هآرتس: الشرف الضائع في غزة لن يعاد الا باحتلال غزة الى الابد وجعلها إقليم إسرائيلي
هآرتس 2/10/2024، تسفي برئيل: الشرف الضائع في غزة لن يعاد الا باحتلال غزة الى الابد وجعلها إقليم إسرائيلي
المنحى الذي يعصف بالخيال والكفيل بان ينهي الحرب في لبنان يتوقع قوة متعددة الجنسيات قوية وواسعة تنزل الى شواطيء لبنان فينتشر جنودها على طول الحدود بينه وبين إسرائيل، والى جانب الجيش اللبناني وفي اطار اتفاق مع حكومة لبنان يعد شريط امني، “طوق نار”، يمنع حزب الله من أن يطلق النار نحو بلدات الشمال.
كما يمكن لهذا أن يكون المنحى الذي ينهي الحرب في غزة: مقاتلون من مصر، دولة اتحاد الامارات، المغرب والأردن ينشرون استحكامات على طول محور فيلادلفيا لمرافقة قوافل محملة بالمساعدات الإنسانية لسكان القطاع وفي طابور احتفال ينقل قائد المنطقة الجنوبية الى القادة العرب السيطرة في القطاع. لكن بينما في لبنان يوجد على الأقل أساس استراتيجي لتنفيذ المنحى، في قطاع غزة تقف الأيديولوجيا كالسور المنيع الذي يحميه منه.
تتباهى إسرائيل بانها دمرت معظم القدرات العسكرية لحماس. وقضى الجيش منذ الان بانه يمكنه أن يعود للسيطرة على محور فيلادلفيا والعمل داخل القطاع حتى دون تواجد مكثف فيه، بمعنى انه مستعد منذ الان لان يعلن عن وقف الحرب، بل ان إسرائيل اوضحت حتى بانها ستكون مستعدة للنظر في مرابطة قوات متعددة الجنسيات، بما فيها قوات عربية.
لكن عندها يتفجر “المزعج” الفلسطيني. اتحاد الامارات، التي أعلنت عن استعدادها للمشاركة في القوة متعددة الجنسيات، طرحت شرطا واضحا لارسال جنودها: القوة لن ترسل الا “تلبية لطلب من سلطة فلسطينية اجتازت إصلاحات، او من سلطة يقودها رئيس وزراء فلسطيني ذو صلاحيات”. في هذه الظروف ستكون مصر أيضا مستعدة لان ترسل قوات، بعد أن اشترطت فتح معبر رفح في الجانب المصري في أن تديره السلطة الفلسطينية من جانبه الغزي.
وها هو العبث. إسرائيل مستعدة لمرابطة قوة هامة متعددة الجنسيات في جنوب لبنان وللوصول الى اتفاقات مع حكومة لبنان، رغم وجود ممثلين عن حزب الله فيها، لكن ليس مع السلطة الفلسطينية التي تواصل التنسيق الأمني مع إسرائيل. في لبنان هي مستعدة لان تعول على قوة متعددة الجنسيات وتكتفي بابعاد قوات حزب الله الى ما وراء الليطاني كتعبير عن نجاحها في إزالة التهديد، وكشرط ضروري وكاف لتلبية تعريف “العودة بامان” التي وعد بها سكان الشمال.
اما في غزة بالمقابل فانها “ستبقى قدر ما يلزم من وقت”، دون ان تقرر ما هي المعايير التي تلبي تعريف الامن لسكان الغلاف. إسرائيل لا تطالب حكومة لبنان بان تطرد حزب الله من صفوفها، ولا تتطلع لتدمير بنية السيطرة المدنية له في الدولة. اما في قطاع غزة فهي غير مستعدة لان تسمع عن أن تدير السلطة الفلسطينية البنى التحتية المدنية رغم أن مثل هذه الخطوة كفيلة بان تستكمل سحق حماس كمنظمة سلطوية مدنية وليس فقط عسكرية.
الفرق بين الساحتين هو ان سياسة إسرائيل في غزة تمليها أيديولوجيا، بينما السياسة في لبنان تمليها الاحتياجات العسكرية. لبنان ليس “ذخرا صهيونيا”. هو ميدان معركة تقليدية يمكن للنصر العسكري فيه أن ينتهي بحل سياسي. اما غزة بالمقابل فهي ذاكرة تاريخية مهينة، “متسادا” سقطت مع فك الارتباط، ومذبحة غير مسبوقة وقعت تحت حكم إسرائيلي في 7 أكتوبر.
في غزة لن يمحو أي نصر عسكري المهانة التاريخية. وكل حديث عن تسوية سياسية يعد كاستسلام. الشرف الضائع لن يعاد الا بطريقة واحدة. احتلال غزة الى الابد وجعلها إقليم إسرائيلي. هذا هو “الرد الصهيوني المناسب”. اذا كان في الضفة عن كل مستوطنة يقتل تقام بؤرة استيطانية، ففي غزة مقابل كل المخطوفين الذين ماتوا وسيموتون، سنحظى بتوسيع حدود الوطن. إذ بموت المخطوفين اوصونا بغزة. هذه وصيتهم وهذه هي الحكومة التي عينت لادارة ميراثهم.