ترجمات عبرية

هآرتس: القضية الجديدة تشهد على بدء التفكك الداخلي للشباك

هآرتس 16/4/2025، عاموس هرئيل: القضية الجديدة تشهد على بدء التفكك الداخلي للشباك

أمر منع النشر بشأن ما سمي بالقضية الامنية الجديدة صمد في هذه المرة اقل من يوم، منذ اللحظة التي تسربت فيها التفاصيل الاولى وحتى رفع الحظر الجزئي صباح أمس. في اساس هذه القضية هذا تحقيق يتعلق بشبهات بشأن تسريب معلومات لمراسلين ووزير في الحكومة بدون صلاحية. ولكن من الطريقة التي تدحرجت فيها وتصاعدت، يبدو أنه يتطور هنا شيء أكثر عمقا. هذه مواجهة مباشرة بين الشباك والصحافي اليميني البارز (كما يبدو المحبوب) جدا في الدولة، عميت سيغل من “اخبار 12″، حيث في الخلفية هناك الجهود المتواصلة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للتخلص من رئيس الجهاز رونين بار.

منذ النشر ظهرت ادعاءات لملاحقة سياسية منهجية لبار ضد رجال من اليمين. يجدر تذكر ايضا حقائق مهمة لفهم السياق. أولا، أن نتنياهو واليمين المتطرف يديرون حملة مخطط لها وواسعة لتشويه مؤسسات الدولة ومفاقمة الانقسام الداخلي في المجتمع الاسرائيلي. ثانيا، أنه توجد لرئيس الحكومة مصلحة شخصية معينة لتسريع اقالة بار (التي في هذه اللحظة تم تجميدها بأمر من المحكمة العليا)، ازاء تقدم الشباك في تحقيق القضية القطرية، التي متهم فيها اثنان من رجال مكتبه. ورغم أن القضية الجديدة لا تتعلق في هذه الاثناء بصورة مباشرة برئيس الحكومة فانه لا يمكن رؤيتها بصورة منفصلة عن حرب نتنياهو ضد بار والمستشارة القانونية للحكومة وجهاز الامن وسلطات القانون.

في بيان قسم التحقيقات مع رجال الشرطة، المسؤول عن التحقيق سوية مع الشباك، قيل إنه في هذه القضية اعتقل في 9 نيسان رجل من الشباك بتهمة ارتكاب مخالفات امنية. هذا الرجل هو احد موظفي الجهاز في خدمة الاحتياط، المسمى حاليا أ، متهم باستغلال منصبه وقدرته على الوصول الى وثائق سرية من اجل اعطاء معلومات لجهات غير مسموح لها الحصول عليها. في الايام الاولى من التحقيق وحتى أمس، ايضا منع عليه مقابلة محامي. قسم التحقيقات في الشرطة قال انه خلافا لقضية قطر فانه في الحالة الحالية لم يتم اخذ شهادات من الصحافيين.

من تفاصيل اخرى، التي تكشفت الآن، يتضح أن موظف الجهاز متهم بنقل معلومات للوزير عميحاي شكلي، من المخلصين الاخيرين ولكن المتحمسين لنتنياهو، وللصحافي عميت سيغل ومراسلة “اسرائيل اليوم” شيريت افيتان  -كوهين. سيغل نشر في 23 آذار بأن الشباك يجري تحقيق في اشتباه “سيطرة كهانية” على الشرطة، وحسب المادة 7أ في قانون الجهاز الذي يحدد اغراضه، ضمن امور اخرى، يذكر مكافحة “تقويض اجهزة الحكم والديمقراطية”. تحقيق الشباك تناول خطوات للشرطة، بالتنسيق مع وزير الامن الوطني ايتمار بن غفير، حول اتخاذ القرارات بشأن ترتيبات الصلاة والزيارة في الحرم. حسب الاشتباه، معلومات مشابهة نقلت ايضا الى شيكلي. 

في حين أن افيتان كوهين نشرت في صحيفتها بعد يومين من ذلك ما وصفته بـ “وثائق استراتيجية بار في السنوات التي سبقت مذبحة 7 اكتوبر”. هذا النشر اتهم الشباك بـ “مؤامرة” مكنت من حدوث المذبحة، مع التوصية بمساعدة لاقتصاد قطاع غزة واحتواء تهديد حماس. رجل الجهاز المعتقل قال في التحقيق معه بأنه عمل من اجل نشر “معلومات عامة هامة جدا، تم اخفاءها من قبل الشباك”.

سيغل لمح امس في تغريدة في تويتر بأن الشباك تنصت على محادثات مراسلين في هذه القضية. في الشباك ينفون ذلك: هذه الخطوة بحاجة الى منظومة متشعبة من المصادقات، التي لم يتم طلبها على الاطلاق. في هذا الصباح، بعد الرفع الجزئي للامر، صرح بشكل حاد أكثر. سيغل كتب أن “القصة في النهاية بسيطة جدا: رونين بار روى للمستشارة القانونية قصة تثير القشعريرة عن سيطرة الكهانية على الشرطة كما ظهرت في 9 آب العبري في الحرم. المستشارة القانونية ارادت الفحص، وبعد ذلك تبين، للاسف الشديد، من قبل مرؤوسي بار أنه لم يكن هناك أي شيء كهذا. بار في محاولة لترميم مكانته امامها وامام رجاله قام بفتح تحقيق سري وغير مسبوق للشرطة… ايضا هذا التحقيق انتهى بلا شيء”.

حسب قوله المستشارة القانونية ادرجت “معلومات سرية كاذبة”، التي قدمها بار، في مبرراتها امام المحكمة العليا في جلسة الاستماع للالتماسات التي تناولت اقالته. واضاف سيغل بأن “القصة يتم نشرها وهي محرجة جدا بالنسبة له. توجد لديهم الادوات المطلوبة لملاحقة الشخص الذي كشف عريهم ولذلك القوه في الحجز بدون محام. ألا يعتبر ذلك عرقلة؟ كيف يمكن اعاقة تحقيق انتهى بلا شيء؟ وعندما لا توجد مصادر يصعب تحديدها… الجهاز الجدي كان سينشغل باجراء تحقيق داخلي معمق حول سبب انغماسه في تحقيق مزيف بدلا من مضاعفة مبلغ الرهان”.

في المقابل، ادعت الجهات المطلعة على القضية بأن المعلومات عن العلاقة بين الشرطة ومصلحة السجون وبين جهات كهانية (المنظمات المتماهية مع “كاخ”، التي تعتبر في القانون كمنظمات ارهابية منذ العام 1994)، وصلت الى لواء يهودا في الجهاز، بدون توجيهات من الاعلى لبار. هذا لم يكن تحقيق كامل بل جمع معلومات مسبقة ازاء الاشتباه الذي ثار، والذي استهدف التحقيق في مستوى اختراق الكهانيين للشرطة ومصلحة السجون. الجهاز انشغل في ذلك بحكم دوره. جمع المعلومات حدث من خلال الحفاظ على مسافة من بن غفير ورجاله. واضافوا بأن بار تمت حتلنته بالتفاصيل ازاء الحساسية وطلب منه المصادقة على مواصلة الفحص. “يقومون بشيطنة بار”، قالوا. “الواقع مختلف كليا. بسبب الحساسية لم يتم فتح تحقيق امام بدوكاي (بن غفير)، الذي في حالة اخرى ربما كان من الصحيح فتح تحقيق في ذلك”.

النشر واتهامات سيغل اثارت كما هو متوقع هجوم صارخ من قبل الوزراء واعضاء الكنيست في الائتلاف ضد بار والشباك. نتنياهو، في بيان لقائمة الليكود، قال إن بار وبهراف ميارا حولا اجزاء من الشباك الى “مليشيا خاصة”، ليس أقل من ذلك. وزير المالية سموتريتش اتهم بار بـ “التخطيط لانقلاب نظامي عميق”، وهدد بمقاطعة الجلسة التي سيشارك فيها بار في فرقة غزة (الجلسة تم الغاءها)، واقترح تعيين أ.، المشتبه فيه، كرئيس جديد للجهاز. شيكلي وصف المشتبه فيه بـ “بطل اسرائيل، الذي كشف الفساد وكان مستعد للمخاطرة ضد المسؤولين اللذين لعبا دور خطير”. قناة الدعاية المؤيدة لبيبي اعلنت، القناة 14، بأن علم اسود سيرفرف الآن على شعار بثها الى حين اقالة بار. 

يجدر تذكر الموقف المتغير والناجع لنتنياهو واتباعه من التسريبات. عندما يكون الامر مناسب له فهو يطالب بالتحقيق مع المصدر، وعندما يكون الامر اقل ملاءمة له مثلما في حالة تسريب العرض المقدم للحكومة حول عملية “الجرف الصامد” في 2014 هو يتجاهله. فقط مؤخرا اعترف بأن مستشاره المشهور يونتان اوريخ قام بتسريب معلومات سرية بتوجيه منه. في وقت سابق اعتقل متحدث آخر بلسانه هو ايلي فيلدشتاين، وضابط صف في “أمان”، آري روزنفيلد، وتم التحقيق ايضا مع آخرين في الاستخبارات العسكرية للاشتباه بتسريب وثائق سرية لصحيفة “بيلد”. 

التسريبات، لا سيما السرية، هي الاوكسجين الاساسي للصحافة الحرة، طالما أن المعلومات الامنية تم تقديمها وتمت المصادقة عليها في الرقابة العسكرية فانه ليس من شأن المراسل الذي قام بالنشر معرفة كيفية الحصول عليها. مع ذلك فان قواعد اللعب معروفة. ففي الوقت الذي فيه الجيش في اعقاب زيادة حجمه وغياب الانضباط، يصعب تطبيق الحظر على اجراء اتصالات مع وسائل الاعلام، الظروف في الشباك الذي هو اصغر وأكثر سرية، مختلفة، وهذا الجهاز يميل اكثر الى التحقيق في التسريبات من صفوفه. 

يبدو أن حقيقة أنه فيما نشره سيغل تم احضار صورة لوثيقة وصفت بأنها سرية، التي خرجت من مكتب بار، زادت أكثر دافع الاخير للتحقيق ومعرفة مصدر التسريب. تسريب وثائق من جهاز تجسس لا يعتبر أمر بسيط. في الشباك هذا موضوع نادر جدا – الامر الذي يشير الى بداية التفكك الداخلي، حيث تشغل السلطة لاغراضها عملاء في الجهاز. 

الآن رئيس الشباك يوجد في مواجهة مباشرة، ليس فقط مع نتنياهو وسموتريتش وشيكل وماكنة السم، بل هو موجود في مواجهة اخرى مع سيغل. من بين كل الاشخاص المتورطين تصعب معرفة من هو الاكثر تصميم واستعداد للقتال. وفي الوقت الذي فيه هذه المواجهات تسر وسائل الاعلام فانه لحق ضرر كبير بجهاز الشباك نفسه، الذي يصمم اليمين على جره الى الوحل في اطار الحرب المحمومة من اجل الدفاع عن رئيس الحكومة. القضية الحالية ليست الاولى، وهي جاءت استمرارا للهجوم على رئيس القسم اليهودي في الشباك في بداية الشهر الحالي. واضح ايضا أن العاصفة الجديدة تخدم نتنياهو لأن الانشغال الكبير بها مرة اخرى يحرف النقاش عن فشل الحرب في غزة وعدم اعادة الـ 59 مخطوف. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى