هآرتس: المحادثات بين إسرائيل وحماس على حافة الانفجار ونتنياهو والسنوار يقودان جبهة الرفض
هآرتس 6-5-2024، عاموس هرئيل: المحادثات بين إسرائيل وحماس على حافة الانفجار ونتنياهو والسنوار يقودان جبهة الرفض
الولايات المتحدة ومصر وقطر، استخدمت أمس ضغطاً كبيراً على إسرائيل وحماس في محاولة لمنع تفجير المفاوضات حول صفقة المخطوفين. في إطار هذه الجهود، سافر رئيس الـ سي.آي.ايه، وليام بيرنز من القاهرة إلى عاصمة قطر الدوحة بعد أن قدمت بعثة حماس الرد المتحفظ على اقتراحات الوسطاء وعادت إلى قطر. بعد ذلك، قد يواصل بيرنز طريقه إلى إسرائيل. في غضون ذلك، ستزيد إسرائيل تهديدها باقتحام رفح، وصباح أمس دعت سكان حي في شرق رفح لمغادرة بيوتهم. أمس كانت حادثة صعبة قتل فيها ثلاثة جنود إسرائيليين في قصف لحماس في منطقة كرم أبو سالم.
سلمت حماس سلسلة تحفظات للوسطاء، لكن مسألة واحدة تقف في مركز الخلاف منذ أشهر، وهي أن حماس تطلب بأن تشمل الصفقة إنهاء الحرب وانسحاباً كاملاً لقوات الجيش الإسرائيلي من القطاع مع تقديم ضمانات من الوسطاء. رئيس الحكومة، نتنياهو، يرفض ذلك؛ لأن معناه اعتراف بالفشل في تحقيق أهداف الحرب المعلنة، الأمر الذي قد يبدأ رقصة شياطين سياسية.
القدامى الذين يتابعون نتنياهو -يدور الحديث الآن عن معظم سكان إسرائيل البالغين- يعرفون أن رئيس الحكومة هو مجموع تخوفاتهم وضغوطهم، وأصبح يصعب التفريق بينها الآن، ولكن يبدو أن التقليد الذي استمر لفترة طويلة من قبل مريانو أدلمان لنتنياهو في “بلاد رائعة”، جعله يدرك الجوهر العميق لهذا الشخص: عيون تركض في الأحداق، خوف دائم، حجج متغيرة.
ليس سراً أن رئيس الحكومة الآن يعيش في مأزق. فمن جهة، رغم أن السنوار يستمر في وضع العقبات فإن الإدارة الأمريكية تضغط على نتنياهو لإظهار مرونة أخرى والسعي لعقد الصفقة. سيكون للخطوات الأمريكية تأثير حاسم على التطورات، وتقترح تغليف تنازل إسرائيل بكثير من بادرات حسن النية وعلى رأسها اتفاق التطبيع بين إسرائيل والسعودية. وإذا رفض ذلك، لا سيما إذا أمر بالدخول إلى رفح، فمعنى ذلك وضع قيود على التسليح الأمريكي للجيش الإسرائيلي، وإلى جانبه تفاقم الحصار الدولي (المقاطعة الاقتصادية التي أعلنت عنها تركيا تقدم بشرى سيئة أولى، والكثير مثلها قد يأتي لاحقاً). خلف الزاوية ينتظر خطر أمر الاعتقال الذي صدر في لاهاي، الذي يقض مضاجع نتنياهو لأنه موجه له بشكل خاص.
من جهة أخرى، قاعدته السياسية تتوسل إليه لاحتلال رفح كما يهدد منذ ثلاثة أشهر. قبل شهر تقريباً، صرح نتنياهو بأننا على بعد خطوة من النصر المطلق، الذي سيتحقق من خلال احتلال المدينة وتفكيك كتائب حماس الأربع المتبقية. هو لم يوضح إذا كنا تقدمنا أو ابتعدنا عن هذا الهدف. الوزير بن غفير سجل في نهاية الأسبوع فيلماً مخيفاً من داخل مكتب رئيس الحكومة، قال فيه “نتنياهو يعرف ثمن عدم تنفيذ الالتزامات”.
الشريك، الخصم، الوزير سموتريتش، اهتم أمس بالتوقف عند الدخول إلى جلسة الحكومة لإلقاء خطاب أمام مظاهرة للعائلات الثكلى التي طلبت استكمال الانتصار على حماس. نتنياهو نفسه نشر أمس فيلماً وعد فيه بمواصلة القتال في القطاع حتى تحقيق كل الأهداف. في الجلسة تم تبرير قرار إغلاق مكاتب قناة “الجزيرة” في إسرائيل لمدة 45 يوماً.
خطوات نتنياهو في نهاية الأسبوع كانت شفافة تماماً. صباح السبت، بدأ الوسطاء في تسريب تنبؤات متفائلة لوسائل الإعلام العربية والأمريكية حول احتمالية عالية لعقد الصفقة في القريب. مكتب نتنياهو، بغطاء “مصدر سياسي”، سارع إلى إصدار إعلانين يوم السبت تعهد فيهما بمواصلة الحرب ودخول الجيش الإسرائيلي إلى رفح براً. أدرك كل من واشنطن والقاهرة والمنظومة السياسية في إسرائيل معنى هذه العملية: نتنياهو يريد إفشال التقدم إذا ردت حماس بالإيجاب. قد يطلب السنوار الآن ضمانات أكثر تشدداً لإنهاء الحرب من الولايات المتحدة، ويؤخر تطبيق التفاهمات.
التصريحات التي انضمت إليها حملة الأبواق في منتهى السبت، استهدفت طمس انطباع حول بعض التنازلات التي صادق عليها مجلس الحرب برئاسة نتنياهو قبل أسبوعين تقريباً. وافقت إسرائيل على تقليص وجودها في الممر الذي يشطر القطاع وإزالة معظم القيود على عودة الغزيين إلى شمال القطاع وإظهار المزيد من الليونة حول إطلاق سراح مخربين. ولكن إذا تم إفشال هذا الاتفاق لن تدخل هذه التنازلات إلى حيز التنفيذ.
يمكن الاستمرار الآن في نشر الافتراءات بواسطة القناة 14 وكأن نتنياهو قد أمر في الأسبوع الماضي بالدخول إلى رفح، لكن تم صده بشكل ما على يد تحالف الجبناء الذي شكله ضده وزير الدفاع ورئيس الأركان ووزراء المعسكر الرسمي.
عملياً، الدخول إلى رفح ما زال على رأس جدول الأعمال في حالة تفجير آخر في المفاوضات حول الصفقة. بدأت إسرائيل تهدد بذلك، وألقت من الجو صباح أمس منشورات في رفح، وطلبت من سكان الأحياء الشرقية في المدينة إخلاء بيوتهم. في هذه المرحلة، ما زال الحديث يدور عن إشارات عنيفة في إطار المفاوضات، وإزاء معارضة أمريكا فإنه مشكوك أن يحتل الجيش الإسرائيلي المدينة كلها. الأرجح أن يأمر الكابنيت الجيش الإسرائيلي بالعمل بشكل محدود على مداخل المدينة. ولكن حتى هذا السيناريو لن يزعج رئيس الحكومة ومؤيديه في عرض ذلك كتحقيق لالتزامه. استناداً إلى التصريحات الكثيرة الأخيرة من الطرف الإسرائيلي، يصعب التحرر من الانطباع بأن نتنياهو يريد تنفيذ “التأكد من قتل” الصفقة، بعد عدم إظهار حماس لأي ليونة أخرى في مواقفها.
ثمن العناد
كلما مر الوقت لم يتوقع رئيس الأركان هرتسي هليفي قوة عاصفة الجمهور التي سيثيرها قراره ترقية رئيس قسم العمليات، العميد شلومي بندر، تعيينه رئيساً للاستخبارات العسكرية “أمان”. في الواقع، اهتم هليفي بالمصادقة على التعيين من قبل وزير الدفاع يوآف غالنت، الذي بدوره أبلغ رئيس الحكومة. ولكن رئيس الأركان فضل تجاهل التحذير الذي سمعه في الأسبوع الذي سبق النشر عن القرار، أن هذا التعيين لن يمر بهدوء.
إضافة إلى الانتقاد في الجيش وفي المستوى السياسي، فقد ثار غضب العائلات الثكلى لقتلى الجيش الإسرائيلي الذين سقطوا في معارك 7 أكتوبر وقتلى المذبحة في غلاف غزة. وثمة استعداد لتقديم التماس للمحكمة العليا حول تعيين العميد بندر.
ما لم تستكمل التحقيقات العسكرية حول أحداث اليوم المصيري ولم يتقرر ما دور قسم العمليات ولواء العمليات في تأخر الجيش الإسرائيلي في القدوم لإنقاذ المدنيين الذين تعرضوا للهجوم، فستحلق غيمة فوق هذا التعيين. يمكن أن يصمم هليفي على حقه في اتخاذ قرار تعيينات مستعجلة ما لم يشغل منصب رئيس الأركان. وهذا الأمر محل خلاف.
قال رئيس الأركان إن هناك حاجة ملحة لإشغال منصب رئيس “أمان” إزاء استقالة الجنرال أهارون حاليفا من منصبه. ولكن هليفي ربط بذلك أربع ترقيات وتعيينات لجنرالات جدد، التي تعني كما يبدو استقالة جنرالات قدامى، رغم أنه ليست لهم علاقة مباشرة بأحداث 7 أكتوبر. من غير الواضح إلحاحيته التي يبديها قبل التوضيح كم من الوقت ينوي هو نفسه البقاء في منصبه.
في غضون ذلك، ثار نقاش حول هوية من ستتم ترقيتهم، مع العودة إلى إحصاء كثيف للقبعات المنسوجة في أوساط جنرالات هيئة الأركان. ثلاثة من بين الخمسة جنرالات الجدد هم من خريجي التعليم الديني، لكن هناك من يعتبرون أنه ليسوا جميعاً متدينين بما فيه الكفاية.
هذا هجوم آخر من قبل الحريديم الوطنيين، وهو قطاع مهنته التباكي، في كل ما يتعلق بالتعيينات في الجيش الإسرائيلي. يتعلق أساس هذا التباكي بالعميد عوفر فنتر، الذي بقي في الخلف هذه المرة. هليفي، مثل أسلافه في هذا المنصب، يبدو أنه يعتقد أن فنتر، الضابط المتميز بحد ذاته، غير مناسب لشغل منصب جنرال في هيئة الأركان. للمرة الرابعة أو الخامسة في السنوات الثمانية الأخيرة، ثارت عاصفة صغيرة حول ترقية فنتر. وكالعادة، لم يتحمل الوزير سموتريتش، وكان لديه ما يقوله حول هذا الأمر. نتنياهو كالعادة لن يتدخل، لكن يمكن الرهان بثقة أنه مسرور من تأجيج النار، كما هو مسرور من أي نقاش آخر يحرف النقاش عن مسؤوليته عن إخفاقات 7 أكتوبر وإخفاقات الحرب الحالية.