هآرتس: المفاوضات بشأن صفقة الرهائن وصلت إلى نقطة حاسمة، ونتنياهو يحبط فرصة التقدم
هآرتس 5-5-2024، عاموس هرئيل: المفاوضات بشأن صفقة الرهائن وصلت إلى نقطة حاسمة، ونتنياهو يحبط فرصة التقدم
المفاوضات من أجل صفقة المخطوفين وصلت مرة أخرى في نهاية الأسبوع الماضي إلى نقطة حاسمة. الوسطاء المصريون والقطريون، وربما الأمريكيون أيضاً، أغرقوا وسائل الإعلام العربية بتنبؤات متفائلة حول اتفاق قريب بهدف حث إسرائيل وحماس على التعهد بعقد الصفقة. عملياً، في مساء أمس، لم يكن من الواضح إذا كانت بعثة حماس التي سافرت إلى القاهرة سترد على الوسطاء بالإيجاب أو بتحفظ (نعم ولكن).
الإدارة الأمريكية التي تخشى من تفجر آخر في المحادثات أرسلت إلى القاهرة رئيس الـ “سي.آي.إيه” وليام بيرنز. صحيفة “واشنطن بوست” نشرت أنه كجزء من جهود ضمان نجاح المفاوضات، طلبت الولايات المتحدة من قطر إبعاد كبار قادة حماس عن أراضيها إذا لم توافق الأخيرة على الصفقة. في حين سارع نتنياهو للرد على التقارير المتفائلة يوم السبت ببيان نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية. نتنياهو تحت غطاء “مصدر سياسي رفيع” أعلن بأنه “خلافاً لما نشر، فإن إسرائيل لن توافق بأي شكل من الأشكال على إنهاء الحرب كجزء من صفقة تحرير المخطوفين. الجيش الإسرائيلي سيدخل إلى رفح وسيدمر كتائب حماس، سواء كانت هناك هدنة مؤقتة لتحرير المخطوفين أم لا”.
بيان نتنياهو أثار الردود الغاضبة في طرفي الخلاف حول الصفقة. حتى في اليمين هناك كثيرون لا يصدقون وعود رئيس الحكومة الجوفاء بشأن احتلال رفح و”النصر المطلق”. في حين أن هيئة تحرير المفقودين (وفي قيادة الجيش الإسرائيلي) تخشى من أن نتنياهو بيانه هذا يضر بجهود الوساطة بشكل متعمد. إضافة إلى ذلك، فإنه من اللحظة التي سيتم فيها انكشاف الأمر ربما سيحدث تعميق في الشرخ بين إسرائيل والولايات المتحدة، التي أثنت على إسرائيل مؤخراً بسبب المرونة التي أظهرتها وألقت المسؤولية عن تأخير الاتفاق على حماس.
من الأفضل التعامل مع تهديد إسرائيل الجديد بدخول رفح بحذر. الجيش الإسرائيلي وبحق يستعد لاحتلال رفح، لكنه استعداد بدأ وتوقف واستؤنف مرات كثيرة في الأشهر الثلاثة الأخيرة. في الأسبوع الماضي، في المحادثة الهاتفية بين الرئيس الأمريكي ونتنياهو، وأثناء زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للبلاد، أكد الأمريكيون أن اقتحام رفح غير مقبول، خصوصاً ما لم تعمل إسرائيل بشكل حذر وممنهج على إخلاء المدنيين الفلسطينيين من هناك، الذين يبلغ عددهم أكثر من مليون شخص. لذا، من المرجح أكثر أن تتوجه إسرائيل نحو عملية عسكرية محدودة.
الإدارة الأمريكية تطلق إشارات حول فرض عقوبات محتملة. فوقف الفيتو شبه التلقائي الذي تفرضه الولايات المتحدة على قرارات مناهضة لإسرائيل في مجلس الأمن، والحظر أو الإبطاء في تزويد السلاح الضروري لإسرائيل، هي أخطار كبيرة بالنسبة لإسرائيل، لا سيما إذا أدى اقتحام رفح إلى تصعيد أمام مع حزب الله وإيران. إسرائيل تحتاج إلى الدعم الأمريكي القوي في حالة حدوث سيناريو حرب متعددة الساحات. وحتى الآن، يمكن الافتراض أن ما يرفض فهمه الشركاء في اليمين المتطرف، بن غفير وسموتريتش، يفهمه هو بشكل جيد.
وثمة مشكلة في الشرعية الدولية الآخذة في التفاقم. تأييد الدول الغربية لعمليات الجيش الإسرائيلي تتضاءل كلما طالت الحرب. أي حادثة مع إصابات مدنية في رفح ستحظى بالاهتمام الدولي، وسيحاول الفلسطينيون عرض كل حادثة كجريمة حرب إسرائيلية كما فعلوا في قضية “القبر الجماعي”، الذي اكتشف قرب المستشفى في خان يونس. وحتى إن قتل المدنيين في رفح قد يسرع إجراءات قانونية في لاهاي ضد إسرائيل وسياسيين وضباط كبار. إضافة إلى ذلك، الخلاف العام حول الحاجة إلى عملية في الوقت الحالي قد يؤثر سلباً في الدافعية وقدرة الجنود النظاميين وجنود الاحتياط.
وثمة سبب آخر للحذر في الوقت الذي نسمع فيه تنبؤات متفائلة في وسائل الإعلام العربية، وهو أن الكلمة الأخيرة، بالأساس في حماس، لرئيسها في القطاع السنوار. فنجاح الهجوم الإرهابي في 7 أكتوبر عزز مكانته في حماس على حساب تقليد اتخاذ القرارات بصورة مشتركة. ومنذ ذلك الحين، يقود خطاً متصلباً، ويبدو أنه لا يحسب أي حساب لنظرائه في قطر. ومقارنة مع كانون الأول – كانون الثاني، يبدو أن السنوار لا يشعر الآن بالضغط الحقيقي. الضغط العسكري الإسرائيلي في هذه الأثناء هو ضغط نظري فقط. والمساعدات الإنسانية التي تمت زيادتها تخفف عنه غضب سكان القطاع، والاشتعال الذي يجري في الجامعات الأمريكية يعقد وضع إسرائيل السياسي. هذا التحليل لصورة الوضع في نظر شخص متعصب مع أيديولوجيا قاتلة، يقلل احتمالية تنازله.
البيانات الأمريكية الأخيرة أوضحت بأن قبول الصفقة مرهون بحماس. حدث هذا عقب إظهار مرونة حقيقية في مواقف إسرائيل، حيث وافق نتنياهو بضغط من أعضاء كابنت الحرب. نقطة الصعوبة الرئيسية في المفاوضات هي إنهاء الحرب. حماس مستعدة للتقدم نحو صفقة تحرير المخطوفين بعدة نبضات فقط إذا تم ضمان خروج جميع قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع ووقف كامل لإطلاق النار قبيل نهاية العملية. يبدو أن الولايات المتحدة تعهدت بضمان ذلك، بدرجة ما. والسؤال هو التزامن بين مراحل إعادة المخطوفين والوقف الكامل للحرب. وثمة نقطة خلاف أخرى تتعلق بقدرة إسرائيل على فرض الفيتو على إطلاق سراح عدد من السجناء الفلسطينيين، المخربين الكبار الذين تطالب حماس بإطلاق سراحهم.
إذا تم تسلم رد إيجابي من حماس فستحول الضغط إلى ساحة نتنياهو. عائلات المخطوفين ستوسع نشاطات الاحتجاج، وستحصل على دعم عام أكبر. قيادة الاحتجاج تعلق الآمال على خطوات المعسكر الرسمي، وبالأساس على الوزير غادي آيزنكوت، العضو في مجلس الحرب، الذي يظهر التماهي الكبير مع نضالهم. حتى الآن، بشكل خاص بعد بيان مكتب نتنياهو أمس، فإن ملحمة المخطوفين تأخذ طابعاً سياسياً واضحاً، وهي تعبر عن الجمهور في اليمين واليسار.
في الفترة الأخيرة تم الإبلاغ عن موت مخطوفين إسرائيليين. قرر الجيش الإسرائيلي أن درور أور، من “بئيري”، قتل في 7 أكتوبر في الكيبوتس وأن جثته اختطفت إلى غزة. في حين أظهر فحص آخر أن اليكيم ليبمان من “كريات أربع”، رجل حراسة في حفلة “نوفا”، الذي عمل بشجاعة على إنقاذ المحتفلين، لم يتم اختطافه إلى القطاع، بل قتل في ذاك اليوم، ودفنت بقايا جثته بالخطأ مع جثة حارسة أخرى. عدد المخطوفين الإسرائيليين المحتجزين في القطاع انخفض إلى 132، حسب الجيش الإسرائيلي، أكثر من 30 منهم ليسوا أحياء. ومن المرجح الافتراض أن العدد الحقيقي للأموات بين المخطوفين أكبر، لكن لا بيان رسمياً بدون وجود معلومات قاطعة حول هذا الأمر. وإطالة الحرب، وبالتأكيد الدخول إلى رفح، ستعرض حياة مخطوفين آخرين للخطر.
قطعة السكر السعودية
لقد بقي في جعبة الإدارة الأمريكية قطعة سكر أخرى من أجل إسرائيل، وهي الصفقة مع السعودية. إلى جانب النقاشات حول صفقة المخطوفين، فإن جهات أمريكية رفيعة تستمر في طرح إمكانية اندماج هذه الصفقة مع عملية إقليمية واسعة تشمل التطبيع بين إسرائيل والسعودية. من أجل ذلك، المطلوب موافقة إسرائيل على إنهاء الحرب في القطاع وإطلاق سراح سخي لسجناء فلسطينيين، ما سينطوي، وفقاً لطلبات الرياض، على استعداد إسرائيل للتقدم الرمزي على الأقل في القناة السياسية الفلسطينية. حسب معرفتنا، كان رد نتنياهو، الذي يقيده شركاؤه في اليمين، بالسلب حتى الآن.
وقال موظفون أمريكيون لنظرائهم الإسرائيليين بأن رداً إيجابياً من إسرائيل سيمكن الإدارة من إنهاء صفقة شاملة، ستؤدي إلى إنهاء الحرب في غزة “خلال 48 ساعة”. في “نيويورك تايمز” يدفع بهذا كاتب الأعمدة توماس فريدمان، الذي يعتبر متحدثاً دائماً مع الرئيس الأمريكي. من المهم لبايدن إنهاء الحرب في غزة أيضاً بسبب إحداثها شرخاً كبيراً في الحزب الديمقراطي. وفي الوقت نفسه، هو يحتاج إلى إنجاز كبير في السياسة الخارجية، الذي قد توفره صفقة مع السعودية.
الإدارة الأمريكية معنية أيضاً بإنجاز هادئ في الجبهة الداخلية قبل عقد مؤتمر الحزب الديمقراطي في آب القادم، الذي سيعقد في هذه المرة في مدينة شيكاغو، وهي المدينة التي عقد فيها المؤتمر الأكثر صدمة في تاريخ الحزب في العام 1968، حيث شوشت المظاهرات ضد الحرب في فيتنام على أعمال المؤتمر، وقدمت إشارة تحذير حول فقدان الحكم للجمهوريين بعد ثلاثة أشهر. حسب مصادر أمريكية وإسرائيلية، فإن بعض مستشاري بايدن يعتقدون أنه يتبنى مقاربة ناعمة جداً تجاه نتنياهو، وأنه يجب زيادة الضغط لتحقيق التقدم. استراتيجية إسرائيل الحالية، كما يقولون، لا تؤدي إلى أي مكان.