه للخطر، في “اقبية الشباك” (التي خرج منها الآن). الغضب ومهاجمة رئيس الجهاز مصدرها كما يبدو، بالاساس، هذا التحقيق، الذي يقرب النار من المكتب. ميخائيل هاوزر طوف كشف أمس في الصحيفة سبب آخر وهو أن الشباك رفض توفير خاتم مطاطي لذريعة جديدة لنتنياهو، تهدف الى تأجيل تقديم شهادته في محاكمة الآلاف المخطط لها في 2 كانون الاول. أي تقديم رأي مهني يقول بأنه من الخطر على رئيس الحكومة التواجد لفترة طويلة في مكان واحد مثل المحكمة في القدس.

التحقيق الجديد والمحاكمة القديمة يمكنهما احتجاز نتنياهو في نوع من حركة الكماشة، يبدو أنه غير مقتنع بعد تماما بأنه يستطيع النجاة منها. في هذه الاثناء من يؤيدونه يشيرون الى متهمين آخرين وبذلك يبحثون عن طريق نجاة ممكنة. من هنا جاء الانقضاض على المستشارة القانونية ورئيس الجهاز. نتنياهو في ظهوراته العلنية المعدودة يبث دمج غريب ومتميز بين الغطرسة من التطورات الايجابية (فوز ترامب وتوسيع الائتلاف وانجازات الجيش الاسرائيلي في لبنان) وبين الخوف الكبير من الاخطار الكامنة له (مؤامرات جهاز الامن وجهاز القضاء). كالعادة هو الضحية الوحيدة التي  معاناتها مهمة، هناك وقت كثير مكرس – في خطابات وفي قنوات الدعاية – لوصف الملاحقة التي مر بها اكبر من الضائقة الفظيعة للمخطوفين في انفاق غزة.

المادة 7 في قانون الشباك تنص في وصف هدف الجهاز وعمله بأن “الجهاز مسؤول عن الحفاظ على الانظمة الديمقراطية ومؤسساتها”. واجراء لاقالة المستشارة يمكن أن يصطدم بالصعوبات حتى بسبب اتفاق تضارب المصالح الذي وقع عليه نتنياهو على خلفية محاكمته. قانونيا، اقالة بار يمكن أن تكون خطوة اكثر سهولة للتنفيذ. هو ايضا يخضع بالكامل لصلاحية نتنياهو. من غير الصعب فهم الى أين يسعى رئيس الحكومة، شريطة أن هذه هذه العملية لا تكلفه انتفاضة عارمة للجمهور. تعيين رئيس خدمة متعاطف اكثر من احتياجاته الشخصية، كما حدث مع المفتش العام للشرطة، سيمكن من ابعاد المتظاهرين عن بيته، وبعد ذلك فرض القيود على الاحتجاج بشكل عام، بما في ذلك نضال عائلات المخطوفين. من هنا فصاعدا المنزلق الحاد لتخريب الديمقراطية يمكن أن يصبح بسهولة سقوط حر. نحن نوجد في لحظة حاسمة لاستمرار النظام الديمقراطي في اسرائيل.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى