ترجمات عبرية

هآرتس: العامل المركزي.. ما الذي غير موقف نتنياهو؟

هآرتس – اوري بار يوسف – 22/6/2025 العامل المركزي: ما الذي غير موقف نتنياهو؟

منذ بداية الحرب، لا سيما منذ أصبحت قصة النجاح العملياتي واضحة اكثر، يزداد من يسألون: ما الذي جعل نتنياهو، المعروف بالتردد الكبير حول مهاجمة المنشآت النووية في ايران، يقرر شن الهجوم. الوف بن قدر (“هآرتس”، 14/6) بان نتنياهو “يريد إعادة ضبط ارثه بحيث يبدأ في 13 حزيران”. نحاميا شترسلر اعتقد هو أيضا ذلك وقال (“هآرتس”، 17/6) “الجواب يكمن في 7 أكتوبر، وهو اليوم الذي انهارت فيه استراتيجيته”. تشيك فرايلخ ذهب بعيدا عن هذه التخمينات ورسم (“هآرتس”، 17/6) ثلاثة سيناريوهات استراتيجية محتملة، التي اعتمد عليها نتنياهو في قراره. لا شك أنه كان لفشل 7 أكتوبر دور في هذا القرار، ومن المرجح ان نتنياهو أيضا قام ببناء سيناريوهات متفائلة ستمكن إسرائيل من الخروج من الحرب وفي يدها إنجازات مهمة. ولكن في نهاية المطاف من اعطى الجواب الأكثر وضوحا على هذا السؤال هو نتنياهو نفسه. 

في زيارته المغطاة إعلاميا في ساحة الدمار في بات يم في 15 حزيران، اعلن نتنياهو: “فكروا بما كان سيحدث لو انه كان لدى ايران 20 ألف صاروخ كهذا الصاروخ. هذا تهديد وجودي لإسرائيل. لذلك، نحن انطلقنا الى حرب انقاذ ضد تهديد تدمير مزدوج. في الواقع حسب تقديرات جهاز الامن فانه كان لدى ايران على الأكثر 2 الف صاروخ يمكن أن يمس إسرائيل”. وفكرة ان ينجحوا خلال فترة زمنية محدودة في زيادة هذه الترسانة الى 20 ألف صاروخ تبدو خيالية جدا. ولكن لا يمكن استبعاد المنطق الموجود في اقوال نتنياهو، الذي بحسبه فان هذه الكتلة من الصواريخ هي “تهديد وجودي” و”تهديد بالدمار”. ولكن ظهرت هنا مشكلة وهي أن نتنياهو نسي الإشارة الى أنه في الـ 15 سنة من حكمه مكن من وجود هذا التهديد، وحتى اخطر منه، وتطويره قرب حدود إسرائيل، لأن هذا بالضبط هو التهديد الذي بناه حزب الله منذ 2009.

حسب تقدير الجهات المهنية (“هآرتس”، 20/10/2023) فان مخزون الصواريخ الثقيلة لحزب الله وصل عشية الحرب الى 150 ألف صاروخ وقذيفة، من بينها عشرات آلاف الصواريخ، بالتأكيد اكثر من 20 الف، كان مداها يغطي معظم مركز البلاد، والرأس المتفجر فيها كان وزنه 500 – 600 كغم، مثل الرأس المتفجر الذي أصاب المبنى الفارغ في بات يم. 

بحث أجرته نخبة من قدامى المحاربين في جهاز الامن حول سيناريو حرب نموذجية، بحسبه يتم اطلاق 2500 – 3000 صاروخ وقذيفة من لبنان كل يوم، وينضب فيه مخزون الصواريخ الاعتراضية، وتصيب فيه مئات صواريخ العدو اهداف استراتيجية، بما في ذلك قواعد جوية ومحطات طاقة وبنى تحتية حيوية أخرى. التقدير اذا كان هذا السيناريو يعتبر “تهديد بالابادة” يبقى في يد المقيم. ولكن لا شك ان نتنياهو مثلما صرح هو نفسه فان الحديث يدور عن تهديد ان تكون أو لا تكون.

لقد كان لترسانة الصواريخ الضخمة التي بنيت بجهد كبير، استثمار موارد ضخمة وتعريض مستمر لخطر المواجهة العسكرية امام الجيش الإسرائيلي، هدف رئيسي واحد وهو ردع إسرائيل عن مهاجمة المنشآت النووية في ايران. هذا الهدف تم تحقيقه. طالما انه موجود فان القدرة على مواجهة ايران كانت ستكون محدودة جدا، في المقام الأول بسبب الثمن الذي ستدفعه إسرائيل مقابل ذلك، ونظرا لان معظم موارد سلاح الجو في هذه المواجهة كان يجب توجيهها لمواجهة التهديد من الشمال. لذلك فانه من الواضح الإجابة على الأسئلة المطروحة الآن حول الاستعداد المفاجيء لنتنياهو للمخاطرة في هذا الوقت: لقد تمت إزالة العائق الأساسي قبل هجوم ناجح. الى ذلك يمكن إضافة اعتبارات أخرى، استراتيجية وشخصية. هنا من المهم الإشارة الى نقطة أخرى مركزية وهي تصفية معظم ترسانة صواريخ حزب الله بدون دفع ثمن باهظ من قبل إسرائيل، كانت ليس فقط نتيجة عملية البيجرات وهجمات سلاح الجو التي استندت الى معلومات دقيقة، بل أيضا حسن الحظ. وفي المقام الأول خطأ حسن نصر الله الذي واصل الاعتقاد حتى اللحظة التي قتل فيها في حصنه بان إسرائيل ما زالت تتمسك بقواعد اللعب التي بلورها الطرفان لسنوات. بكلمات أخرى، قدر ان إسرائيل تدرك بان هدف التهديد الذي وضعه امامها هو ردعها عن مهاجمة النووي في ايران. لذلك، طالما انها لا تنوي فعل ذلك فهي لن تشن حرب خطيرة جدا.

خطأ حسن نصر الله هذا، الذي أساسه الثقة الكبيرة بقدرة الردع لديه، وفهم دافع العدو، يشبه تصور ان حماس مردوعة، الذي تمسك به متخذي القرارات في إسرائيل حتى الساعة 6:29 في صباح 7 أكتوبر. حتى الآن ليس لدينا ما يكفي من المعلومات حول ما اعتقده كبار قادة ايران عشية الحرب. ولكن يمكن الافتراض ان التردد في الاستجابة لطلب دونالد ترامب، التقدم السريع في المفاوضات، عكس ثقة مشابهة في قدرة الردع لديها. 

هذه الأخطاء يجدر ذكرها على خلفية جو نشوة النصر غير المسبوق – جو فيه ولدت قبل ستين سنة تقريبا الإخفاقات التي نهايتها كانت في كارثة حرب يوم الغفران. ويجدر الذكر أيضا بان الردع يمنح الوقت، لكنه لا يضمن الامن. الامن يتم تحقيقه فقط عند التقدم نحو التسويات السياسية التي تقلص دافعية الأعداء لتحدي إسرائيل. هذه هي العبرة الرئيسية التي يجب تعلمها من الحرب الحالية، وإلا فانه ستنتظرنا حروب كثيرة في المستقبل.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى