ترجمات عبرية

هآرتس: القمة في شرم الشيخ كشفت الفجوة العميقة بين الحلم والواقع في غزة

هآرتس – تسفي برئيل – 15/10/2025 القمة في شرم الشيخ كشفت الفجوة العميقة بين الحلم والواقع في غزة

لحظة محرجة قد تلمح (كان الكثير منها) في قمة “السلام 2025” التي عقدت في منتجع شرم الشيخ الفاخر في يوم الثلاثاء، الى خطة السلام الكبيرة للرئيس ترامب. الرئيس ترامب سعى الى شكر رئيس دولة الامارات العربية محمد بن زايد، وطلب منه الوقوف لتلقي المديح، لكنه تفاجأ من غيابه.

قد يكون تجاهل ترامب لغياب الشخص، الذي تعهد باستثمار 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة، عن القمة، هو اهانة للزعيم الغائب، بل واكثر من ذلك يثير التساؤل حول فائدة تنفيذ الخطوات التالية في الخطة التي تتكون من 20 نقطة. حيث انه ليس فقط بن زايد هو الذي غاب، بل ايضا ولي عهد السعودية محمد بن سلمان، لم يحترم المستضيف، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أو ترامب. ومثلهما ايضا حاكم سلطنة عمان. 

لم يتم تقديم أي تفسير رسمي لغياب هؤلاء الزعماء الثلاثة عن قمة شرم الشيخ. ولكن معروف انه في الفترة الاخيرة التي شهدت مفاوضات كثيفة من اجل اتمام صفقة التبادل، ظهرت خلافات في الرأي بين السعودية والامارات ومصر. يقال في هاتين الدولتين بان السيسي يجري المفاوضات بدون التنسيق معهما وأنه يبلغهما بالنتائج لاحقا. ولكن الخلافات الجوهرية بينهم يتعلق بوضع حماس في القطاع بعد انسحاب الجيش الاسرائيلي. 

حسب مصادر اردنية فان الرياض وأبو ظبي اشترطت المشاركة في خطة اعادة الاعمار بنزع سلاح حماس، وأن لا تكون حماس موجودة في القطاع كمنظمة أو كحركة. هذا الشرط لم يظهر في خطة ترامب، التي بحسبها يجب على حماس نزع سلاحها وأنه لا يمكنها المشاركة في ادارة القطاع، لكن حماس يمكن ان تبقى في القطاع كحركة سياسية وحتى المشاركة في الانتخابات في المستقبل. 

مصر، التي خلال سنوات بذلت الجهود واستخدمت الضغط على حماس وعلى م.ت.ف من اجل توحيد الصفوف، تصمم على ان الصيغة التي تشترط نزع سلاح حماس، لم تكن ستمكن من التوصل حتى الى اتفاق وقف اطلاق النار واطلاق سراح الرهائن. ان موافقة مصر وقطر وتركيا ودعم ترامب للصيغة التي تعتبرها السعودية “مرنة” و”متساهلة” مع حماس، وحقيقة ان ترامب سمح لمساعديه باجراء مفاوضات مباشرة مع قيادة الحركة، تضع الرياض وأبو ظبي الآن في مازق قد يؤثر على استعدادها للمشاركة في تنفيذ خطة الرئيس الامريكي. 

حوالي 20 دولة شاركت في قمة شرم الشيخ، من بينها اربع دول هي مصر، قطر، تركيا وامريكا، وقعت على اعلان ترامب للسلام والازدهار الدائم. ولكن بالذات السعودية ودولة الامارات، التي لم توقع، هي الدعامة الاساسية، التي حسب ترامب تعهدت بأن تكون الصراف الآلي الذي سيمول اجهزة الادارة المدنية الجديدة التي ستقام في غزة، وايضا قوات الشرطة التي تتدرب الآن في مصر وفي الاردن، وفي نهاية المطاف اعادة اعمار القطاع.

كلمة “سلام” ظهرت 13 مرة في الاعلان القصير، لكنها لم تفسر حجم الاموال المطلوبة لتطبيق الخطة، ولا تظهر من هي الدول التي ستقدمها. الامر الذي لا شك فيه هو انه بدون التمويل الكبير المطلوب، الذي قدر في شهر شباط الماضي بـ 53 مليار دولار، والان يقدر بـ 70 مليار، فان السلام المتوقع في قطاع غزة، ومنها في كل الشرق الاوسط، يمكن ان يبقى على الطاولة التي فرغت بعد انتهاء القمة. 

في هذا السياق يجب التذكير بانه بالضبط قبل تسع سنوات، في تشرين الاول 2014، تم عقد في مصر مؤتمر الدول المانحة، الذي استهدف تجنيد الاموال لاعمار قطاع غزة بعد عملية “الجرف الصامد”، في حينه قتل فقط 2200 فلسطيني تقريبا، وتم تدمير 150 ألف مبنى. الدول المانحة في حينه تعهدت بتمويل 5.4 مليار دولار، النصف لغزة والنصف الآخر لميزانية السلطة الفلسطينية. 

بعد ثلاث سنوات من ذلك فقط 45 في المئة من الاموال ذهبت الى الاهداف التي خصصت لها، التي في معظمها كانت من قطر. السعودية في حينه امتنعت عن المشاركة في قائمة التبرعات بذريعة انها قدمت بالفعل مساعدات بما فيه الكفاية في السنوات السابقة. في ظل هذه الظروف سيكون مثير للاهتمام معرفة من سيشارك في مؤتمر الدول المانحة لقطاع غزة، الذي سيعقده السيسي في الشهر القادم في مصر، وما هو حجم الالتزامات.

مع ذلك، قبل دخول أي دولار الى قطاع غزة فانه من الضروري والمستعجل اقامة “قوة الاستقرار الدولية” التي من المفروض حسب خطة ترامب تولي حماية قوات الادارة المدنية التي ستقام في المناطق التي سينسحب منها الجيش الاسرائيلي، ومساعدة قوات الشرطة المحلية وجعل غزة “خالية من الارهاب”. ولكن حماس لا تنتظر اقامة القوة الدولية، وقد بدأت بالفعل في استعراض قوتها بعنف شديد ضد سكان غزة وتصفية الحساب مع المليشيات المحلية مثل مليشيا ياسر أبو شباب، التي تم تشكيلها بمساعدة اسرائيل، والعشائر المحلية. 

على سبيل المثال، قتل في المواجهات في نهاية الاسبوع الماضي حوالي 20 شخص من ابناء عائلة دغمش، احد العائلات الكبيرة المسلحة في غزة، التي دعمت في السابق فتح ضد حماس، ولكنها اضطرت الى دعم حماس بعد الصراع العنيف الذي بدأ عندما سيطرت حماس على القطاع في 2007.

اثناء الحرب حاولت اسرائيل تجنيد هذه العشيرة كقوة بديلة لحماس، ولكن بدون نجاح. خطر كبير يهدد الآن ايضا مسلحي مليشيا أبو شباب، التي جندها الشباك والجيش الاسرائيلي، والآن بقيت بدون حماية بعد الانسحاب الجزئي للجيش الاسرائيلي.

نشطاء حماس والعصابات التابعة لها سيطروا منذ وقف اطلاق النار على قوافل المساعدات الانسانية التي دخلت الى القطاع بحجم كبير، وبواسطتها هم يحاولون اعادة بناء البنية التحتية الاقتصادية لحماس ويفرضون على مليون فلسطيني تقريبا، ممن يعيشون في القطاع ويعتمدون على هذه المساعدات، الخضوع لتعليماتهم.

الولايات المتحدة ارسلت حوالي 200 جندي لتنسيق تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار والرقابة عليه، لكن هذه القوات لا يمكنها المشاركة في عمليات قتالية داخل القطاع في اطار قوة الاستقرار الدولية. وعلى اسئلة مثل من سيشارك في هذه القوة وكم جندي سيكون فيها، وما هي اوامر فتح النار المعطاة لها وكم من الوقت ستتواجد في غزة، لا يوجد حتى الان أي اجابات. وقد تمت مناقشتها بالخطوط العامة فقط على هامش قمة شرم الشيخ.

هناك فجوة كبيرة تفصل بين قدرة الرئيس ترامب على ان يفرض على اسرائيل وقف النار والانسحاب من القطاع وبين قوته على اجبار الدول العربية أو الغربية على ارسال جنودها الى غزة أو الاسهام من خزينتها في اعادة الاعمار. اذا كانت هناك أي احتمالية لتجنيدها فهي تكمن في حل سياسي واقعي يضمن اعتراف الولايات المتحدة بحكومة فلسطينية، وبداية شراكة فلسطينية حقيقية ومباشرة في ادارة القطاع، من المرحلة الثانية في الخطة – أي من أمس.

لكن بادرة حسن النية الوحيدة التي بادر اليها ترامب للممثل الفلسطيني المعترف به هي مصافحة رئيس السلطة محمود عباس، الذي لم يتم اعطاءه تاشيرة دخول للولايات المتحدة، وتبادل بضع كلمات المدح والثناء، وهي بادرة حسن نية تقريبا تم اجباره عليها من قبل الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون. وفي شأن نقل الصلاحيات في غزة للسلطة، هو غير مستعد لسماع أي شيء، الى حين اقتناعه بأنه بدون عباس وممثليه في غزة فانه سيبقى مع احلامه.


مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى