هآرتس: المستشارة القانونية للحكومة تدرك أن مبادرتها ستدمر النيابة العامة
هآرتس 22/11/2024، يوسي فيرتر: المستشارة القانونية للحكومة تدرك أن مبادرتها ستدمر النيابة العامة
من الرمزي أن قرار محكمة الجنايات الدولية في لاهاي اصدار مذكرات الاعتقال ضد بنيامين نتنياهو ويوآف غالنت جاء بعد المناورة الرمزية في مسلسل “هكذا سندفن لجنة التحقيق الرسمية”. مبادرة نتنياهو لتشكيل لجنة تحقيق رسمية، التي لا تحتاج الحديث عنها مطولا، باستثناء أن ما يتم اقتراحه فيها كالعادة هو على أساس اعتقاده بأننا جميعا اغبياء. هو سيشكل لجنة الأعضاء فيها سيتشاجرون فيما بينهم من الصباح وحتى المساء – ويستمرون في تعويق هذا الامر الى آخر الزمان. في هذه الاثناء لن يتم تشكيل “لجنة أخرى” حسب تعبير مشروع القرار المتحايل.
الآن عودة الى موضوعنا. في شهر حزيران أرسلت المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، رسالة توسلت فيها لنتنياهو من اجل اصلاح الخلل وتشكيل لجنة تحقيق رسمية. إضافة الى جميع الأسباب الواضحة لتشكيلها فقد كانت هناك أيضا قدرة على التنافس على التهديد من جانب المحكمة في لاهاي، وربما حتى الغاءها، بالتأكيد اذا كان تفويض اللجنة موسع ويتجاوز احداث 7 أكتوبر وخلفيتها. نتنياهو رفض ذلك بالطبع. فلديه لن تشكل لجنة تحقيق رسمية، نقطة. غالنت كما نذكر طلب تشكيل لجنة على الفور (ربما بنظرة تتطلع الى لاهاي) وحصل على الشتائم.
أيضا الإجراءات الأخرى في الائتلاف، بدءا من الحركة الآخذة في التوسع لصالح الاستيطان في غزة (التي نتنياهو لم يقم بادانتها حتى ولو مرة واحدة، فقط قال “هذا غير منطقي” في الوقت الحالي)؛ وانتهاء باستئناف الانقلاب النظامي – هناك علاقة وثيقة بين هذه الامور وضعف رئيس الحكومة امام المؤسسات الدولية. اذا عملت لسنوات على اضعاف جهاز المناعة لجهاز القضاء فيجب أن لا تتفاجأ من أن الحصانة القضائية لك ستتضرر في لحظة الحقيقة. سلوك الساحة الدولية كان هاويا وصادما، والامثلة على ذلك توجد بالمئات. مثلا، عندما يشجع وزير الامن الوطني مليشيات على احراق شاحنات المساعدات الإنسانية فان هذا يؤثر على الرأس. هو الرأس وهو المذنب.
قرار الحكم هذا جلبه نتنياهو لنفسه بسبب التردد والغطرسة، وهو الآن يتذمر من اللاسامية ويشتكي من درايفوس. في بداية الطريق، عندما تمت المعرفة عن التحقيق الذي يجريه كريم خان، دخل في حالة هستيريا، بعد ذلك هدأ، وكالعادة بدأ في تقليص الحدث. بعد أن طالت العملية، وفي موازاة ذلك بدأت الاتهامات تظهر ضد كريم خان، عاد نتنياهو القديم، الذي غطرسته تولد طبقات من الغباء والعمى والنفاق. فقد انتقل من النقاشات القانونية الى النقاشات الدعائية. والخط الذي اختاره هو محكمة ضد السامية. والويل للمدعي العام اذا أضر بنا.
اذا تم الاضرار فقط بنتنياهو وغالنت، ايضا هذه النيابة يمكن أن تجلب موجة أوامر سرية ضد عدد كبير من الضباط والجنود بسبب دورهم في الحرب التي لا تنتهي في غزة. كل موضوع محكمة لاهاي تمت ادارته من البداية بتحايل. الاتهام باللاسامية، تسمية المحكمة “عدو الإنسانية” وتهديدات صريحة ضد المدعي العام. النتيجة هي أن رئيس حكومة إسرائيل وجد نفسه في قائمة صغيرة جدا لرؤساء يتولون مناصبهم والذين تسلموا مذكرة اعتقال كهذه. أحدهم هو فلادمير بوتين.
الرد البافلوفي في إسرائيل كان الصدمة والادعاء بالصلاح. وحتى بني غانتس ويئير لبيد سارعا (حتى قبل كل أعضاء الائتلاف الاخرين) الى التنديد والمهاجمة. صحيح أن مذكرات الاعتقال هي على شفا الفضيحة، لكنها لم تأت من فراغ. هكذا أيضا في موضوع عدم فهم الأغلبية الساحقة في الجمهور الإسرائيلي، بتشجيع من معظم وسائل الاعلام، لما يجري حقا في غزة، ولماذا حدث لإسرائيل ما حدث في الساحة الدولية. الآن نتنياهو واتباعه سيعولون على إدارة ترامب، لكن العالم، ما العمل، لا يتكون فقط من الولايات المتحدة. اسألوا وكيلة السفر ميري ريغف.
بين مؤتمري درايفوس
نتنياهو كان غاضب جدا في خطابه في هذا الأسبوع في الكنيست. المشاعر سيطرت عليه عندما تطرق الى التحقيق في قضية الوثائق التي تمت سرقتها من الاستخبارات العسكرية “أمان”، وتم نقلها الى المتحدث بلسانه في موضوع الشؤون الأمنية والشتائم ضد رؤساء الجيش الإسرائيلي ووزير الدفاع السابق، ونشرت في صحيفة “بيلد” الألمانية، التابعة الصفراء المفضلة لديه للمنشورات عديمة المسؤولية.
“يدمرون حياة اشخاص شباب”، صرخ نتنياهو. للحظة كان يمكن الاعتقاد بأنه يقصد المخطوفين. “من الأفضل لي الموت على الحياة”، اقتبس اقوال نسبت لايلي فيلدشتاين، المتحدث الذي تم انكاره وتحول بين عشية وضحاها الى عزيز اليمين. مرة أخرى كان يمكن الاعتقاد بأنه يقتبس أحد المخطوفين أو المخطوفات من خلال تقرير استخباري شاهده. “الجميع يعرفون ما يحدث هنا”، قال وضرب بيده على الطاولة، عيونه تنظر الى كل الاتجاهات، وقال “الشعب غير غبي!”.
الشعب حقا غير غبي. ففي كل استطلاع نرى رأي الأغلبية عن نتنياهو وعن اعتباراته بشأن المخطوفين وعن طريقة ادارته للحرب وعن تهربه من المسؤولية. لو أن رئيس الحكومة اظهر غضب وتعاطف مشابه امام “الأشخاص الشباب” (وكبار السن) الذين يعانون في انفاق غزة، لربما كانوا الآن هنا.
الأكثر من ذلك هو أن غضب نتنياهو كان حقيقيا، ليس بسبب تفطر قلبه، الذي لا يوجد لديه، على فيلدشتاين، الذي لا يعتبر شيء مهم بالنسبة له. مثل حبة الكرز على الكريما كانت مناورته المناوبة للتهرب من تقديم شهادته في المحاكمة. لقد طلب من رئيس الشباك رأي قانوني يمكنه من الطعن في قرار حكم القضاة والتهرب من الوضع المهدد له، هكذا كتب ميخائيل هاوزر طوف في “هآرتس”. رونين بار لم يوفر ما طلب منه (مئير بن شبات، بديله المرشح، بالتأكيد كان سيفعل ذلك). إضافة الى ذلك عادت الى الوعي خيبة أمل طاقم المفاوضات لاطلاق سراح المخطوفين، بمن فيهم رونين بار. وحسب المنشورات في هذا الأسبوع فان كل الطاقم طلب مرة أخرى من رئيس الوزراء توسيع التفويض المعطى له، لكنه رفض ذلك.
نتنياهو تطرق أيضا الى هذه القضية عندما اطلق سهامه نحو الكنيست من خلال خليط من اتهاماته بأنه في القريب سيتم احضار “عشرات المخطوفين. ماذا وكيف؟ هذا غير واضح. في طاقم المفاوضات لا يعرفون عن إمكانية حدوث ذلك. المرجح اكثر هو أن نتنياهو ببساطة قام برمي شيء في الهواء، الذي اذا لم يتحقق فانه سيقوم باتهام “رفض حماس”. وعلى الطريق هو يتلاعب بمشاعر عائلات المخطوفين، المحطمة من الخوف واليأس.
على أي حال، باستقامته ومهنيته تحول بار الى تهديد واضح وفوري بالنسبة للطاغية، يجب ازالته وبسرعة. هذا لا يعفي رئيس الشباك من المسؤولية الكبيرة عن الإخفاقات في 7 أكتوبر. المسؤولية التي خلافا للآخرين اعترف بها. يجب عليه الذهاب الى البيت ومثله أيضا رئيس الأركان هرتسي هليفي. ولكن التفكير بأن من سيطردهما هو المسؤول الرئيسي، أبو التصور وممول حماس الذي استخف بالتحذيرات وبالطيارين، يجب أن يخيف أي شخص عاقل، لا سيما على خلفية الأهداف التي بسببها يريد طردهما.
في الخلفية، كما قلنا، يوجد تحقيق الشباك مع فيلدشتاين وشركائه، بطل اليمين الجديد. واذا كان نتنياهو هو درايفوس الكبير، المضطهد من قبل لاهاي واليسار، فان فيلدشتاين هو درايفوس الصغير. هم يقومون بتشبيهه بالمخطوف في اقبية الشباك، ويطالبون باطلاق سراحه “الآن”!. عندما يصرخون ويلوحون بالشعارات التي يقوم برفعها أبناء عائلات المخطوفين. في نهاية المطاف هم ليس لهم حدود، لا فائدة من الاثقال عليهم بالحقائق المكتوبة في لوائح الاتهام. لماذا نقوم بتخريب كذبة جيدة، بالعكس، اذا كانت موجودة فلنأخذها ونضيف عليها. مثل تالي غوتلب التي لا تتوقف، واتهمت الشباك بترك “حبل”، الذي هو غير موجود، في زنزانة فيلدشتاين، كاشارة كبيرة الى ما يجب عليه فعله. الانباء الكاذبة عن الحبل بقيت في افواه الابواق حتى بعد أيام على دحضها.
بعد التنصل الأول من فيلدشتاين جاء بسرعة من يسوقون الحملات. الأول، كما نذكر، كان في الخط القديم لـ “تطبيق انتقائي للقانون”. أين هم مراسلو اليسار الذين ينهلون التسريبات من الدولة العميقة؟ لماذا هم والمسربون لهم لا يتعفنون في السجن؟ هذا ما صدقته القاعدة بالطبع، لكن الامر لم يتوقف هنا. فكل ما تحتاجه هذه الماكنة لانتاج المزيد من السم ليس اكثر من معلومة صغيرة، وهم يبنون عليها واقع بديل. بعد نشر مقاطع من تحقيقات التسريب التي ادعى فيها من سرق المعلومات كما يبدو أنه قام بنقلها الى فيلدشتاين، لأنه اعتقد أن نتنياهو يحتاج الى رؤية ذلك، ولدت حملة جديدة: “بيبي الذي لا يتم إبلاغه”. من شظايا الأكاذيب في القناة 14 وحتى اصغر المغردين في تويتر وتلغرام، انقضوا على الفور على هذه المادة الدعائية. الخط: الجيش الإسرائيلي والشباك، الخونة، يخفون بشكل ممنهج مواد عن نتنياهو من اجل المس به سياسيا والسعي الى صفقة استسلام في غزة.
هكذا تم أيضا احياء مشروع القانون الذي قدمه عميت هليفي، وهو من الاغبياء الذين يستخدمهم نتنياهو بشكل كبير في قائمة الليكود والذي وقع هو وآخرين على “قانون الهبات” الذي سيمكن رئيس الحكومة من تمويل محاكمته من جيوب اجنبية. مشروع القانون هذا الذي تم تمريره في هذا الأسبوع بالقراءة الأولى ينص على تشكيل جسم استخباري جديد، يخضع بشكل مباشر لرئيس الحكومة. الهدف هو تحسين الـ “العكس هو الصحيح”. الواقع هو أنه لا يوجد شيء خفي على نتنياهو، هو يطلع على كل المواد، لم يكن هناك أي شيء استخباري هام تم اخفاءه عنه، خاصة انذار استخباري.
بالعكس، إشارات التحذير التي اطلقتها الاستخبارات العسكرية له قبل 7 أكتوبر وفي ظل الانقلاب النظامي تراكمت فقط بدون أن يتطرق اليها. ايضا “العكس هو الصحيح” هو أمر يسري على الجيش. أي أنه يجب أن يكون موجود، على الأقل في اطار هيئة الامن القومي الخاضعة لرئيس الحكومة، التي حسب شهادته أو شهادة غادي ايزنكوت الموثوقة، لا يتم الشعور بها على الاطلاق. لافتة على الباب ليس اكثر من ذلك. هذه هي الحقيقة، لكن نتنياهو كعادته لا يعمل في اطار تشكيل الواقع، بل في اطار تشكيل رؤية الواقع.