هآرتس: الصاروخ الذي أحدث الكارثة أصاب العصب المكشوف للعلاقات مع إسرائيل
هآرتس 29/7/2024، جاكي خوري: الصاروخ الذي أحدث الكارثة أصاب العصب المكشوف للعلاقات مع إسرائيل
الصاروخ الذي سقط في مجدل شمس في مساء يوم السبت سينقش في الذاكرة الجماعية لسكان قرى الجولان كأحد الاحداث المأساوية التي شاهدوها في القرن الاخير. الشيوخ في القرى الدرزية لا يذكرون عدد كبير من القتلى في ضربة واحدة، وبالتأكيد ليس من الفتيان والاطفال، وليس حتى في حرب الايام الستة.
الحزن والصدمة اصابا الجميع وكل زاوية في مجدل شمس شعرت بها. صورة التوابيت الـ 11 البيضاء عندما تم احضارها الى مركز البلدة، وفيها فتيان واطفال، مع نشيد حداد ورثاء لابناء العائلات الذين رافقوا التوابيت فطرت قلوب الحاضرين أو الذين شاهدوا الرحلة المؤلمة. أم تصرخ وتقول: أين ابني، لا تقولوا لي إنه من بين الضحايا. عدد من الرجال متشابكي الايدي صرخوا، وهم يسيرون في مقدمة الجنازة، الكلمات التي صيغت من داخل المأساة، عندما الأمهات في حالة صدمة وصلن مساء أول أمس الى ملعب كرة القدم للبحث عن اولادهن، والبعض منهن ارتعبن من فظاعة المشهد.
اضافة الى ذلك من يعرف هضبة الجولان فان الصاروخ القاتل الذي مزق اجساد الاطفال والفتيان، اصاب ايضا العصب المكشوف للعلاقات مع اسرائيل كدولة وكمؤسسة. الكثير من سكان الجولان، ومن بينهم سكان مجدل شمس، ما زالوا يعتبرون انفسهم مواطنون سوريون ويعتبرون هضبة الجولان ارض محتلة تسيطر عليها اسرائيل بالقوة. هذا التوجه ساد لاجيال، لكن منذ العام 2011 والحرب الاهلية في سوريا ازداد النقاش حول شبكة العلاقات مع اسرائيل. والادراك بأن تسوية سياسية مستقبلية في هضبة الجولان تبتعد دفع عدد من السكان الى تحسين العلاقات مع اسرائيل والسعي الى الاندماج، بما في ذلك أخذ الجنسية والمشاركة في الانتخابات القطرية والمحلية، كما حدث في الحملتين الاخيرتين.
هذا التقسيم كان واضحا أمس في مجدل شمس. فالامر لم يكن بحاجة الى نظر ثاقب من اجل ملاحظة أن معظم سكان القرية وسكان القرى القريبة تجمعوا في بيت العزاء وفي الميدان الرئيسي تحت النصب التذكاري للسلطان باشا الاطرش، زعيم التمرد على الحكم الفرنسي، وهي اماكن اصبحت رمز للنضال الوطني لسكان مجدل شمس. في المقابل، فقط عدد قليل توجهوا الى ملعب كرة القدم الذي حدثت فيه الكارثة. الوزراء الذين جاءوا الى القرية توجهوا الى الملعب والتقوا مع رئيس المجلس دولان أبو صالح، لكنهم لم يقتربوا من الميدان والجنازة في داخل القرية.
عدد من الوزراء اصطدموا بمعاملة عدائية ودعوات شجب، بالاساس وزير المالية سموتريتش، وحتى من يؤيدون الارتباط مع اسرائيل لم يستوعبوا وجوده في المكان. في حين رئيس المعارضة، يئير لبيد، وغالنت وغانتس ايضا، سمح لهم بالزيارة، وايضا رئيس الاركان والمتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي. هذا التقسيم لم يكن بالصدفة، وهو يضع موضوع الهوية الوطنية في الامتحان. في ميدان السلطان باشا اوضحوا بأنهم اغلبية ساحقة، ووجهة مجدل شمس بقيت نحو سوريا، وأنه لن يسمح باسرائيل ركوب موجة الحدود. في المقابل، في الملعب كان هناك من طلبوا من الدولة القيام بواجبها تجاه مواطنيها وتوفير الحماية والامن لهم.
الى جانب الخلافات الداخلية فان الكارثة في مجدل شمس تضع كل الاطراف في وضع غريب يطرح عدة اسئلة مثل هل دولة اسرائيل، كصاحبة السيادة أو كقوة محتلة، ستشن حرب لها تأثيرات اقليمية ردا على قتل 12 طفل درزي من مجدل شمس، التي معظم سكانها يعتبرون انفسهم سوريون. وبأي درجة ستنجح في احتضان السكان واستغلال الحدث من اجل تقريبهم. في المقابل، الى أي درجة الدروز في هضبة الجولان سيسقطون بين اذرع اسرائيل في اعقاب هذه المأساة ويقفون ضد حزب الله، حليف سوريا، وهل حزب الله سيعمل على تهدئة النفوس ايضا بسبب التداعيات الطائفية للحدث، في لبنان وفي سوريا. هذه الاسئلة لا توجد لها اجابات واضحة، وهي ستصب في التطورات على الارض وفي قرارات اسرائيل وحزب الله، التي ستدل على مستوى اهتمام الطرفين بتحطيم الادوات والسعي الى صراع شامل، الذي ربما سنعرف كيفية بدايته ولكن لا أحد سيعرف كيفية انهائه. ربما بالذات دماء الفتيان الابرياء في مجدل شمس التي سفكت في يوم السبت ستضع اشارة تحذير اخرى امام الجميع، تشير الى أنه حان الوقت لانهاء الحرب في الجنوب وفي الشمال، وأنه قتل في الجبهتين عدد كبير جدا من الاطفال والفتيان.