هآرتس: الضفة تتحول الى غزة وغزة الى الضفة
هآرتس 8/9/2024، نوعا لنداو: الضفة تتحول الى غزة وغزة الى الضفة
في الوقت الذي تناول فيه الخطاب الاعلامي في نهاية الاسبوع بجدية كبيرة، كرة الوحل التي القيت كما يبدو في البحر نحو ايتمار بن غفير، وكل الدولة واصلت الغرق لاجيال في الوحل الحقيقي الذي يغرقها فيه بن غفير وشركاءه: تحويل الضفة الغربية الى قطاع غزة وقطاع غزة الى الضفة الغربية. هذه العمليات هي عمليات عميقة ومتوازية وتخلق واقع خطير في المحورين المرتبطان ببعضهما البعض، اللذان تم تسريعها بشكل كبير منذ الحرب في 7 اكتوبر وتداعياتها.
في الضفة، الحرب في غزة ترفع نسبة التصعيد تقريبا على كل الصعد. ففي الجانب الفلسطيني تزداد الدافعية لاعمال العنف الى جانب زيادة تهريب السلاح؛ عنف المستوطنين يزداد برعاية حكومة اليمين المتطرفة؛ الجيش الاسرائيلي بدأ يتخذ في الضفة حضور متزايد بالوسائل والقوة المتأثرة مباشرة من الحرب في غزة.
قتل الابرياء اصبح أمر روتيني بالاعداد التي لم يكن بالامكان تخيلها قبل الحرب في غزة، التي قامت بتطبيعها. وكل ذلك تحت القمع الاقتصادي المتواصل الذي تفرضه اسرائيل هناك منذ تشرين الاول وسحق السلطة الفلسطينية رغم أنها حتى الآن هي الشريك الوحيد على الارض في مكافحة الارهاب. واذا استمر الامر هكذا فان هذا التوجه سيؤدي بالضرورة في مرحلة معين الى حمسنة مطلقة للضفة الغربية وزيادة العنف والاحتكاكات اليومية بين الفلسطينيين والمستوطنين والجيش. هذه ستكون غزة 2.
في موازاة ذلك في غزة نفسها حكومة نتنياهو تريد ليس فقط ابقاء في المنطقة تواجد اسرائيلي عسكري ثابت، بل ايضا فرض الحكم العسكري. هذا يتبين، ضمن امور اخرى، من التسريبات والتقارير التي تفيد بأن اسرائيل تنوي السيطرة في القريب على توزيع المساعدات الانسانية في القطاع. في نفس الوقت حركة المستوطنين بدأت في اعداد البنية التحتية للمستوطنات المدنية بعمق كبير في القطاع. نحن نعرف كيفية حدوث هذه الامور لأننا شاهدنا ذلك في الضفة وفي غزة قبل الانفصال. في البداية الكنيس ستخدم الجيش، وبعد ذلك سيكون حاخامات ومدارس دينية بشكل دائم، وبعد ذلك كل هذا سيتحول الى مستوطنات. الشباب سيتملصون وسيتم اخلاءهم مرة تلو الاخرى من الكرفانات الى أن تتم “شرعنة” البؤر الاستيطانية في غزة.
مثلما اقتبست شيني ليتمان في “هآرتس” في نهاية الاسبوع اعضاء اليمين الذين اصبحوا مستعدين لهذه العملية: “في البداية سيصادقون لنا على أن نقوم بنوع من الصلاة خلف الجدار، بعد ذلك سيسمحون لنا بأن نبقى هناك وقت اطول بقليل والنوم هناك لليلة واحدة. هكذا، شيئا فشيئا نحن نأمل في أن نصل الى الوضع الذي نستوطن فيه وراء الجدار”.
ما هو النموذج، تساءلت. هم قالوا: “الاقرب الينا هو العودة الى حومش، هذا ما حدث هناك، لم يتم انتظار المصادقة. فقد جاءت بعد 15 سنة. كان هناك استيطان على الارض، ومبنى لفترة معينة، وبعد ذلك جاءوا وقاموا بتدميره. الآن، الحمد لله، توجد عائلات في حومش”.
هذه ايام تاريخية، بمعنى أنها ستحدد التاريخ لاجيال. اذا لم يتم وقف هذه التوجهات في القريب فمن المحتمل أن الفروقات بين الضفة وغزة سيتم طمسها بصورة لا رجعة عنها. الضفة وغزة ايضا ستشتعل وستصبح متطرفة كل يوم تحت الاحتلال وحكم اسرائيلي عسكري، والى جانبها مستوطنات وبؤر استيطانية واحتكاكات عنيفة يوميا بين المدنيين. كل ذلك من خلال التهديد المستمر بقوة مختلفة من كل الجبهات في محور ايران – الشمال والشرق والجنوب. جهنم. ايضا توسيع “اتفاقات ابراهيم” في هذا الوضع يمكن رميه في سلة القمامة. بدلا من التحالفات الاقليمية سنحصل على حرب يأجوج ومأجوج التي يأمل بها المؤيدون الافنغلستيون لترامب.
الصفقة لاعادة المخطوفين ووقف اطلاق النار في غزة يمكن أن تكون الفرصة الاخيرة من اجل منع حلم جهنم هذا. هدوء في غزة سيمكن من تهدئة الضفة. بالتأكيد بذلك لن تنتهي دائرة العنف، لكن سرعة التدهور سيتم كبحها بشكل قليل في الوقت الذي يكون بالامكان فيه تخطيط بدائل، اذا كان هناك من يدفع بها قدما.
حول كل ذلك ايتمار بن غفير، الذي هو من رؤساء وكلاء الفوضى، لا يريد أن نتكلم الآن وبحق. هو يريد نثر ذرات الرمل في عيوننا الى أن يصبح الوقت متأخر جدا.