هآرتس / المحكمة هي الحصن الاخير تقريبا
هآرتس – بقلم مردخاي كرمنتسر – 3/10/2018
في السنوات الاخيرة ظهرت تصدعات في السور الذي يمكن أن تشكله المحاكم في كل ما يتعلق بالدفاع عن القيمة الاساسية للمجتمع. مهمة الدفاع غير سهلة. منذ سنوات يجري هجوم على البنية الاساسية القيمية لوجود اسرائيل. ولكن بالذات بسبب أن الوقت هو وقت صعب ومصيري يجب أن نطالب حراس السور القيام بدورهم. المطالبة هي الحد الادنى من الاخلاص والوفاء للبنية الاساسية القيمية، من اجل منع كم الافواه – على سبيل المثال المصادقة على اغلاق غالاري بربور في القدس أو عروض تمييز للعرب في اسرائيل والمناطق، سواء كان الامر يتعلق بسحق حقوقهم على الاراضي لصالح الاستيطان اليهودي، أو تقييد دخولهم الى بركة سباحة في كوخاف يئير.
كنتيجة مرافقة للنشاط المشكوك فيه للمشرع بدء من الكنيست الثامنة عشرة (2009 – 2012)، هناك عدة مواضيع لا يمكن الافتراض بشأنها أن “روح المشرع كانت راضية وأن نيته كانت وضع قوانين ناجعة وعادلة” (كما قال قاضي المحكمة العليا حاييم كوهين المتوفى). في كل ما يتعلق بهوية الدولة (قانون القومية)، المساواة، حرية التعبير، التوازن والقيود الحكومية، لمزيد الأسف والخجل، يجب أن تكون معكوسة. يجب أن تتغير ايضا العلاقة مع ممثلي الدولة، الذين عادة تتعامل المحكمة معهم كمساعدين لها في مهمة اقامة العدل. علامات مقلقة جدا على الحماسة الزائدة لخدمة السلطة، وليس المصلحة العامة، وعلامات الخضوع للضغط السياسي لقمع استقلالها المهني، تقتضي تغيير علاقة الجهاز القضائي بالدولة، ليس فقط عليها احترامه، بل عليها احترامه والشك به.
بصورة خاصة هذه الامور تسري على المناطق. هناك ليس واضحا أن الصوت هو صوت القضاء، صوت السياسة أو صوت القضاء هو الذي يخضع نفسه للسياسة ويقدم خدمة لابادة الحشرات. إن خطر أن يحول جهاز القضاء نفسه الى جهاز يسوغ السلب على خلفية التفضيل العرقي لليهود هو ليس فقط قريب الحدوث وآني، بل يتم تجسيده فعليا. وعندما نشاهد القضاة الذين تم تعيينهم بسبب ملاءمتهم للرؤية السياسية للوزيرة اييلت شكيد، يطبقون اهدافهم، أي يخدمون هذه الرؤية، نعرف أنه انتهى جهاز القضاء لدينا.
ليس للقاضي سوى ما تراه عيونه، لكن من الضروري أن تكون العيون مفتوحة تماما، وأن تكون نظرتها واسعة. محاكمة الامور يجب أن تتم من خلال اخذ الاعتبار بسياقها، بما في ذلك السياق التاريخي. مثلما ليس بالامكان محاكمة امرأة كانت ضحية للتنكيل ولأنه لم يكن لديها خيار، قتلت من نكل بها، حسب المعركة الاخيرة فقط، هكذا ليس بالامكان فحص خطوات الدولة لابعاد سكان عرب وتخريب بيوتهم دون فحص ماذا سبق المرحلة الاخيرة.
الحد الادنى من الاستقامة لا يمكن من استخدام مفهوم “حسن النية”، بالنسبة لنشاطات حكومية متواصلة من السيطرة على اراضي فلسطينية، التي تتميز بانعدام حسن النوايا المطلق. المحاكمة العادلة لا يمكن القيام بها وأنت تجلس عاليا، بل فقط من خلال نظرة قريبة وثاقبة. ان العدل لا يتم اذا لم نكن مستعدين لرؤية المعنى الحقيقي، العملي، لنص القانون – في حالة قانون العزل: أداة للتمييز، الملاحقة السياسية، نزع الشرعية والاساءة لاعضاء الكنيست العرب – الذي هو غير مرتبط مطلقا بكون أن خطوة العزل ستنجح. في حالة قانون الطواريء، وهو احد الخطوات لضم المناطق فعليا بدون ضم رسمي – فرض قانون واحد على موضوعين مختلفين تماما: دعوة لمقاطعة دولة اسرائيل ودعوة لمقاطعة المستوطنات.
ليس بالامكان القيام بمهمة قضائية مخلصة بدون حكمة القلب، بدون أن يضع القاضي نفسه في مكان من سيتلقون قرارات حكمه. المحكمة لم تقم بذلك عندما قررت أن مسألة قانونية قانون لجان القبول غير ناضجة للحسم، وهكذا حكم على من ينتمون لمجموعات سكانية ضعيفة في اسرائيل بمصادرة خصوصيتهم وأن يخاطروا بالاهانة المتوقعة ازاء اسئلة لجان القبول واختباراتها.
ليس بالامكان القيام بالمهمة القضائية بدون أن تأخذ في الحسبان ليس فقط هدف القانون، بل ايضا مجمل تداعياته، خاصة تأثيره على البنية القيمية لدينا. مثلا، ليس بالامكان منح افضلية قانونية للاستيطان اليهودي بدون تحويل العرب في افضل الحالات الى اشخاص دونيين.
المحكمة هي المكان الاخير في الجهاز الحكومي الذي فيه احتمال للقانون أن يتحول من تعبير عن قوة فارضة الى قوة من اجل تحقيق العدل. المحكمة يجب أن تكون نقيض الشعبوية الاستبدادية لوزيرة العدل، التي بتبجحها الذي لا حدود له والكاذب “باسم الشعب ومن اجل الشعب” (الاسم السري لاغلبية الائتلاف)، هي تريد أن تضمن للسلطة قوة منفلتة العقال يمكنها المس بحقوق المواطنين الاساسية، أي أن تحول الشعب من مواطنين الى رعايا.
ليس هناك اسوأ من محكمة تعيق تعبير العدل من اجل تسويغ الظلم. في المكان الذي فيه القانون هو قانون الظلم، القاضي يجب أن يفضل ولاءه لـ “مشرع العدل” – قيم المساواة والحرية، التي هي اللبنة الاولى في اسلوبنا القضائي – على اخلاصه للمشرع الظالم.