ترجمات عبرية

هآرتس: المستشفيات في قطاع غزة في حالة سيئة

هآرتس 1/7/2025، نير حسون: المستشفيات في قطاع غزة في حالة سيئة

في منطقة نتساريم التي تقع في وسط القطاع يعمل مركز التوزيع التابع للصندوق الانساني لغزة جي.اتش.اف، وهو المركز الوحيد في شمال ووسط القطاع. في الاسابيع الاخيرة تجمع حول المركز آلاف الاشخاص، وكثيرون بقوا هناك لايام على امل النجاح في العودة مع طعام لعائلاتهم. وهناك من اقاموا مأوى مؤقت مصنوع من القمامة، وآخرون استخدموا الاكياس التي جلبوها لحمل الطعام كغطاء للرأس. وهم ينامون تحت اشعة الشمس لايام كي ينجحوا في الوصول في الوقت المناسب لاخذ الطعام لعائلاتهم رغم الخطر الواضح الذي يحدق بهم، نار الجيش الاسرائيلي من اجل ابعادهم.

الخبراء والمنظمات الانسانية حذرت اسرائيل من ان برنامج الصندوق سيؤدي الى كارثة، لانه يخرق كل المباديء الانسانية التي تمت بلورتها خلال عشرات السنين لتوزيع المساعدات الانسانية على التجمعات السكانية في مناطق القتال. المبدأ الاول هو انه يجب وصول الغذاء الى السكان وليس العكس. ولكن اسرائيل  والولايات المتحدة والمنظمات التي اقامت جي.اتش.اف تجاهلت هذه التحذيرات، وحتى الآن قتل مئات الاشخاص في محيط مراكز توزيع المساعدات.

بعد ادعاء رئيس الحكومة ووزير الدفاع بان تقرير “هآرتس” حول قتل المدنيين في محيط مراكز توزيع المساعدات هو “فرية” ونفوا وجود أي مشكلة، أمس اعترفوا في الجيش بحدوث “احداث ماساوية”، وحتى انهم وضعوا لافتات وجدران جديدة في الطريق الى مراكز المساعدات. ولكن بالنسبة لعبد الكريم الكحلوت فان هذا الامر اصبح متأخر جدا. قصة الكحلوت (35 سنة)، وهو اب لبنتين من مدينة غزة، تجسد الضائقة والوحشية التي وجد فيها سكان غزة انفسهم.

الكحلوت هو حداد بمهنته، قبل الحرب قام بشراء معدات كي يفتح محددة. وحتى أنه اثناء الحرب نجح في البدء في العمل. “هو قام ببناء ورشة والامور سارت بشكل جيد، الى أن قاموا باغلاق المعابر ولم ينجح في الاستمرار”، قال شقيقه صفوت، الذي هرب من القطاع مع عائلته. اثناء الحرب هدم بيت عبد الكريم وانتقل للعيش في منزل شقيقه مع ابناء العائلة. صفوت قال انه اهتم بان يرسل لشقيقه الاموال من الخارج، لكن هذه الاموال لم تكن كافية. حسب قوله، من اجل استخدام الاموال التي ارسلت من الخارج فانه مطلوب منك التنازل عن عشرات النسب المئوية منها لصالح الوسطاء، وبعد ذلك تتآكل قيمة الاموال.

ذات يوم المئة شيكل كانت تكفي لكل احتياجاتك. الآن هي تكفي لكيلو ونصف من الطحين”، قال شقيق عبد الكريم صفوت. وحسب اقواله فانه في الاسابيع الاخيرة توجه شقيقه الى مركز توزيع الغذاء في نتساريم مرتين. في المرة الثانية في يوم الاربعاء وصل الى المركز هو وآلاف الاشخاص اليائسين مثله. ومثلما حدث في بعض الاحيان في الشهر الاخير تم اطلاق النار على من ينتظرون على الرمال، كما يبدو من اجل ابعادهم. عبد الكريم لم ينجح في الحصول على الطعام وأصيب باطلاق النار.

صفوت اضاف بان شقيقه عاد الى بيته مع اصابة في المؤخرة. ويبدو أن الاصابة كانت طفيفة. ولكن بعد بضع ساعات، قال ابناء العائلة، بدأ يشعر بالالم وذهب الى مستشفى الشفاء. “الاطباء قالوا بان الاصابة سطحية وسرحوه. الآن في غزة اذا لم تكن بحاجة الى بتر القدم أو اليد فانهم لا يهتمون بك”، قال صفوت. “عاد الى البيت ولكن بدأ كل جسده يؤلمه ولم يستطع الوقوف على رجليه”. صفوت اضاف بان شقيق آخر له اخذ عبد الكريم مرة اخرى الى المستشفى، وهناك وجدوا رصاصة في جسده وتم اجراء عملية له بنجاح. في أي مستشفى معقول في مكان طبيعي كان سيتعافى خلال بضعة ايام ويعود الى عائلته، لكن بعد سنة ونصف على القتال فان مستشفى الشفاء لم يعد مستشفى معقول.

مثل كل المستشفيات في القطاع فان مستشفى الشفاء يواجه اعباء القليل من المستشفيات في العالم اضطرت لمواجهتها، مئات وآلاف المصابين يملأون المستشفى كل يوم. كثيرون منهم بحاجة الى علاج معقد بسبب اصابة الشظايا والصدمة واطلاق النار، آخرون يعانون من النقص الغذائي وامراض معدية وامراض مزمنة تفاقمت بسبب ظروف السكن. المشكلة الصعبة للمستشفيات هي امكانية اجراء صور طبقية. في القطاع بقي القليل جدا من اجهزة الاشعة، وهي تعمل ايضا تقريبا لسنتين متواصلتين، ووضع صيانتها سيء. المرضى الذين يحتاجون الى صور طبقية يتم نقلهم احيانا الى مسافة بضعة كيلومترات كي يتم فحصهم.

وضع عبد الكريم لا يظهر أنه خطير الى درجة تبرر وجوده لدقائق ثمينة في الجهاز، والاطباء لم يقوموا بعملية الفحص. “يوجد جهاز واحد وكثير من المصابين”، قال شقيقه. في هذه الاثناء كان يعاني من نزيف داخلي لم يلاحظه الاطباء، وبعد يوم على العملية تنوفي متأثرا بجراحه. المشكلة الآن في غزة ليست من مات. فنحن نقول من مات ارتاح، لكن المشكلة هي من سيبقى مع الألم، قال.

الان العائلة تقلق على وضع الأب الذي يعاني من مرض القلب ويحتاج الى الدواء. “الادوية نفدت منذ فترة وهو يمكن أن يتوفى في أي لحظة. محظور عليه بذل أي جهد. الآن نحن نخاف عليه لان حزنه على ابنه يهاجم قلبه”، قال صفوت واضاف. “المؤلم اكثر بالنسبة لي هو البنتين، 3 و5 سنوات. كل مرة افكر فيهن أنا أبكي. ماذا سيفعلن بدون الأب؟ كيف سيتدبرن امرهن؟ غزة ليست مثل اسرائيل أو فرنسا فيها حكومة تهتم. اما في غزة فاذا كنت بدون أب فأنت لا شيء. كل يوم البنات كن ينمن على يديه، من الامس لن يكون لهن أب. كيف يمكن شرح ذلك لهن؟”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى