هآرتس: القضية الجديدة تثير الاشتباه بان مكتب نتنياهو أدار حملة وعي والهدف كان مواطني إسرائيل
هآرتس 3/11/2024، عاموس هرئيل: القضية الجديدة تثير الاشتباه بان مكتب نتنياهو أدار حملة وعي والهدف كان مواطني إسرائيل
يفضل كما يبدو للمعارضة وحركة الاحتجاج عدم تطوير توقعات كثيرة حول القضية الامنية الجديدة. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي تحلق فوقه غيمة من الشكوك والاتهامات، يمكنه النجاة بسلام ايضا من الفضيحة الاخيرة، التي جزء من تفاصيلها ما زال يمنع نشره. في مكتب نتنياهو هناك بشكل عام طبقة كثيفة من التمايز والحماية التي تهدف الى تمكين رئيس الحكومة من ادعاء البراءة ونفي أي صلة فعلية له بما ينسب لموظفيه (في هذه الحالة يمكن التنصل حتى من مجرد تشغيلهم).
ما سيحدث هنا كما يبدو مع ذلك هو أننا سنحصل على نظرة خاطفة الى ماكنة الدعاية والسم التي تستخدم ضدنا كمواطنين منذ عقد تقريبا. هذا سيكون أمر مثير للاشمئزاز بشكل كبير، لكنه مسلٍ، وربما في الطريق سيتورط أحد ما من المستشارين والمساعدين في المكتب كما حدث في السابق.
المحكمة قلصت أول أمس القيود على منع النشر، حيث تسمح الآن بالربط بشكل سهل أكثر بين عدد من النقاط في هذه القضية. في اطار التحقيق يوجد الآن في الاعتقال مواطن، وهو متحدث عمل في مكتب رئيس الحكومة (حول نفيه سنتحدث فيما بعد)، وعدد آخر من المشبوهين. الاشتباه الرئيسي يتعلق بأن هذا المواطن أخرج بشكل غير قانوني وثائق سرية جدا للجيش، التي وجدت طريقها الى وسائل الاعلام الاجنبية بشكل خدم الخط الذي يتبعه مكتب نتنياهو، بعد أن تم اعطاء تفسيرات متلاعبة لها. أي أن التهمة مزدوجة. في البداية استخدام غير قانوني لمواد استخباري وبعد ذلك تشويهها.
من منشورات مختلفة يتبين أن لب ما حدث يوجد في الاسبوع. بعد العثور على جثث ستة مخطوفين الذين قتلوا على يد حماس في رفح، حدث ضغط كبير من قبل الجمهور على الحكومة من اجل استئناف العمليات من اجل التوصل الى صفقة لتحرير المخطوفين الآخرين. يبدو أن التسريب المشوه هدف الى صد هذا الضغط والقاء كل المسؤولية على الجمود في الاتصالات على قادة الخاطفين، أي زعيم حماس يحيى السنوار الذي قتل فيما بعد في حادثة مع قوة للجيش الاسرائيلي.
منذ بداية الحرب يوجد نتنياهو في صراع على بقائه السياسي، الذي تفاقم حتى مقارنة مع بداية محاكمته في 2021، والانقلاب النظامي في 2023. الجهد الرئيسي استهدف ازالة عنه كل المسؤولية عن الاخفاقات التي مكنت من حدوث المذبحة في 7 تشرين الاول من السنة الماضية وتوجيه كل النار الى قيادة الجيش الاسرائيلي والشباك وخصومه السياسيين، ومن بينهم وزير الدفاع يوآف غالنت. عندما حقق هذا الجهد نجاح نسبي في اوساط مؤيديه قام نتنياهو بتوسيعه الى قضية المخطوفين.
نتنياهو مكن من عقد صفقة المخطوفين الاولى في تشرين الثاني من السنة الماضية لأنها لم تكن تنطوي على ثمن باهظ بالنسبة له. ولكن بعد ذلك تهرب نتنياهوا دائما من عقد صفقة أخرى. وقد ساعد في ذلك ايضا رفض حماس، المتهمة الرئيسية بالمأساة من البداية. ولكن امام ناظري نتنياهو كان يوجد بقاء الائتلاف. شركاؤه في اليمين المتطرف، ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، يعارضون أي صفقة (ايضا بسبب أنهم يريدون احتلال دائم للقطاع واعادة الاستيطان هناك). في حين أن نتنياهو ما يهمه هو استقرار الحكومة أكثر من حياة المخطوفين. هذا الامر برز في كانون الثاني الماضي وعلى الاقل حتى شهر تموز، عندما منعت مرة تلو الاخرى تسريبات واحاطات ممنهجة من قبل مكتب رئيس الحكومة حدوث أي انعطافة في المفاوضات.
في بداية شهر ايلول الماضي ظهرت مشكلة جديدة بعد قتل الستة مخطوفين. هنا حملة تعويق الصفقة دخلت الى عملية تسريع ازاء المظاهرات في البلاد التي طالبت بانقاذ باقي المخطوفين. نتنياهو بدأ يتحدث في خطاباته بشكل مطول بأن اسرائيل يجب أن تواصل الاحتفاظ بمحور فيلادلفيا الذي يوجد على طول الحدود بين القطاع ومصر. وهكذا فقد وضع عائق واضح امام عقد الصفقة، الامر الذي فاجأ رؤساء جهاز الامن الذين لم يعطوا هذا المحور أهمية مشابهة.
حسب التهمة فان الوسيلة الاخرى التي استخدمها المكتب هي التسريب لصحيفتين اجنبيتين. صحيفة “جويش كرونيكال” البريطانية حصلت على معلومات خاطئة حول الخوف من أن السنوار سيقوم بتهريب المخطوفين الى مصر ومن هناك الى ايران، لذلك من الجدير الاحتفاظ بمحور فيلادلفيا (المراسل المسؤول عن ذلك تم اتهامه فيما بعد بأنه شخص محتال وتمت اقالته من الصحيفة. وصحيفة “بيلد” الالمانية عرضت ما وصف بأنه وثائق استخبارية سرية من اسرائيل، التي بحسبها السنوار لا يريد اطلاقا عقد الصفقة. من هنا جاء الادعاء بأن الجيش الاسرائيلي يرتكب خطأ مزدوج. فهو يخفي المعلومات الحاسمة عن الجمهور الاسرائيلي، ويتهم نتنياهو بأنه هو الذي يفشل الصفقة.
الزوجان نتنياهو والمراسلين المتعاطفين، كرروا هذه الادعاءات في بداية شهر أيلول. على الفور بعد ذلك خفت الاحتجاج والمخطوفون مرة اخرى تم ابعادهم الى اسفل جدول الاعمال، لأنه في هذه الاثناء تفاقمت المواجهة مع حزب الله لتصل الى حرب شاملة، وتم استئناف تبادل اللكمات بين اسرائيل وايران. ولكن عمليا يثور شك بأنه تمت هنا ادارة عملية حرب نفسية من خلال مكتب نتنياهو، حيث أن الهدف الذي كان يجب التأثير عليه ليس العدو، بل بالذات مواطني اسرائيل. حماس في الحقيقة طرحت طوال الوقت في المفاوضات خط متشدد، لكن لم يحدث أي تغيير حقيقي في مواقفها. فهي وافقت على اعادة المخطوفين فقط مقابل وقف الحرب وانسحاب اسرائيل من غزة، اضافة الى اطلاق سراح عدد كبير من السجناء الفلسطينيين (رغم أن هذا طلب ابقت من خلاله هامش مرونة كبير).
في غضون ذلك ايضا في الجيش تم اشعال ضوء التحذير. فبعد النشر في المانيا وبريطانيا كان من الواضح للاستخبارات العسكرية “أمان” بأنه تم استخدام معلومات داخلية حساسة. لذلك، تم فتح تحقيق في قسم أمن المعلومات في الجيش، والذي بسبب خطورته انتقل التحقيق بسرعة الى الشباك، الجسم الاكثر خبرة والذي لديه صلاحيات اوسع لاجراء التحقيق.
مساعدة العدو اثناء الحرب
المحكمة سمحت بنشر تفاصيل من بيان النيابة العامة اثناء طلب تمديد الاعتقال، الذي بناء عليه “يجري فحص موضوع نقل معلومات سرية خلافا للقانون. القضية تشمل الاشتباه بتعريض معلومات حساسة للخطر ومصادرها، وايضا المس بتحقيق اهداف الحرب”. في نهاية المطاف يبدو أن القصد هو محاولة التشويش على اعادة المخطوفين، وهو أحد الاهداف الرئيسية التي حددتها الحكومة للحرب.
هذا تفسير واسع، ونحن لا نعرف اذا كانت النيابة العامة ستتمسك به اذا تم تقديم لائحة اتهام. توجد هنا طريقة اخرى للادعاء بوجود اشتباه حول مساعدة العدو اثناء الحرب، أي المخالفة الاكثر خطورة في كتاب القوانين، مخالفة الخيانة. يظهر من هذه الاقوال بشكل ضمني أن الامر لا يتعلق فقط بمواد استخبارية تم وضع اليد عليها كغنيمة في الانفاق، وبعد ذلك تم تسريبها، بل يتعلق بمعلومات حساسة جدا تستند الى فهم في الوقت الحقيقي لخطوات حماس. مسألة رئيسية اخرى تتعلق بالعلاقة بين المتهم الرئيسي والمتهمين الآخرين وهي هل توسط أحد بينهم؟ هل انتقلت معلومات استخبارية خام أو تمت “اعادة صياغة” لوثائق رسمية؟ هل يوجد اشخاص آخرون في محيط نتنياهو عرفوا عن هذه العملية؟.
المحكمة ما زالت تحظر نشر اسم المتهم الرئيسي الذي صورته المخفية نشرت في السابق في وسائل الاعلام الاسرائيلية. الكشف عن اسمه يوجد على بعد كبسة زر واحدة في الشبكات الاجتماعية في اسرائيل وفي الخارج (التي كالعادة تنشر القصة مع التحيز والاخطاء). في نهاية الاسبوع سارع مكتب رئيس الحكومة الى التنصل من المشتبه فيه والادعاء بأن شخص في المكتب لم يتم اعتقاله أو التحقيق معه. هذا ايضا تلاعب كاذب. المشتبه فيه، كما هو معروف لعشرات المراسلينن الذين كانوا على تواصل معه، فقد عمل بصورة ملاصقة لرئيس الحكومة طوال الحرب، لذلك هو يظهر في صور كثيرة في الارشيف بجانب نتنياهو، لا سيما اثناء زياراته لقواعد الجيش.
اذا لم يتم توظيفه رسميا هناك فان ذلك حدث لأنه فشل في فحص السرية الامنية المطلوبة. الشباك حذر في هذا الشأن، لكنه واصل مع ذلك العمل في صالح المكتب. اضافة الى ذلك في الايام الاولى مكتب رئيس الحكومة حاول القاء على المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي الذنب على تشغيله في اطار ايام الاحتياط. الجيش رفض ذلك بذريعة منطقية وهي أن الشخص المتورط في تشويه رئيس الاركان لا يجب أن يحصل على المال من الجيش الاسرائيلي. في وسائل الاعلام تم اقتباس في نهاية الاسبوع مقربين من المتهم: “نتنياهو يكذب ويقوم برميه تحت الاطارات. ليس فقط هو عمل لديه، بل جلس طوال اليوم لديه في المكتب وذهب معه في كل جولاته”.
نتنياهو، كما يظهر من التحقيقات التي اجريت معه، يهتم بشكل عام في عدم ابقاء أي شهادة موثقة عن العمليات، التي يمكن أن يتضح بأنها غير قانونية. من جهة اخرى، يوجد له استحواذ موثق للتغطية الاعلامية له، التي ورطته في السابق في قضيتين، الملف 2000 والملف 4000. بسبب الردود الصاخبة والمتناقضة التي تخرج من مكتبه، يبدو أن المكتب هذه مرة اخرى يتعرق كالعادة.
الهاتف الذكي، خلافا للهاتف المحمول العادي الذي يستخدمه الكثير من الحريديين، هو جهاز رائع. يوجد فيه توثيق للمراسلات والتسجيلات، ومعظم ما تم مسحه يمكن للمحققين استعادته. اذهبوا واعرفوا أي معلومات مؤثمة وجدت في هاتف المشتبه فيه الرئيسي بعد سنة من الانشغال الكبير بالدفع قدما باهداف رئيس الحكومة. مرة كل بضع سنوات من الجدير العودة واقتباس فيلم “كل رجال الرئيس” حول قضية “ووتر غيت” التي ورطت واسقطت الرئيس الامريكي ريتشارد نيكسون في السبعينيات: “الحقيقة هي أن هؤلاء ليسوا رجال لامعين بشكل خاص، والامور خرجت عن السيطرة”.
مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook