ترجمات عبرية

هآرتس / اللغة العربية لغة جميلة؟ ليس عندنا

هآرتسبقلم  ايلي فوده – 30/8/2018

الانتداب البريطاني انتهى كما هو معروف في العام 1948، لكنه ترك خلفه نظام قوانين وانظمة واجراءاتما زالت سارية حتى بعد سبعين سنة. هكذا هو الامر بشأن اللغة العربية، التي بقيت لغة رسمية الى جانب اللغةالعبرية. في وثيقة الاستقلال لم يكتب أي شيء بخصوص اللغة العربية، لكن من روح المساواة التي تهب من الوثيقةيمكن الاستنتاج بأنه لم يحدث أي تغيير في مكانتها.

حكومات اسرائيل المتعاقبة لم تغير وضع اللغة العربية، ولا حتى في فترة الحكم العسكري في مناطقالتجمعات السكانية العربية (1949 – 1966). ما ينص عليه قانون القومية بأن هناكمكانة خاصةللغة العربية،في حين أن اللغة العبرية هي لغة الدولة الرسمية، خلقت للمرة الاولى تراتبية رسمية بين اللغتين، حيث فيها العربيةهي لغة ثانوية، مكانتها الدقيقة في القانون ستحدد في فترة لاحقة، اذا حدث ذلك.

تاريخ اللغة العربية كلغة رسمية في دولة اسرائيل عرف حالات ارتفاع، لكن بالاساس حالات هبوط. إنجهود الكثيرين من وزراء التعليم وعلى رأسهم اسحق نافونمن اجل ادخال تعليم اللغة العربية بشكل الزامي الىالمدارسووجهت بمعارضة سياسية من قبل احزاب في الائتلاف الحكومي والمعارضة. مع ذلك، في 1995 نجحتوزارة التعليم برئاسة امنون روبنشتاين في ادخال تعليم العربية بشكل الزامي كلغة ثانوية الى الصفوف من الثامنالى العاشر. تلك كانت سنوات اوسلو، عندما كانت المسيرة السلمية في ذروتها. ولكن لم ينجح أي وزير تعليم فيادخال العربية الى التعليم الاساسي والزام خريجي النظام التعليمي بتقديم امتحان اللغة العربية مثلما هو الآمربالنسبة للغة الانجليزية. في جهاز التعليم العربي يتم امتحان الطلاب باللغات الثلاثة.

علامة فارقة ايجابية اخرى في مكانة اللغة العربية هي قرار محكمة العدل العليا في 2002، في اعقابالتماس قدمته جمعية حقوق الانسان وجمعية عدالة، بأنه من الواجب على المدن المختلطة الاهتمام بأن تكوناللافتات في المدن باللغة العربية ايضا. هناك من يعتبرون هذا القرار نوع من قرارات المحكمة بأن اللغة العربية هيلغة رسمية في اسرائيل.

ولكن منذ العام 2001 طرح اعضاء كنيست من اليمينالاول كان ميخائيل كلاينر من الليكودمشاريعقوانين تلغي مكانة اللغة العربية، وتبقي العبرية كلغة رسمية وحيدة. في مشاريع قرار اعضاء الكنيست من اليمينتعاملوا مع اللغة العربية كلغةرسمية ثانوية، لغةذات اهمية خاصةومكانة خاصة” – كل هذه صيغ نظيفةتعني خفض مكانة اللغة العربية.

نظرة اوسع تبين الى أين تدهورت الديمقراطية الاسرائيلية. الكسندر يعقوبسون اوضح كيف أن كرواتياوصربيا ولاتفياالدول الثلاثة المصنفة قريبا من اسرائيل في مقياس منظمةفريدم هاوس” – تتناول في قوانينهابصورة متساوية الاقليات فيها (“هآرتس، 7/8). ومن المفاجيء اكثر اكتشاف أن المغرب، المصنفة في مرتبةمنخفضة في مقياس الحرية العالمي، قامت بتعديل دستوريها في العام 2011 بحيث ينص على أن اللغة العربيةهي اللغة الرسمية، لكن الامازيرية كذلك (اللغة البربرية) هي لغة رسمية في الدولة لكونها تراث مشترك لكل المغاربة. الصيغة تظهر حقا التدرج، لكن بصورة لطيفة وغير ضارة.

إن خفض مكانة اللغة العربية هو تعبير عن روح العصر التي بدأت تهب في المجتمع الاسرائيلي في بدايةسنوات الألفين نتيجة التغييرات الديمغرافية والسياسية، وخيبة الأمل من فشل العملية السلمية ومن الانتفاضةالفلسطينية الثانية. هي ايضا تعبر عن تغييرات ايديولوجية في اليمين. في العام 1944 كتب مناحيم بيغن في أحدمنشورات ايتسل بأناللغة العبرية واللغة العربية ستكونان لغة البلاد، لن يكون تمييز بين عربي ويهودي فيالحصول على وظيفة حكومية أو عامة“. بعد مرور 75 سنة فان افكار جابوتنسكي وبيغن تم سحقها على أيدي ورثةالتنقيحيين.

من المهم أن نذكر أنه فعليا اللغة العبرية واللغة العربية لم تكونا في أي يوم متساويتان. إن هيمنة اللغةالعبرية توجد في كل مجالات الحياة، بما في ذلك المحاكم ونقاشات الكنيست. والمجتمع العربي لا يحارب هذهالظاهرة بل هو يسلم بها. لذلك فان خفض مكانة اللغة العربية هو في اساسه رمزي. ولكن توجد له تداعيات سيئة: أولا، هو يعبر عن عجز المجتمع اليهودي في رؤيةالآخر“. في اوضاع الصراع، يتم تحديد الهوية وترسيخهابواسطة نزع شرعية الآخر، لكن بعد مئة سنة من الصراع يبدو أن الهوية الاسرائيليةاليهودية قوية كفاية من اجلالاعتراف بالآخر بدون الشعور بالتهديد. ثانيا، هي تعزز رؤية الدولة المحاصرة، المحاطة بمحيط عربي واسلامي.

اللغة يمكنها أن تمثل جسر بين الثقافات، لكن جسر احادي الاتجاه، فيه فقط الاقلية تتعلم لغة الاكثرية،ليس فقط تخلد هيمنة الاغلبية التي تؤدي الى اهانة الاقلية، بل هي ايضا تؤدي الى عزل الاغلبية اليهودية عنالفضاء.

من اجل الاندماج في الفضاء يجب على اسرائيل الاعتراف بثقافة ولغة الآخر وتعلمها. بالتحديد بعد أنانفتحت اسرائيلي قليلا على المنطقة، ووقعت على اتفاقات سلام مع جارتين لها، وهي تقيم علاقات علنية وسرية معالسلطة الفلسطينية ومع عدد من الدول العربية، هي آخذة في الانغلاق.

النقاش في لجنة الدستور والقانون والقضاء في الكنيست لاحياء يوم اللغة العربية في 2016 قال بنيبيغن وبحق بأن هدف القانون المقترحليس تعظيم اللغة العبرية، بل اقصاء اللغة العربية“. المجتمع اليهودي،بمختلف اقسامه السياسية، يجب أن يعارض ذلك وبكل وسيلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى