غير مصنف

هآرتس: المقاطعة الدولية لإسرائيل ستزعج الأقلية الليبرالية، والمستفيد منها هو فقط نتنياهو

هآرتس – الوف بن – 19/8/2025 المقاطعة الدولية لإسرائيل ستزعج الأقلية الليبرالية، والمستفيد منها هو فقط نتنياهو

إسرائيل تستعد لاحتلال مدينة غزة على أمل ان طرد سكانها وتدمير المدينة سيوصل الفلسطينيين الى نقطة الانكسار، التي فيها سيبدأون في الهرب من القطاع (“المغادرة الطوعية”). في خيال وفي صلاة بنيامين نتنياهو واصدقاءه في الائتلاف، هكذا يجب ان تظهر “هزيمة حماس” التي يعدون بها منذ سنتين.

كلما اقترب موعد تنفيذ الخطة يزداد انتقاد الغرب لإسرائيل، ومعه تثور النقاشات حول فرض العقوبات والمقاطعة. القائمة تطول كل يوم – الاعتراف بفلسطين، منع دخول رجال اليمين، تعليق الاتفاق التجاري، سحب الاستثمارات، حظر السلاح، اغلاق الاكاديميا امام الباحثين الإسرائيليين، أيام غضب ومظاهرات في مواقع سياحية وابعاد لاعبي كرة قدم من اوروبا. الكتلة لم تصل حتى الان لتصبح حاسمة، والحكومة تقلل من أهمية الضغط بادعاء ان كل ذلك “لاسامية وخضوع للارهاب”. بالنسبة لها فانه طالما ان دونالد ترامب يقف وراء نتنياهو فانه يمكن مواصلة الحرب بدون خوف من الضغط الدولي. 

ما الذي سيحدث اذا ازداد الضغط والجمهور الإسرائيلي شعر بذلك في جيبه وفي صعوبة السفر الى دول العالم؟ هناك من يأملون انتهاء الاحتلال بسرعة، وأن يحصل الفلسطينيون على الاستقلال وكل شيء يكون على ما يرام. هم يقدمون كمثال انهيار نظام الابرتهايد في جنوب افريقيا. في روايتهم “العالم” فرض عقوبات وطرد الدولة العنصرية من المسابقات الدولية، وفجأة استسلم البيض ونقلوا الحكم للاغلبية السوداء. الحقائق تخرب قليلا الرواية: الابرتهايد عاش سنوات كثيرة الى جانب العقوبات، وسقط فقط بعد انتهاء الحرب الباردة، حيث الغرب لم يعد بحاجة الى معقل مناويء للاتحاد السوفييتي سابقا في افريقيا. 

حتى لو وافقنا على ادعاء ان المقاطعة هي التي اسقطت الابرتهايد وليس الجغرافيا السياسية فان هذا هو المثال الشاذ الذي لا يدل على القاعدة. ايران وروسيا توجد منذ سنوات تحت العقوبات الغربية التي تتسبب بعدم راحة للسكان، لكنها لم تؤد حتى الآن الى سقوط الأنظمة فيها، أو الى تخفيف مواقفها. في هذه الدول المقاطعة الدولية أحدثت نتيجتين: النظام شدد خطوات القمع الداخلي، والنخبة الليبرالية هاجرت الى الخارج. زعماء الابرتهايد لم يتنازلوا عن كراسيهم بدون نضال، وكلما زاد الضغط من الخارج والانتفاضات في الداخل فان قوانين حالة الطوارئ تشتد، وتزداد الرقابة والاعتقال التعسفي وقتل  السجناء وطرد السكان الى جيوب مغلقة. فلادمير بوتين وعلي خامنئي يتبعان أسلوب مشابه، وهرب الادمغة يظهر لهم كطريقة مريحة للتخلص من المعارضين.

نتنياهو لا يختلف عنهما في سعيه الى حكم الفرد، الذي سيفرض نظام التفوق اليهودي “في كل ارض إسرائيل”، كما وعد عند تشكيل الحكومة. لقد صدر ضده امر اعتقال دولي بسبب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وسلوكه لم يتاثر من ذلك. اذا ازداد الضغط من الخارج فهو فقط سيستغله لاحكام سيطرته على الحكم ومنع الاحتجاج. في نهاية المطاف حتى المظاهرة من اجل تحرير المخطوفين من غزة اول امس وصفها بانها خيانة ومساعدة للعدو. نتنياهو لا يتحدث علنا عن مغادرة المثقفين والليبراليين، التي تسارعت في السنتين الأخيرتين، لكن بالنسبة له هذا مكسب صاف. مصوتو اليسار والوسط يغادرون، والتكاثر الطبيعي يميل لصالح الحريديين والمتدينين، وقاعدة اليمين ستتعزز فقط. “من يؤيدون الثقافة الغربية فليذهبوا، ونحن سنتدبر أمرنا بدونهم”، قال آية الله الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية، على شاكلة الحاخامات الحريديين القوميين الذين يحاربون “التقدم” الآن.

اذا تم فرض مقاطعة دولية على إسرائيل فهي ستزعج وتضر الأقلية الليبرالية، وستدفعها نحو الخارج، في الوقت الذي يتعزز فيه فقط نتنياهو وشركاءه. الأنظمة الديكتاتورية والمسيحانية لا تخشى الضغط الخارجي، بل فقط هي تستفيد منه. بالضبط مثلما هي الحال في ايران.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى