ترجمات عبرية

هآرتس: العملية في معبر اللنبي تطرح أمام الاردن تحديا سياسيا خطيرا

هآرتس 9/9/2024، تسفي برئيل: العملية في معبر اللنبي تطرح أمام الاردن تحديا سياسيا خطيرا

التحقيق المشترك بين الاردن واسرائيل حول قتل رجال الحماية الثلاثة في جسر اللنبي يركز الآن على المسألة المقلقة للاردن بدرجة لا تقل عن اسرائيل. هل الحديث يدور عن مخرب منفرد أو عن تنظيم خطط وبادر الى تنفيذ عملية القتل؛ هل الامر يتعلق بمنظمة ومن يقف من ورائه. التعاون الاستخباري الوثيق بين الدولتين ربما يكون هو المجال الوحيد الذي لم يتآكل نتيجة الحرب في قطاع غزة، الامر الذي من شأنه أن يضمن التحقيق الناجع والسريع.

من ناحية الاردن القلق مزدوج والاحراج كبير. فمنذ بداية الحرب في قطاع غزة تدير الشرطة في الاردن معركة مزدوجة. فمن جهة، الملك يحذر من تحطيم الادوات مع اسرائيل ومع الولايات المتحدة، وقد حاول بطرق دبلوماسية اقناع اسرائيل بعدم اقتحام غزة، وعندما لم ينجح قام بادانة بلهجة فظة سياستها وأعاد سفير الاردن وقرر تجميد العلاقات الاقتصادية والتجارية (مثل اتفاق الكهرباء الخضراء مقابل المياه، الذي في اطاره كانت اسرائيل ستبيع الاردن حوالي 200 مليون متر مكعب من المياه مقابل 600 ميغاواط من الكهرباء). من جهة اخرى، الاردن يستمر بشراء الغاز من اسرائيل رغم مطالبة الجمهور والبرلمان بالغاء كل الاتفاقات مع اسرائيل.

وزير الخارجية الاردني ايمن الصفدي هو من المنتقدين البارزين لاسرائيل، وقد طالب بتقديمها للمحاكمة بسبب ارتكاب جرائم حرب، رغم أنه قبل سنتين خطط مع وزير الخارجية الاسرائيلي غابي اشكنازي كيفية الدفع قدما بالمشاريع المشتركة. 

في نفس الوقت الاردن ساهم بشكل كبير في أمن اسرائيل، الذي تم التعبير عنه في الشراكة في افشال هجوم الصواريخ والمسيرات الايرانية في شهر نيسان الماضي. الاردن اوضح لايران بأنه لن يسمح بتحويل سماء الاردن واراضيه بشكل عام الى منطقة قتال بين الدول. وكرر ايضا تحذيره بعد تصفية اسماعيل هنية عندما استعدت المنطقة لعملية انتقام من قبل ايران. و”للتوازن” الاردن ايضا ارسل تحذير مشابه لاسرائيل.

في الاردن يتم بشكل دائم اجراء المظاهرات امام السفارة الاسرائيلية في عمان (رغم أن طاقم السفارة لا يوجد فيها)، في نفس الوقت قوات الامن الاردنية تقوم بتفريق المظاهرات ضد اسرائيل بالقوة عندما يظهر بأنها تهدد بالاخلال بالنظام. اسرائيل من ناحيتها قررت “معاقبة” الاردن على التصريحات ضدها، وقامت بتمديد سريان اتفاق بيع المياه للاردن لستة اشهر فقط بدلا من خمس سنوات مثلما طلب الاردن. بين نتنياهو والملك عبد الله لا يوجد أي حوار، لكن اسرائيل سمحت للاردن بانزال المساعدات الانسانية جوا في غزة، عندما شارك الملك نفسه في احدى الطلعات وهو يرتدي الزي العسكري. في نفس الوقت الاردن فصل بشكل حاد وواضح بين المساعدة الانسانية لسكان القطاع وبين علاقته مع حماس، التي تم طرد قيادتها من المملكة وقادتها لا يسمح لهم بزيارتها.

اضافة الى الصياغة الدبلوماسية فان الاردن يخشى من التأثيرات السياسية التي يمكن أن تحدثها الحرب في المملكة. عندما بدأت اسرائيل في طرد مئات آلاف الفلسطينيين من بيوتهم في غزة، وعندما خشيت مصر من أن هذا النشاط ستتم ترجمته الى اقتحام مئات آلاف الغزيين لاراضيها، شاهد الاردن أمام ناظريه كيف أن آلاف الفلسطينيين من الضفة سيبدأون هم ايضا بالهجرة اليه. هذا القلق أخذ يزداد ازاء العمليات العسكرية في الضفة والمواجهات العنيفة بين المستوطنين والسكان الفلسطينيين، التي هدفها حسب تفسير الاردن هو التهجير. 

الملك عبد الله التقى مع الرئيس الامريكي واجرى معه ومع جهات امريكية رفيعة عشرات المكالمات الهاتفية في هذا الامر. وحسب مصادر اردنية رفيعة فقد حصل على تعهد من امريكا بحسبه الادارة الامريكية لن تسمح لاسرائيل بالتسبب بالهجرة الجماعية للفلسطينيين الى الاردن. ولكن هذا التعهد لم ينجح في تهدئة الملك والقيادة في الاردن، التي تخشى وبحق من سلوك الوزير ايتمار بن غفير في المناطق وفي الحرم، ومن تصريحات بتسلئيل سموتريتش. الولايات المتحدة والدول العربية والاسلامية شريكة في هذا القلق، لكن في نفس الوقت الشركاء العرب يلاحظون ضعف امريكا التي لا تنجح في كبح نية السيطرة على الحرم ومنع النشاطات الوحشية للمستوطنين.

“يجب التحقيق ومعرفة من الذي وقف من وراء العملية في جسر اللنبي ولماذا، لكن لا توجد أي حاجة للذهاب بعيدا. فالمناخ في الاردن في اشهر الحرب مهد الارض لمثل هذه العمليات”. قال أمس للصحيفة صحافي اردني يعمل في صحيفة رسمية. “لا يمكن تصور حجم الغضب وخيبة الأمل لدى المواطنين الاردنيين. فهم يشاهدون الصور والافلام التي تأتي من قطاع غزة، والدمار وقتل اكثر من 40 ألف غزي، ونشاطات بن غفير في الحرم والحرب في الضفة. نحن كصحافيين لا يمكننا كتابة كل ما نريد لأنه تم تحذيرنا بـ “عدم تأجيج الرأي العام والمس بالامن الوطني”. ولكن المواطنين لا يحتاجون الى وسائل الاعلام الرسمية في الاردن لمعرفة ما يحدث. على هذه الخلفية يمكن فقط شكر الله لأنه لم يكن المزيد من العمليات”.

الحرب انزلت على الاردن ضربات اقتصادية شديدة، تحتاج الى ترميم طويل المدى قبل عودة الاقتصاد في الاردن الى الوضع الذي كان عليه قبل الحرب. وقد سبق للملك عبد الله التصريح بيأس أن “اقتصاد الاردن لن يعود الى ما كان عليه”. وحسب بيانات غرف التجارة والصناعة والسياحة في الاردن فان فرع السياحة الذي يشكل 15 في المئة من الناتج المحلي  تعرض منذ بداية السنة الى انخفاض 50 في المئة في حجم المداخيل، تقريبا 57 ألف شخص يعملون في هذا الفرع. والآن نسبة البطالة في الاردن، التي كانت قبل الحرب 22 في المئة، يتوقع أن ترتفع وتصل الى نسبة اخرى. الناتج الصناعي انخفض 5 في المئة، ومثله التجارة الخارجية والاستيراد، بالاساس بسبب ارتفاع تكلفة النقل البحري الذي سببته هجمات الحوثيين في البحر الاحمر.

حسب الاتفاق مع الادارة الامريكية سيحصل الاردن على مساعدة بمبلغ 1.45 مليار دولار في السنة حتى العام 2029، وهو يحصل ايضا على اموال مقابل استخدام قواعد عسكرية. ولكن هذه المبالغ لا تكفي للتغلب على الدين العام الذي يبلغ 56 مليار دولار، 15 في المئة من الناتج المحلي الخام. في هذا الاسبوع قررت شركة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بور رفع تصنيف الاردن، والثناء على المنظومة البنكية وخطط الاصلاحات الاقتصادية، لكن ازاء الضرر الاقتصادي الكبير فانه من المشكوك فيه في أن ينجح الاردن في زيادة المداخيل بـ 18 مليار دولار، التي يمكن أن تأتي من جباية الضرائب وتقليص اطار الدعم.

العملية في جسر اللنبي حدثت قبل ثلاثة ايام على الانتخابات للبرلمان في الاردن. هذه حادثة هي بشكل عام تثير التثاؤب كما شهدت على ذلك نسبة المشاركة المتدنية في السنة الماضية، التي بلغت 29 في المئة فقط. وتبرهن على عدم الثقة بين الجمهور ومؤسسات الدولة. ولكن ربما في هذه المرة بالذات، بسبب الحرب، يمكن أن تزداد قوة احزاب المعارضة وبذلك تتحدى سياسة الملك. الخوف هو من أنه ايضا القاعدة القبلية التي يعتمد عليها الملك بشكل تقليدي يمكن أن تتصدع لأن منذ العملية، ماهر ذياب الجازي، هو ابن احدى القبائل الكبيرة والمهمة في الاردن، قبيلة الحويطات، وهي من المؤيدين الرئيسيين للنظام الهاشمي على مر الاجيال.

سائق الشاحنة ماهر الجازي هو احد سكان بلدة اذرح في محافظة معان في الاردن، التي هي مسقط رأس هارون الجازي ايضا، وهو أحد القادة الاردنيين الذين حاربوا ضد اسرائيل في حرب الاستقلال. ومشهور حديث الجازي، وهو احد كبار القادة في الاردن الذي حارب ضد اسرائيل في معركة الكرامة في العام 1968.

من غير الواضح حتى الآن اذا كان انتماء منفذ العملية لـ “سلالة الكرامة الوطنية” والقبيلة التي لها حقوق وطنية كبيرة، هو الذي ساهم في خلق الدافع لتنفيذ عملية القتل. ولكن هذا الانتماء يضع امام الملك عبد الله تحديا سياسيا خطيرا يمكن أن يضعه على مسار التصادم مع عمود رئيسي لنظامه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى