هآرتس: الكارثة الدبلوماسية لم تحدث بعد، إلا أن مقاطعة اسرائيل اصبح يشعر بها

هآرتس 1/6/2025، ليزا روزوفسكي: الكارثة الدبلوماسية لم تحدث بعد، إلا أن مقاطعة اسرائيل اصبح يشعر بها
ليس ممتاز، لكنه ايضا غير فظيع، هكذا يمكن الافتراض بأنهم لخصوا في اروقة وزارة الخارجية وجود الضيوف الكبار في المؤتمر ضد اللاسامية الذي استضافه في هذا الاسبوع وزير الخارجية جدعون ساعر في القدس. في هذا المؤتمر، الذي حسب بيان الوزارة كان يمكن ان يصل اليه وزراء خارجية ووزراء من دول كثيرة، تمكن وزراء خارجية اربع دول، النرويج والمجر والبانيا ومالدوفا، ووزير الداخلية لاستونيا ووزير الرعاية الاجتماعية للتشيك، من القدوم بعد عدد من الالغاءات والتأخيرات. وزير الخارجية الامريكي، ماركو روبيو، قام بارسال خطاب مسجل، الدول الاوروبية الاخرى والاتحاد الاوروبي نفسه تم تمثيلهم بمستويات متدنية اكثر، هذا في حين أن ارتفاع اللاسامية في الغرب هو حقيقي تماما. ومثلما صاغت ذلك منسقة مكافحة اللاسامية في الاتحاد كاثرينا فون شنورباين، فان الحديث يدور عن القفزة الاكبر منذ الحرب العالمية الثانية.
المؤتمر عرض صورة شاملة عن الوضع الدولي لاسرائيل. فرغم الكارثة التي ترتكبها في غزة وموجة التصريحات والادانات والخطوات وتهديدات الدول الغربية ضدها، إلا ان التسونامي الذي يتحدث الجميع عنه لم يجلب معه كارثة لا يمكن التراجع عنها. نحن نظهر بصورة سيئة لاننا نقوم بامر شرير. وضع صورة اسرائيل اسوأ من أي وقت مضى، والاضرار سترافقها لفترة طويلة، لكن الوضع ليس بشكل لا يمكن اصلاحها.
مثال على ذلك كان يمكن رؤيته في الزيارة التي قام بها في هذا الاسبوع في اسرائيل مبعوث الشؤون التجارية الثنائية من قبل الحكومة البريطانية، اللورد ايان اوستن، بعد اسبوع على اعلان بريطانيا تجميد المفاوضات حول اتفاق جديد للتجارة الحرة بين الدولتين. وزير خارجية بريطانيا دافيد لامي وصف في حينه اقوال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بأن اسرائيل ستدمر كل ما تبقى في القطاع وأنه سيتم نقل السكان الى دول اخرى، بانها اقوال متطرفة وخطيرة ومرفوضة وقبيحة. ولكن بعد الانتقاد الكبير وتجميد اتفاق التجارة وفرض عقوبات على بعض اعضاء اليمين المتطرف، اهتمت بريطانيا ايضا بتليين الرسالة ونشرت صورة لمبعوث شؤون التجارة على خلفية محلات تجارية في ميناء حيفا مرفقة بـ “الديمقراطية متعددة الثقافات” التي تمثلها اسرائيل.
الحرب تضع امام اسرائيل تحديات اعلامية كثيرة، تصعب رؤية كيف ستتخلص منها مع الاستراتيجية الدبلوماسية والسياسية القائمة. الموضوع الذي يشغل المجتمع الدولي هو توفير المساعدات الانسانية للقطاع. في هذا الموضوع تجري حرب روايات بين الامم المتحدة واسرائيل والصندوق الانساني لغزة (جي.اتش.اف)، الذي ينفذ البرنامج الاسرائيلي – الامريكي لتوفير المساعدات بطريقة “تتجاوز حماس”.
في الامم المتحدة (وفي الاتحاد الاوروبي) يقولون بان اجهزة الرقابة الوثيقة للمنظمة وامتداداتها هي ضمانة بان لا تصل المساعدات التي تقدم من خلالها الى حماس، وبالتاكيد ليس بحجم كبير. في الصندوق الانساني ينفون ذلك، ويقولون ان المساعدات بالضرورة خدمت حماس لانها الجهة المسيطرة بالفعل. اسرائيل، حسب الامم المتحدة، لم تعرض أي دليل على هذا الادعاء. المتحدث باسم شؤون الصندوق الانساني لغزة، شاحر سيغل، قال لوسائل الاعلام بانه سيقدم الادلة على تحويل مساعدات الامم المتحدة الى حماس، لكنه لم يقدم هذه الادلة حتى الان. ايضا في قسم المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي لم يردوا على الاسئلة حول الادلة على مساعدة الامم المتحدة لحماس.
من جهة اخرى، في اسرائيل وفي الصندوق يقولون ان الامم المتحدة غير قادرة على القيام بعمل الصندوق، سواء بسبب خطر النهب أو بسبب غياب الدافعية. من بين امور اخرى قيل ان موظفي الامم المتحدة لم يحضروا لجمع البضائع من مئات الشاحنات التي دخلت الى الطرف الغزي. ردا على ذلك يقولون في الامم المتحدة بأن من لا يسمح بالوصول الى معبر كرم ابو سالم هي اسرائيل، وان الالية القائمة تستهدف خدمة اهدافها السياسية.
التدهور يمكن وقفه
قبل عقد المؤتمر الفرنسي – السعودي حول حل الدولتين، في اسرائيل يهددون الدول الاوروبية من أنه اذا اعترفت بالدولة الفلسطينية فانه سيتم ضم مناطق في الضفة. في نفس الوقت اسرائيل بدأت بشكل فعلي وعلني ببناء مستوطنات جديدة وشرعنة بؤر استيطانية قائمة، هذا بالدمج بين عنف المستوطنين الذي يؤدي الى طرد تجمعات فلسطينية في الضفة وبين تجاهل الجيش والشرطة. رغم كل ما قيل فانه من ناحية سياسية – دبلوماسية، وبالتأكيد من ناحية عملية، تصعب رؤية كيف أن هذا المؤتمر “سيضر” اسرائيل أو حتى الحكومة اليمينية المتطرفة.
البروفيسور يوفال شني، الخبير في القانون الدولي في الجامعة العبرية، اكد على ان معظم دول العالم تعترف بالدولة الفلسطينية الآن، ومن غير المؤكد، من ناحية قانونية، ان مجرد الاعتراف يكفي لان تعتبر فلسطين دولة. “هذا غير مهم لان هناك اجماع كبير جدا بان المناطق هي مناطق محتلة وتسري عليها قوانين الاحتلال، سواء كانت اراضي دولة أو كيان ليس دولة”، قال شني. حسب قوله فان اعتراف واسع يمكن ان يساهم في تعزيز المكانة الدولية للسلطة الفلسطينية. “تحسين مكانتها الدبلوماسية في الدول التي تعترف بها، وفتح سفارات فيها، والقدرة على العضوية في منظمات دولية اخرى. ايضا المكانة ومستوى علاقات الفلسطينيين مع الاتحاد الاوروبي يمكن ان تتطور اذا كانت توجد كتلة حاسمة للدول الاوروبية التي ستعترف بهم”.
مع ذلك، احتمالية حدوث عملية اعتراف واسعة تبدو الان محدودة، حتى لو كان ذلك بسبب صياغة حذرة وملتوية، التي تربط فرنسا نفسها بها في سياق المؤتمر. هي تؤكد على ان الامر لا يتعلق بعملية احادية الجانب، بل “اعتراف بفلسطين مقابل التطبيع مع اسرائيل”، فقط من غير الواضح لمن سيعطى هذا المقابل. اسرائيل توجد الان بعيدا اكثر من أي وقت مضى عن استعدادها للاعتراف، او حتى التلميح بامكانية اعترافها بالدولة الفلسطينية. لذلك، من غير المعقول ان الدول الاسلامية والعربية ستوافق على التطبيع مع اسرائيل مقابل اعتراف فرنسا أو بريطانيا بفلسطين. تصريح الرئيس الاندونيسي في هذا الاسبوع اثناء زيارة ميكرون في اندونيسيا، اوضح بالضبط هذه النقطة. فقد قال ان بلاده ستكون مستعدة لاقامة علاقات دبلوماسية مع اسرائيل مقابل الاستقلال للفلسطينيين. من المؤكد ان دول اسلامية معتدلة اخرى، التي لم تقم بتسوية علاقتها بعد مع اسرائيل، ستتبع مقاربة مشابهة.
مع ذلك، الخبراء اكدوا بأنه حدث ضرر كبير بالفعل. حسب البروفيسور شني يجب ان ننظر ليس فقط الى الاتفاقات التي يمكن الغاءها او عدم تجديدها (مثل جزء من الاتفاقات مع الاتحاد الاوروبي)، بل ايضا الاتفاقات التي لن يتم التوقيع عليها في المستقبل. وقد قال “من الواضح انه لن يكون أي تحسن، او قدرة على التقدم امام الاتحاد الاوروبي او امام دول الاتحاد”. ايضا بنينا شربيت باروخ، مديرة برنامج الابحاث “اسرائيل في الساحة الدولية” في أي.ان.اس.اس، ورئيسة منتدى “دبورة”، اكدت على ان “المقاطعة الهادئة” لاسرائيل اصبح يشعر بها. هي توجد في قطع الاستثمار في مجال الهايتيك وفي وقف التعاون في مجال العلوم. “لا يقولون لك بشكل علني ان ذلك لكونك اسرائيلي، لكن فجأة لا يقومون بدعوتك الى المؤتمرات أو يجلبون خبراء. هذا يحدث طوال الوقت ويتم الابلاغ عنه في الاكاديميا، هذا شيء يحدث وتداعياته ستكون على المدى البعيد”، قالت.
الواضح هو ان التدهور يمكن وقفه، وبالتاكيد يمكن ابطاءه بشكل كبير. ومن اجل ذلك فانه مطلوب شيء واحد وهو وقف الجوع والقتل في غزة. السفير الالماني في اسرائيل، ستيفن زايبرت، وصف ذلك جيدا عندما قال ان والدته التي تشاهد الصور الفظيعة في التلفاز تتصل به وتسأله ما الذي يفعله بخصوص ما يحدث في غزة، والتي وصفها بأنها “الشخص الاكثر تاييدا لاسرائيل على وجه الارض.