هآرتس: العمل المستعجل والوحيد المطلوب الان هو اجتثاث التنظيم المجرم الذي يدير الدولة

هآرتس 4/6/2025، تسفي برئيل: العمل المستعجل والوحيد المطلوب الان هو اجتثاث التنظيم المجرم الذي يدير الدولة
عندما تعتبر غزة “تهديد وجودي” لدولة اسرائيل، حتى بعد سنتين تقريبا من حرب جهنم التي لم تنجح في اعادة جميع المخطوفين؛ وعندما الجنود يقتلون في الازقة وآلاف من اصدقائهم يتعلمون، هل يستجيبون لاوامر التجنيد التي يتم اصدارها بالجملة وبكمية غير محتملة؛ وعندما عشرات الاف الغزيين، بينهم الاف الاطفال والنساء والشيوخ، قتلوا؛ وخطر تجويع جماعي يحلق فوق رأس مئات الالاف الذين ما زالوا على قيد الحياة؛ وعندما يكون التهديد الحقيقي لاسرائيل، النووي الايراني، يخضع للمفاوضات بين الولايات المتحدة وايران، التي تم ابعاد اسرائيل عنها؛ وعندما دول اوروبية كثيرة تتعامل مع اسرائيل كدولة منبوذة، وبعضها فرضت عليها عقوبات؛ وعندما الشعارات الفارغة تعد بالنصر المطلق وتدمير حماس واعادة المخطوفين، تسمع مثل الاغورة في صندوق؛ فان العمل الملح والوحيد المطلوب الان هو ان يتم على الفور اجتثاث كل المنظمة الاجرامية التي تدير الدولة.
الحديث يدور عن عصابة مبلورة ومطيعة، تعرض كل لحظة امن الدولة ومكانتها الدولية للخطر، وتصم مواطنيها لاجيال بوصمة القتل الجماعي الفظيعة، الانتقام وعدم الشفقة.
الحكومة تستند الى حزام امان برلماني ليس مجرد خاتم مطاطي لكل تهور الذي يخطر ببالها. هي شريكة فعالة في الجريمة لانها تمنح الحكومة العباءة الكاملة لتشريع شبه ديمقراطي، حسب النموذج البرلماني في تركيا، مصر، ايران، الاردن وروسيا، الذي فيه الديكتاتورية تتقنع كجسم يمثل رغبة الشعب. في كل واحدة من هذه الدول يتم اجراء انتخابات، ويوجد دستور يضمن بصوت كبير حقوق الانسان، فصل السلطات، استقلالية السلطة القضائية، مكانة المرأة والطفل، وحتى انه يحافظ على مكانة وأمن الاقليات الدينية والعرقية. في هذه الدول يوجد محيط يفصل بين الدستور وبين الواقع المخيف. الى هناك بالضبط تتجه اسرائيل، التي فيها “السلطة التنفيذية” هي ايضا “السلطة التشريعية”، اللتان اعلنتا حرب منفلتة العقال على السلطة القضائية، الى ان تتحول هي ايضا الى جزء لا يتجزا من نظام الحكم. كل ذلك تفعله برعاية الحرب التي يجب ان تستمر الى حين استكمال الانقلاب.
النجاح المجيد للديكتاتورية الاسرائيلية لا يكمن فقط في سلسلة القوانين الظالمة التي اصدرتها. انجازها الكبير يتمثل في انتاج وغرس الشعور بالخلود لاجهزة الحكم ومن يقف على راسها. خيبة الامل والعجز والياس من احتمالية تحرير المخطوفين هي فقط عرض لنخر عميق ومزمن يتغذى على الاعتقاد بان الصفحة التاريخية التي تجد البلاد نفسها فيها هي ابدية مثل “الحرب الابدية” التي وعدنا بها في غزة.
المواطنون الصالحون ما يزالون يذهبون الى الساحة في كل يوم سبت وهم يضعون الشريط الاصفر على ملابسهم. ولكن الان ليس ايمانا منهم بانه توجد لدى الجمهور قدرة على صنع معجزة واقناع الحكومة ورئيسها باطلاق سراح المخطوفين، بل بسبب شعورهم بأنهم جزء من مجتمع ذاكرة آخذ في التلاشي. مجتمع الذي في ارشيفه المتخيل توجد دولة مختلفة، دولة انسانية، عقلانية وديمقراطية.
هذا اعتراف كاذب وخطير، يفيد سلطة ديكتاتور ينشغل بلا توقف في تصفية الامل في التغيير، والان هو يسجل نجاح. اذا كانت اشهر الحرب الاولى، ازاء قوة الفشل، عززت الاعتقاد بان الحكومة لن تكمل ايامها، فانه الان ايضا الانتخابات في 2026، الموعد الذي اعتبر في وقت ما امر لا يمكن تخيله، تبدا هذه الانتخابات وكأنها مشكوك فيها. الخطر يقتضي تجند فوري للجمهور وكل القوى السياسية التي هي ليست جزء من السلطة من اجل اسقاطها. من المهم التذكر بان الانتظار الى الموعد النهائي، وانتظار شخص بدون عيوب، مصنوع من الذهب الخالص، وانتظار ساحر يخلص الدولة من مخالب هذه الحكومة، هو سم حياتها والضمانة للقضاء على الامل.