هآرتس: الكنيست والحكومة تنشران الفوضى وتفككان الدولة

هآرتس 12/5/2025، دينا زلبر: الكنيست والحكومة تنشران الفوضى وتفككان الدولة
بعد تسعة اشهر على اقتحام عشرات المشاغبين، من بينهم منتخبي جمهور زعران، لمنشأة الاعتقال في سديه تيمان، استدعت أمس الشرطة للتحقيق الوزير عميحاي الياهو، ونائب رئيس الكنيست نسيم فاتوري وعضو الكنيست تسفي سوخوت، الذين شاركوا في الاقتحام. في دولة سليمة هذا كان سيكون كاف من اجل ان تقوم المنظومة السياسية بنفسها بلفظ هؤلاء الزعران من داخلها. اشخاص مثلهم لم يكونوا ليتجرأوا على اظهار وجوههم في الفضاء العام.
اقتحام القاعدة استهدف منع التحقيق مع جنود الاحتياط المشتبه فيهم بتنفيذ تحرش جنسي، واستخدام العنف على معتقل امني من غزة احتجز في تلك المنشأة. في شهر شباط تم تقديم لائحة اتهام ضد خمسة من رجال الاحتياط هؤلاء بسبب مخالفات الحاق ضرر شديد في ظروف مشددة وتنكيل في ظروف مشددة التي ارتكبوها معا ضد المعتقل الامني. الحديث يدور عن تنكيل شديد وعنف استثنائي، الضرب، استخدام مسدس مكهرب، ادخال اجسام بالقوة في مؤخرته، الطعن بجسم حاد واحداث تمزقات في العضو التناسلي، احداث ثقب في الرئة، واضرار شديدة في الجسد وكسور في الاضلاع.
في دولة سليمة كان التاييد العلني لمنتخبي الجمهور للقيام بهذه الاعمال العنيفة واقتحامهم للقاعدة العسكرية كان سيعتبر مبالغ فيه حتى في فيلم. هذا في دولة سليمة.
فاتوري قال بانه لا ينوي المثول للتحقيق بذريعة أن له حصانة، واضاف بان الامر يتعلق بـ “تحقيق سياسي باسلوب النائب العام للدولة العميقة والمستشارة القانونية لطائفة كابلان”. حتى الآن من غير الواضح اذا كان الياهو وسوكوت اللذان يظهران اشارات الرفض، سيرفضان في النهاية المثول للتحقيق. الوزير المسؤول عن النظام العام، ايتمار بن غفير، المجرم المدان والمؤيد المتسلسل لخرق القانون، وهو تجسيد كلاسيكي لتعيين سخيف وغير معقول بصورة شديدة – سارع الى التغريد: “موجة التحقيقات السياسية الاسبوعية لبهراف ميارا هي استمرارية للنشاط الاجرامي لمستشارة قانونية سياسية من اعلى الرأس الى اخمص القدم”. هذا هو نفس بن غفير الذي حتى قبل بضعة ايام وقع على اتفاق مقيد، الذي وافق عليه ظاهريا حتى لا يتم الغاء تعيينه كوزير للامن القومي من قبل محكمة العدل العليا. الورقة تقادمت بشكل سيء حتى قبل ان يجف الحبر الذي كتبت فيه.
بعد شهرين يتوقع أن يتم تقديم تحديث في الالتماس الذي قدم ضد معقولية ولاية شخص يخترق القانون بشكل متسلسل في منصب الوزير المسؤول عن النظام العام. من اجل ان يضاف الى التحديث الوقود اللفظي الذي يصمم بن غفير على صبه على كل نار للشغب والفوضى لزيادتها وتمجيدها. رد فعله المتعاطف مع موقف المسؤولين المنتخبين في عدم التوجه الى التحقيق معهم في الشرطة، المسؤول عنها، هو دليل آخر على كل سلة الحشرات، ويعزز الرؤية التي تقول بان العقرب لا يمكن الا ان تلدغ في منتصف النهر، دون صلة بوعوده الفارغة.
اذا كان منتخبو الجمهور الذين ينتهكون هذا اللقب وينتهكون البادئات، الذين تظهر قبل اسماءهم مثل الوزير، نائب رئيس الكنيست، وعضو الكنيست، يرفضون بالفعل المثول للاستجواب الذي تم استدعاءهم اليه من قبل الشرطة – فهذه فوضى بحتة. انتهاك صارخ للقانون. تمرد الوزير والمشرعين على القانون – في الوقت الذي يسنون فيه قوانين مختلفة لنا ويتوقعون من الجمهور طاعتها.
في كل تاريخ الدولة اعضاء الكنيست والوزراء ورؤساء الحكومات وحتى رئيس الدولة لم ينكروا واجبهم في المثول للتحقيق عندما اشتبه بانهم ارتكبوا جرائم. الآن اضطرابات برلمانية ووزارية وكسر كل الاعراف والتقاليد، هي الموضة الجديدة والمعدية. من تالي غوتلب التي رفضت المثول في الفترة الاخيرة للتحقيق في الشرطة في اعقاب المس بامن الدولة، مع خرق بند في قانون الشباك ومرورا بالرفض الثلاثي لمن تم استدعاءهم مؤخرا للتحقيق، اذا تحقق، ورفض اعضاء الكنيست الذين جاءوا للزيارة في منشأة الاعتقال في سديه تيمان، لحماية انفسهم كما هو مطلوب من كل زوار المنشأة، فان الامر سينتهي بفوضى يفعل فيها كل شخص ما يروق له وجميعنا سنذهب الى الجحيم.
ايضا رفض الوزير ياريف لفين التعاون مع رئيس المحكمة العليا الذي انتخب حسب القانون، وانكار صلاحيات المحكمة والمستشارة القانونية للحكومة والنيابة العامة ومقاطعة رئيس الشباك في الجلسات الامنية الحيوية بصورة مخادعة وصادمة، التي تدعو الى حل الجهاز وتحويله الى ذراع صيد سياسي، وكل مشاريع القوانين لتقسيم مؤسسة المستشار القانوني للحكومة وتحطيم منظومة الاستشارة القانونية العامة وتسييسها، وتعيين نائب عام خاص وحل النيابة العامة، وتسييس كلي للتعيينات في الخدمة العامة وفي الشركات الحكومية، كل ذلك هو جزء من خرق القانون العام من قبل الحكومة. على الصعيد القانوني الضيق، المعنى واضح. الحديث يدور عن حقل محروث: القانون لا يعطي عضو الكنيست حصانة امام المثول للتحقيق الجنائي (خلافا لحصانة اخرى تعطى له، من التنصت، التفتيش والاعتقال). في اطار التحقيق ايضا ستتبين مسالة هل الافعال تقع تحت الحصانة الجوهرية المعطاة لعضو الكنيست عن افعال أو حول التعبير عن الرأي، التي تجري من اجل القيام بوظيفته أم لا. الحصانة تسري بعد التحقيق واتضاح التفاصيل وليس من اجل منع التحقيق.
الحصانة هي آلية من البداية تم اعدادها لحماية اعضاء الكنيست من المعارضة من ملاحقة السلطة التنفيذية. الحديث هنا يدور عن حالة كلاسيكية لـ “قوزاق مسلوب”: وزير واعضاء كنيست من الائتلاف الذين كانوا مشاركين في اختراق عنيف لقاعدة عسكرية. هذا بالتاكيد لا يعتبر جزء من مجال المخاطرة الطبيعية في نشاط عضو الكنيست. الويل لنا كمجتمع اذا كان هذا الاقتحام سيعتبر “جزء من قيام عضو الكنيست بوظيفته”. رفض المثول للتحقيق هو حمل اسم الحصانة عبثا واساءة استخدامها. هذا صفعة قوية لسيادة القانون والمساواة امام القانون، وخطوة اخرى في تطورنا الى الخلف، من مجتمع سليم الى حي فاسد الذي تقيمه الحكومة هنا. التسليم بالتنمر الامتيازي.
بعدم الامتثال للتحقيق، اذا حدث ذلك، فان مشاغبي الكنيست فقط يسيئون لوضعهم القانوني. هدف استدعاءهم للتحقيق هو كي يقدموا افاداتهم على مجرد الاشتباهات التي بسببها تم استدعاءهم للتحقيق. واذا رفضوا المثول فانهم سيحولون الاشتباه الى اساس الادلة في الملف، والاجراءات الجنائية ضدهم يمكن أن تستمر، وسيضاف اليها تهمة خرق أمر قانوني.
لكن خطورة الموضوع هي استثنائية واوسع بكثير من حالات التنمر المحددة. هذا يعتبر خرق لاسس الاجماع الوطني الاساسية جدا، المساواة بين جميع المواطنين امام القانون واهمية عمل مؤسسات الدولة. اذا كان النظام السياسي ووسائل الاعلام قد تبنت اجندة هذه الزعرنة التي تختفي تحت صورة النظام البرلماني فان هذا يعني تشجيع الحكومة على سيناريو التفكك الاجتماعي. ويشاهد المواطن بعينيه الرسالة الواضحة التي تصله من اعلى الهرم، وهي عدم احترام القانون ومؤسسات الدولة. اذا تمردت الحكومة والكنيست فماذا سيقول هذا المواطن؟ وعندما ينتهك ممثلو الحكومة هذه القاعدة الثقافية (وليس القانونية) فان هذا يعتبر علامة صارخة على أن المجتمع مريض، مريض جدا.
في دولة سليمة كان على رئيس الحكومة دعوتهم للامتثال الى النظام واتخاذ ضدهم عقوبات في الساحة السياسية واقالتهم على الفور من مناصبهم. في دولة سليمة كانت المعارضة والائتلاف ستلفظ هذه الظاهرة من الفوضويين الذين يرتدون البدلات. ولكن نحن لم نعد نعيش في دولة كهذه.