هآرتس: المعركة في غزة: المرحلة التالية تقترب، وهامش مناورة بايدن يتناقص

هآرتس 2023-11-07، بقلم: عاموس هرئيل: المعركة في غزة: المرحلة التالية تقترب، وهامش مناورة بايدن يتناقص
على الرغم من أن القتال يتقدم في قطاع غزة إلا أنه تجدد أمس الخوف من التصعيد على الحدود اللبنانية. في ساعات الظهر اطلق حزب الله صاروخاً مضاداً للدروع على صهريج مياه قرب كيبوتس يفتاح في الجليل الاعلى. المواطن الذي كان يقود الصهريج قتل. مسيّرة للجيش الاسرائيلي هاجمت رداً على ذلك سيارة في الجانب اللبناني. هناك تم الابلاغ عن قتل امرأة واحفادها الثلاثة.
اسرائيل لم تتطرق بشكل رسمي الى هذه الامور، لكن أمس ظهر أن الأمر يتعلق بتشخيص خاطئ لمصدر اطلاق الصاروخ. حزب الله اطلق رداً على ذلك الصواريخ على كريات شمونه. رئيس حزب الله، حسن نصر الله، كرر في خطابه الاخير في يوم الجمعة ما وصفه بمعادلة رد وهدد بأنه مقابل قتل أي مدني سيأتي رد على شكل ضرب مدنيين اسرائيليين. هنا تتطور امكانية للتصعيد تشمل اطلاق اوسع من قبل حزب الله على مستوطنات اسرائيلية. وحتى أن نصر الله اشار في خطابه الى أنه لا ينوي شن حرب شاملة.
بخصوص القطاع، في نهاية اليوم الثلاثين للقتال من الأفضل عدم ايهام انفسنا. لا يوجد لدى اسرائيل وقت غير محدود لمحاربة حماس في القطاع. حتى عندما يتحدث رئيس الوزراء ووزير الدفاع وجهات رفيعة اخرى عن معركة ستستمر بقدر ما تقتضي، ويعدون بالقضاء على حكم حماس وقتل يحيى السنوار، لا يمكن أن نتجاهل بالكامل تداعيات الحرب على الساحة الدولية. هناك، حتى للولايات المتحدة المؤيدة الكبيرة لاسرائيل والتي وضعت تحت تصرفها مساعدات سياسية وعسكرية غير مسبوقة، ايضا توجد لها اعتبارات اخرى يجب أخذها في الحسبان.
هذه الرسائل تأتي من الرئيس الاميركي والبنتاغون ووزير الخارجية الذي زار اسرائيل في نهاية الاسبوع الماضي. هل سيفقد الاميركيون صبرهم ويتراجعون قليلاً عن الدعم غير المحدود للعملية الاسرائيلية ضد حماس؟. مصادر في اسرائيل تنشغل بذلك، تعتقد أن هذا سؤال يتعلق بمتى. والاجابة، حسب بعض التقديرات، هي في المدى الزمني بين عيد الهيلوين في 23 تشرين الثاني وعشية عيد الميلاد في 24 كانون الاول. في الإدارة الاميركية يقلقون بعد المحادثات الاخيرة مع اسرائيل مما يظهر لواشنطن بأنه غياب خطير لخطة عمل حقيقية. رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، يرفض منذ فترة طويلة مناقشة وضع النهاية التي يسعى اليها في نهاية الحرب. هو يركز على الوعود بتدمير حكم حماس، لكنه لا يوضح كيف حسب رأيه سيحقق ذلك في الوقت الذي فيه معظم جهود الجيش الاسرائيلي تتركز الآن في شمال القطاع.
الرئيس الأميركي، جو بايدن، في الحقيقة اظهر التعاطف غير المحدود لاسرائيل بعد المذبحة في 7 تشرين الاول وقام بدعم تصريحاته بارسال حاملات الطائرات الى المنطقة. ولكن له ايضا توجد ساحة سياسية داخلية يجب عليه أخذها في الحسبان. كلما اقتربت بداية الحملة الانتخابية الرئاسية وتم طرح اسئلة حول امكانية تورط أميركا في حرب اخرى في الشرق الاوسط، فان مجال مناورة الرئيس يمكن أن يضيق.
هذه المشكلة تتعمق اكثر ازاء الاستطلاع غير المشجع للرئيس الأميركي الذي نشرته “نيويورك تايمز” وانتفاض الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي بسبب قتل المدنيين الفلسطينيين في هجمات الجيش الاسرائيلي على غزة. تأييد بايدن لاسرائيل يصعب عليه في اوساط الشباب والسود وذوي الاصول الاسبانية، وهي مجموعات في الاصل متشككة في أدائه. الجيش الاسرائيلي في الحقيقة نجح في دفع اتهام الفلسطينيين له حول قصف المستشفى قبل ثلاثة اسابيع. ولكن دخول القوات الى العملية البرية في قلب مدينة غزة يزيد جدا خطر ارتكاب الاخطاء. أولا، اثناء انقاذ قوة بحاجة الى مساعدة جوية، يمكن اصابة الكثير من المدنيين. ثانيا، بسبب الاكتظاظ الذي تدار فيه الحرب فان المزيد من المدنيين يصابون.
عدو آخر لخطط الجيش الاسرائيلي هو الطقس. ظروف الحياة في القطاع بسبب الحرب صعبة جدا. الشتاء لم يأت بعد الى المنطقة في هذه السنة، لكن بعد بضعة اسابيع فان القطاع، اكثر مما هو في السنوات العادية، سيغرق في الوحل بسبب الدمار الكبير. في هذه الظروف سيكون من الصعب الحفاظ على قدرة البنى التحتية للمياه والمجاري على العمل. جثث كثيرة للسكان ولاعضاء حماس ما زالت تحت الانقاض، ويمكن أن تتطور هنا ازمة صحية ستشمل ايضا انتشار الأوبئة – ويزداد خطر ذلك ازاء الاكتظاظ الكبير في جنوب القطاع الذي تم اخلاء اليه عدد كبير من سكان الشمال طبقا لطلب من اسرائيل.
صورة مركبة
أمس ذكرت هنا اقوال لمصادر أميركية في “واشنطن بوست” بحسبها هناك حاجة الى الدفع قدما بصفقة لاطلاق سراح المخطوفين المدنيين في غزة مقابل وقف للنار لمدة خمسة ايام في القطاع. مصادر امنية اسرائيلية قالت ردا على ذلك بأن هذا الاقتراح لم ينضج وقد تحول الى نقاش عملي بسبب معارضة حماس. وحسب اقوال هذه المصادر فقد حاولت الولايات المتحدة وقطر دفع افكار كهذه، لكن حماس تتملص من أي نقاش جدي في هذا الشأن.
هل هذا الرفض يعكس تقديرا حقيقيا لحماس بالنسبة لوضعها أم يعكس عدم المبالاة الكبير لقيادة حماس بضائقة السكان في القطاع؟ في قرار الهجوم الارهابي في 7 تشرين الاول، ألحق السنوار كارثة بسكان القطاع. ولكن، كما اشار أمس نتنياهو، يبدو أن حياة المدنيين الفلسطينيين تعني السنوار مثل قشرة الثوم.
الجنرال (احتياط) غيورا آيلاند عرض أول أمس تنبؤاً متشائماً حول تقدم العملية البرية. في مقابلة مع “اخبار 12” أسمع آيلاند صوت شاذ مقارنة مع نظرائه الجنرالات الوطنيين في الاستوديوهات. فقد قال “نحن لا نرى أي علامات على انكسار حماس. ونحن نشاهد أنهم ينفذون عمليات معقدة ومنسقة بواسطة الحوامات وقذائف الهاون والصواريخ المضادة للدروع. هؤلاء ليسوا افراداً يحاربون من اجل انفسهم، بل هم منظومة تعمل. هم يمكنهم تحريك القوات من مكان الى آخر، ويسيطرون على الاقل على 80 في المئة تحت الارض ويعرفون كيفية الرد بسرعة على ما نفعله. غزة ما زالت الهدف المحصن الاكبر في العالم”.
في المقابل، بما يبدو كمحاولة لرفع المعنويات، قال مصدر أمني رفيع امام المراسلين بأنه حتى الآن قتل نحو 20 ألف فلسطيني في هجمات الجيش الاسرائيلي، “معظمهم من المخربين”. شطرا الادعاء يظهر أنهما لا يستندان الى وقائع. تتحدث التقديرات في الطرف الفلسطيني عن نصف هذا العدد تقريبا، رغم أنه يمكن أن يكون هناك بضع مئات القتلى تحت الانقاض. حول نسبة القتلى بين المخربين والمدنيين، ايضا في عمليات اصغر في القطاع، تم التحدث بشكل عام عن أن نصف القتلى هم اشخاص غير مشاركين.
كلما اشتد القتال فان احتمالية قتل المدنيين تزداد. ومن اجل المقارنة، في العمليات الأميركية في العراق وفي افغانستان تم الحديث احياناً عن نسبة 10: 1، قتيل مسلح مقابل 10 قتلى غير مشاركين.
المحادثات مع قادة الجيش الاسرائيلي على حدود القطاع أمس عكست صورة مركبة. فعملية محاصرة مدينة غزة استكملت فعلياً. في غرب المدينة بقيت فجوة اخرى تبلغ بضع كيلومترات بين عملية القوة القادمة من الشمال وعملية القوة في الجنوب. غير بعيد من هناك يوجد مستشفى الشفاء، الذي حسب قول الجيش الاسرائيلي يستخدم كمخبأ لكبار قادة حماس في الذراع العسكري، وقربه ايضا توجد قواعد رئيسية لحماس.
القادة يتحدثون عن قتال صعب في مناطق مكتظة تعرضت للدمار الكبير بسبب الهجمات الجوية. معظم الهجمات على القوات تتم من داخل ثغرات للانفاق، التي الكثير منها موجود تحت اكوام الانقاض. أمس في المساء ازدادت جدا هجمات الجيش الاسرائيلي على شمال القطاع، في عملية ظهرت متعمدة ضد البنية التحتية للانفاق. في نفس الوقت تم قطع مرة اخرى شبكة الانترنت والهواتف في شمال القطاع. المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي، العميد دانييل هاجري، قال أمس إنه لا يوجد نقص حقيقي للوقود في القطاع، وأن حماس تقوم بتخزين كمية كبيرة من الوقود على حساب المستشفيات والمؤسسات المدنية الاخرى.
غطرسة زائدة وتألق
نتنياهو قام أمس بزيارة متغطرسة للجيش الاسرائيلي، هذه المرة لقاعدة سلاح الجو في رامون. وقد شطب من الاعلان الرسمي بشكل ما جمهور الهدف الرئيس للزيارة، أي الطيارون. الكلمة الصريحة تحولت الى كلمة حساسة بدرجة معينة بالنسبة له بعد الاحتجاج. لذلك، ربما مكتبه اكتفى بمفهوم اكثر ضبابية وهو الطواقم الجوية. في لقاء آخر مع المراسلين وصف نتنياهو السنوار بـ “هتلر صغير يختبئ في جحره المحصن”.
هذه التصريحات لم تحصل على اهتمام كبير مقارنة بالتألق الدوري للعضو في حكومته، الوزير عميحاي الياهو (قوة يهودية)، الذي هدد أمس بإلقاء قنبلة نووية على القطاع. رئيس الحكومة اصيب بالذعر قليلاً واعلن عن تعليق مشاركة الوزير، لكن الياهو تمكن من المشاركة في التصويت الهاتفي للحكومة. في نفس الوقت نشر فيلم لحاخام من لواء الناحل في حدث عسكري وهو يشرح عن الحماس الذي تثيره فيه الحرب، لولا الموضوع البسيط للقتلى والمخطوفين. الياهو، مثل الحاخام من الناحل، يعكس الاجواء السائدة في اوساط المعسكر الحريدي القومي. هذه التصريحات يمكن أن تشتد أو أن تزيد الازمة التي توجد فيها اسرائيل، التي نهايتها مثل نهاية الحرب ما زالت لا تلوح في الأفق.