هآرتس: الضغط يتصاعد ونتنياهو يمهد الارضية للحل

هآرتس 19/5/2025، عاموس هرئيل: الضغط يتصاعد ونتنياهو يمهد الارضية للحل
الولايات المتحدة تستخدم في الفترة ضغط شديد جدا على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو كي يوافق على قبول خطة ويتكوف لاطلاق سراح نصف المخطوفين الاحياء الموجودين لدى حماس ووقف اطلاق نار مؤقت في قطاع غزة. رجال الرئيس دونالد ترامب يأملون أن يمكن الاتفاق المؤقت من ان يتم فرض بعد ذلك على اسرائيل صفقة شاملة لاطلاق سراح جميع المخطوفين. حماس، التي تسعى الى ذلك، تأمل في الحصول على ضمانات الامريكية لتطبيق ذلك مقابل موافقتها على صفقة مؤقتة تحفظت منها حتى الآن. في نفس الوقت ما زالت الادارة الامريكية تحاول التوصل الى صفقة شاملة.
نتنياهو، الذي حسب معرفتنا، لم يقرر كيف سيرد، يحاول الآن أن يسوق للجمهور في اسرائيل شيء من النصر، الذي سيمكن من تبرير الصفقة المؤقتة وربما يبقي في الائتلاف في هذه المرحلة شركاءه في اليمين المتطرف، قوة يهودية والصهيونية الدينية. في الخلفية الجيش الاسرائيلي بدأ في نهاية الاسبوع في عملية برية محدودة في مناطق في القطاع وزاد قوة الهجمات الجوية في الفترة الاخيرة. في هذه الهجمات قتل مئات الفلسطينيين، معظمهم من المدنيين.
خطة ويتكوف التي يمكن ان تنفذ خلال شهرين يمكن ان تمكن رئيس الحكومة من ان يجتاز بنجاح دورة الكنيست الصيفية، التي تنتهي في 27 تموز. في مثل هذه الحالة سيبقى الائتلاف على الاقل حتى بداية الدورة الشتوية في نهاية تشرين الاول – الانتخابات القادمة لن يتم اجراءها قبل ربيع 2026. هذا هو الهدف الاول لنتنياهو الآن والاعتبارات الاخرى تظهر هامشية بالنسبة له. معنى الصفقة الجزئية هو تاجيل تحرير المخطوفين المتبقين من خلال استمرار وجود خطر معين على حياتهم.
مثلما هي الحال دائما فانه من الجدير الاستماع الى صفحة رسائل الابواق من اجل فهم الى أين يامل ان يصل رئيس الحكومة. الرسائل من صباح أمس: يتوقع صدور “قرار مصيري” في المفاوضات خلال 24 ساعة، فقط الضغط العسكري الاسرائيلي هو الذي يلين موقف حماس ويقربها من الموافقة على صفقة جزئية، واسرائيل يجب عليها دراسة حل وسط على خلفية توقعات ادارة ترامب والازمة الانسانية المتفاقمة في القطاع.
في هذا الصباح نشرت قنوات تلفزيونية سعودية هي “الحدث” و”العربية” بأنه تم العثور على جثة رئيس الذراع العسكري في حماس في القطاع محمد السنوار، في النفق الذي فجره سلاح الجو في خانيونس في منتصف الاسبوع الماضي. ونشر ايضا بأنه قتل معه عشرة نشطاء من حماس، من بينهم محمد شبانة قائد اللواء القطري لحماس في رفح. في جهاز الامن في اسرائيل يمتنعون عن تأكيد التقرير وحتى الآن ينتظرون بيان رسمي من حماس، رغم التقدير المتزايد بأن السنوار والاشخاص الذين هو مسؤول عنهم قتلوا في الهجوم.
اذا كان السنوار قتل حقا فقد بقي من القيادة في القطاع التي كانت توجد عشية الحرب فقط شخصية رفيعة واحدة وهي عز الدين الحداد، قائد لواء غزة عشية مذبحة 7 اكتوبر والآن هو قائد حماس في شمال القطاع. اسرائيل سبق واستخدمت اكثر من مرة وسائل اعلام خليجية من اجل “استيضاح” معلومات – أي نشر معلومات كان يصعب الاعلان عنها رسميا أو محاولة اجبار حماس على الاعتراف بالامور التي حدثت. حماس في المقابل تفضل على الاغلب الحفاظ على ضبابية في الاخبار حول المس بقادتها، على الاقل لفترة معينة. اعلان رسمي عن موت السنوار اذا نشر، سيسهل على نتنياهو تسويق رواية نجاح عملياتي كبير في القطاع، الذي كما يبدو يقرب اسرائيل من النصر المطلق على حماس ويبقي لها هامش مناورة في المفاوضات مع استجابة لطلبات الولايات المتحدة.
اطلاق سراح الجندي المخطوفي عيدان الكسندر، الذي يحمل الجنسية الامريكية، تم ترتيبه في الاسبوع الماضي كخطوة تبني الثقة بين الولايات المتحدة وحماس. قيادة حماس في الخارج، التي من شأنها أن تتسلم صلاحيات اكثر وتاثير في السياسة اذا حقا تم قتل محمد السنوار، تريد من الامريكيين ضمانات بأنه لن يتم استئناف القتال بعد انتهاء المرحلة الوسيطة. على الاجندة تقف الان مناقشة صفقة شاملة لاطلاق سراح مخطوفين واسرى (“الجميع مقابل الجميع”)، ومسالة مستقبل حماس في القتال – طلب اسرائيل نزع سلاحها واقتراح لنفي القادة الكبار الباقين من القطاع، وطلب حماس ضمان سلامتهم بعد انتهاء الحرب.
في الخلفية في الغرب وفي العالم العربي يزداد القلق من تدهور خطير، الذي بدأ مؤخرا في الوضع الانساني في القطاع، الى درجة الخوف من مجاعة جماعية. اسرائيل، التي تظهر الانغلاق واللامبالاة في علاج الازمة يمكن ان تجد نفسها في عزلة سياسية شديدة نتيجة سلوكها. دول الوساطة، قطر ومصر، والسعودية واتحاد الامارات، تضغط من جهة على حماس كي تتنازل، ومن جهة اخرى على الولايات المتحدة لاجبار نتنياهو على الاستجابة للاتفاق.
رغم بقاء البعثة الاسرائيلية للمفاوضات حول المخطوفين في الدوحة، والبيان عن عودة حماس الى المحادثات غير المباشرة، فان الامور لن يتم حسمها هناك، بل بالمحادثات بين واشنطن والقدس. حتى الآن كان التفويض الذي منحه نتنياهو للبعثة في قطر مقلص جدا. في هذا الصباح اجرى مقابلة في “كان” العميد احتياط اورن سيتر، وهو شخصية كبيرة سابقة في طاقم المفاوضات، قال فيها “هذه هي لحظة التوصل الى افضل اتفاق يمكن التوصل اليه”. سيتر اختلف مع ادعاء نتنياهو بان الضغط العسكري سيعيد المخطوفين، وقال ان الضغط هو فقط اداة للدفع قدما بالمفاوضات. وردا على ذلك نشر مكتب رئيس الحكومة بيان مطول وفظ وعنيف هاجم فيه سيتر واصدقاءه، واتهمه بتقويض المفاوضات في الوقت الذي كان فيه عضو في الطاقم، واضاف ادعاء لا اساس له وهو أن “سيتر يؤيد استمرار حماس في السلطة”.
ان نوبة الغضب الجامحة التي اصابت المكتب مثيرة للدهشة بدرجة معينة، لأنها لا تتساوق مع توقيت ميامي، لكن هذا ليس الامر المثير للاهتمام هنا. في ختام الرد جاء أن “الفريق يعمل في الدوحة لاستنفاد أي فرصة من اجل التوصل الى الاتفاق، سواء حسب خطة ويتكوف أو انهاء القتال، الذي يشمل اطلاق سراح جميع الرهائن”. حتى الآن صمم نتنياهو على التوصل الى اتفاق جزئي حسب خطة ويتكوف، ورفض التوصل الى اتفاق شامل. هذه الامور قد تعكس حجم الضغط الذي تستخدمه امريكا حاليا. وف يالخلفية توجد مسالة اخرى وهي قلق مسؤولين كبار سابقين في المؤسسة الامنية من ان نتنياهو يفكر مرة اخرى في شن هجوم على المنشآت النووية، رغم التقدم في المحادثات بين الولايات المتحدة وايران.
بعد عدة منشورات جاء فيها بان نائب الرئيس الامريكي فانس، المؤشر الانعزالي والاقل تعاطفا مع اسرائيل سيصل بعد غد الى البلاد. بعد الظهر خرج بيان نفي رسمي من الادارة الامريكية. ولكن الآن لا شك أنه مثل كل الحرب فان العلاقة بين الولايات المتحدة واسرائيل تقف امام فترة من القرارات الحاسمة. كعادة ترامب فان رسائل كثيرة ومتناقضة يتم ارسالها، وحتى اللحظة الاخيرة سيكون من الصعب معرفة الى اين وجهته. الواضح جدا هو انه في نهاية زيارته في الخليج، الرئيس الامريكي سيزيد الضغط على اسرائيل في محاولة لتحقيق تقدم في المفاوضات في الفترة القريبة القادمة.