ترجمات عبرية

هآرتس: المحكمة العليا، الدرع الواقي الذي تحطم

هآرتس 6/6/2024، ميخائيل سفارد: المحكمة العليا، الدرع الواقي الذي تحطم

خلال 57 سنة حظي الاحتلال الاسرائيلي بدرع قانوني، الذي كانت نوعيته قريبة من الكمال. درع القانون الفولاذي اللامع الذي تذرع به المجتمع الاسرائيلي، وطمس بواسطته عاره، ودافع عن كل الجرائم لدينا، وقام بحماية كل شيء مقرف فعلناه. عشرات السنين كان يمكننا سرقة من المحتلين اراضيهم والاستيطان فيها، اهانتهم على الحواجز وفي الحقول، واعتقالهم بالآلاف بدون محاكمة، وعدم اعتقال أو محاكمة اعضاء العصابات اليهودية الذين ينقضون عليهم، واخراج خارج القانون أي نشاط سياسي غير عنيف يقومون به، قصف قطاع غزة كل بضع سنوات جوا وبرا وبحرا، وقبتنا الحديدية القانونية – التي تترأسها المحكمة العليا، تاج رأسنا – انقذتنا من المحاولات المهينة لتقديم افعالنا لمحاكم أجنبية.

لكن السنة الـ 58 التي ستبدأ في هذا الاسبوع، لا تبدأ خطواتها الاولى بالثقة التي منحها لسابقاتها درع المحكمة العليا. في السنة الماضية اوهام كثيرة تحطمت. نحن اعتقدنا أن الجيش الأقوى في الشرق الاوسط يقدم للمستوطنات الحماية الكاملة، لكن تبين أن هذا كان وهم فظيع؛ كنا على قناعة بأن جهاز الاستخبارات يعرف في الوقت الحقيقي عن كل مواطن في غزة يتبول في زاوية في القطاع، لكن اكتشفنا أن هذا كما يبدو هو كل ما يعرفه؛ كنا على ثقة بأن مكانة جهاز القضاء الاسرائيلي الرفيعة ستمنع تدخل هيئات قضاء دولية، لكن اكتشفنا أن القضاة الاغيار يوجدون على الجدار. ادعاء رؤساء النضال العادل ضد الانقلاب النظامي الذي يقول بأن المحكمة العليا هي درع، هو ادعاء صحيح، لكن تبين أنه توجد لهذا الدرع قيود، حيث أنه حسب الحكمة الشعبية المعروفة فانه لا يمكن خداع الجميع طوال الوقت.

عندما تمثل المحكمة العليا الاسرائيلية امام محكمة التاريخ حول مسألة اذا قامت بالدور الاكثر اهمية لها، الدفاع عن حقوق الانسان والمواطن، فانها ستلوح بقرارات حكمها السابقة، الكثيرة والشجاعة، التي عملت على حماية قيم الديمقراطية والحقوق الاساسية وعززتها. هذا ليس مبالغ فيه. فقد قامت المحكمة العليا بحماية حقوق طائفة المثليين ومنعت الاكراه الديني وحاربت فساد الحكومة.

قضاة المحكمة العليا يحق لهم التفاخر بالاحكام الاساسية التي ألغوا فيها التمييز ضد النساء وحظروا التعذيب (ليس بالكامل) وقاموا بحماية حرية التعبير والتظاهر من المس الحكومي. يجب عدم التقليل من اهمية هذه الاحكام التي حددت بدرجة معينة طبيعة المجتمع الاسرائيلي ومنحت الكثيرين فيه امكانية تجسيد حقوقهم الاساسية، التي بدونها كان سيتم حرمانهم منها. 

لكن عندما سيتعلمون بتفاخر الدفاع عن انفسهم امام قاضية التاريخ فانه ستسقط على الارض من عباءاتهم الاحكام التي سيحاولون اخفاءها ونسيانها. آلاف الاحكام التي يصعب أن تغطيها عباءة القضاء في اسرائيل. احكام أكدت على الاضرار بالضعفاء جدا، الذين يوجدون تحت حكم اسرائيل، لكن لا توجد لهم أي حقوق أو أي تأثير في مستقبلهم. أو الذين لا يتم تمثيلهم في أي مؤسسة حكومية تحكمهم. 

أنا أتخيلهم، قضاة المحكمة العليا على اجيالهم، وهم يتحدثون في محكمة التاريخ ويشخصون الى الاحكام التي يتفاخرون بها (التي تمت ترجمتها الى اللغة الانجليزية)، ويتقزمون امام احكامهم التي تسقط من عباءاتهم وتزعج تدفق ادعاءاتهم. الاحكام التي تسمح بالطرد ومصادرة الاراضي والنقل القسري وهدم البيوت كعقاب جماعي والاعدام بدون محاكمة ومنع التطوير للفلسطينيين والتمييز في كل المجالات وجهاز قضاء مزدوج، الاول مدني وحديث للمستوطنين والثاني عسكري وديكتاتوري للفلسطينيين. المتفوقون يرفعون اصواتهم وهم يتصببون عرقا، ولكن خلفهم توجد كومة تتحدث عن قصة نظام ديكتاتورية وابرتهايد، التي آلاف قرارات حكمهم سمحت به، حتى لو هنا وهناك قاموا بتخفيفه.

طلب اصدار مذكرات اعتقال لرئيس الحكومة ووزير الدفاع، الذي قدمه المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، يكمل عملية طويلة من اساءة السمعة التي حظيت بها منظومة انفاذ القانون في اسرائيل في المجتمع القضائي الدولي، من دولة ادهشت العالم في الثمانينيات بعد المذبحة في صبرا وشاتيلا عندما قام جهاز القضاء فيها بعزل أحد وزراء الدفاع الاقوياء فيها، وتسبب بالضرر لمسيرة آلاف الضباط الذين وجد أنهم مسؤولون بشكل غير مباشر عن المذبحة، الى دولة جهاز القضاء فيها يغض النظر، وحتى يساعد زعران التلال، الذين يهاجمون قوافل المساعدات الانسانية. 

طلب اصدار مذكرات اعتقال يشير الى فقدان تعامل المجتمع القانوني الدولي مع منظومة الاستشارة القانونية وشرطة اسرائيل والنيابة العسكرية والمحكمة العليا ايضا، كمؤسسات لانفاذ القانون ملتزمة بالقواعد الدولية، على الاقل في كل ما يتعلق بمعاملة الفلسطينيين.

لماذا نتذمر؟ في نهاية المطاف منذ عقود ترسخت سياسة الحصانة تقريبا شبه المطلقة للجنود الذين يمسون بالفلسطينيين. تقريبا لا يوجد تحقيقات في الشرطة العسكرية في جرائم الجنود، والتحقيقات القليلة التي تجرى هي ببساطة نكتة. هذه منظومة الجيش والشرطة يساعدون فقط المستوطنين العنيفين ويطمسون على جرائمهم. والنيابة العامة تقدم خدمة وتساعد في عملية الضم والابرتهايد والحماية لكل اسلوب قتالي مدحوض، على اعتبار أنه تكفي بيانات لوسائل الاعلام عن الحرص على القانون الدولي (من اجل حماية اسرائيل من الاجراءات القانونية).

نحن في هذه الاثناء نتطلع الى سقوط دولة اسرائيل القانوني، مع طلب اصدار مذكرات اعتقال لرؤسائها من محكمة الجنايات الدولية، مع الاوامر المؤقتة التي اصدرها قضاة محكمة العدل، مع محاكم في دول مختلفة لا تقوم برمي الملفات التي تتناول افعال اسرائيل بالذريعة الممجوجة “يوجد قضاة في القدس”. هذا سقوط قانوني، الذي تصميم منظومة القضاء لدينا، المستقلة والمهنية وذات الحقوق الكثيرة، على المساعدة في خرق قوانين الاحتلال والحرب، هي أحد اسبابه. 

أهلا وسهلا بسنة الـ 58.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى