هآرتس: العقوبات الامريكية: قضية اليئور ازاريا تعود الآن كالسهم المرتد الى المستوى السياسي
هآرتس – مقال – 24/4/2024، سامي بيرتس: العقوبات الامريكية: قضية اليئور ازاريا تعود الآن كالسهم المرتد الى المستوى السياسي
الادارة الامريكية تفحص فرض العقوبات على كتيبة “نيتسح يهودا” بسبب ما تعتبره خرق لحقوق الانسان الفلسطينيين من قبل هذه الكتيبة. الادارة الامريكية تعمل منذ بضعة اشهر ضد جهات يمينية ومستوطنين عنيفين بواسطة استخدام العقوبات، لكن كل نشاطاتها حتى الآن تم توجيهها لمدنيين وجهات مدنية. معنى العقوبات ضد المدنيين هو أن الولايات المتحدة لا تثق بمنظومة انفاذ القانون الاسرائيلية طالما أن الامر يتعلق بالفلسطينيين، لكن فرض العقوبات على وحدة عسكرية يوضح أن الامريكيين لا يثقون بالمنظومة العسكرية، ويعتقدون أنها تظهر التعامل المتسامح مع الجنود الفاسدين.
نية الامريكيين اثارت المستوى السياسي، بدء برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالنت ومرورا بالوزراء بني غانتس وغادي ايزنكوت وانتهاء برئيس المعارضة يئير لبيد. جميعهم هبوا للدفاع عن الكتيبة واوضحوا للولايات المتحدة بأنه لا يوجد مكان لفرض عقوبات على وحدة في الجيش. هم يوافقون باستسلام لطلباتها ادخال المساعدات الانسانية الى قطاع غزة وانشاء ميناء لانزال البضائع وتأجيل العملية في رفح. ولكن عندما تبدأ في تحديد وحدات في الجيش وفرض عقوبات عليها فان هذا يعتبر تدخل فظ في ادارة المستوى التكتيكي في الجيش.
هذه الخطوة تقوض هرمية القيادة في الجيش الاسرائيلي، وتلقي بظل ثقيل على منظومة القضاء العسكري وتصف القيادة العليا وكأنها تغض النظر عن الجنود المارقين. عمليا، الادارة الامريكية تعرض كتيبة نيتسح يهودا كمليشيا أو كذراع عسكري لحزب قوة يهودية. وأكثر ما يمس الوحدة نفسها، هو أنها تحرج قيادة الجيش الاسرائيلي وتعرضها كمن استسلمت وتم اخضاعها بواسطة الضغوط السياسية، التي ازدادت في السنوات الاخيرة وتفاقمت منذ تشكيل الحكومة اليمينية الحالية، التي يتولى فيها اشخاص من اليمين المتطرف مثل بتسلئيلسموتريتش وايتمار بن غفير مناصب رئيسية.
حقيقة أن الامريكيين يتشككون بأن الجيش الاسرائيلي يخضع للضغوط وأنه لا يعمل بشكل حازم ضد الجنود المارقين، تلزم المستوى السياسي القيام بترتيب شبكة العلاقات مع الجيش في كل ما يتعلق بتطبيق الانضباط العسكري.
فعليا، المنظومة السياسية في اسرائيل تواجه النتائج السيئة لقضية اليئور ازاريا، الذي أطلق النار وقتل في 2016 مخرب مصاب، رغم أنه لم تكن حياته معرضة للخطر. لقد عمل خلافا لاوامر فتح النار وقيم الجيش، بدلا من أن يبقي للمنظومة العسكرية التحقيق والحكم. وهذه الحادثة تمت مصادرتها من الجيش وتحولت الى قضية عامة وسياسية. في جهة وقف رئيس الاركان في حينه غادي ايزنكوت ووزير الدفاع في حينه موشيه يعلون، وفي الجهة الاخرى وقف الكثير من السياسيين، من بينهم افيغدورليبرمان ونفتالي بينيت وايتمار بن غفير (قبل انتخابه للكنيست). الاوائل اعتقدوا أن الامر يتعلق بحادثة خطيرة لا تعبر عن قيم الجيش الاسرائيلي واظهروا التخوف من أنها يمكن أن تشعل الساحة الفلسطينية. الاخيرون حاولوا تسجيل النقاط في اوساط جمهور اليمين. وقد انضم نتنياهو اليهم، الذي قام في البداية بادانة الحادثة وبعد ذلك تساوق مع القاعدة.
تحويل حادثة عسكرية الى قضية سياسية، كما يشجع على ذلك السياسيين من المدرج جندي فاسد بدلا من أن يتركوا للجيش علاجه، يعود الآن الى المستوى السياسي كالسهم المرتد. هم يحتجون على تدخل الولايات المتحدة فيما يحدث في الجيش، لكن هم انفسهم فعلوا ذلك في قضية ازاريا؛ واستخدموا الضغط السياسي وحاولوا مصادرة من المنظومة العسكرية القرار حول كيفية عملها. من يدس انفه في قرارات قيمية ومهنية للجيش، رغم أن ذلك ليس من مهمته، فقط من اجل كسب التعاطف من قبل الجمهور، يجب عليه عدم الاندهاش عندما تفعل الولايات المتحدة ذلك. إن منع فرض العقوبات الامريكية على وحدة في الجيش الاسرائيلي يحتاج أولا وقبل أي شيء وقف الضغط السياسي المحلي على الجيش وتعزيز استقلاليته القيادية والقضائية والانضباطية.
مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook