هآرتس: الشرطة العسكرية تحقق باستخدام الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين كدروع بشرية في غزة

هآرتس 10/3/2025، ينيف كوفوفيتش: الشرطة العسكرية تحقق باستخدام الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين كدروع بشرية في غزة
الشرطة العسكرية تحقق في ست حالات أجبرت فيها قوات الجيش الإسرائيلي مواطنين غزيين على أن يكونوا دروع بشرية في عمليات عرضت حياتهم للخطر، خلافا للقانون الدولي. النيابة العسكرية أمرت بالتحقيق قبل بضعة أسابيع في اعقاب تقرير للصليب الأحمر من كانون الثاني، الذي تم تكريسه لهذه الظاهرة. في “هآرتس” نشر للمرة الأولى هذا الاجراء، الذي انتشر في اشهر الحرب، فرض مهمات عسكرية على الغزيين غير المشتبه فيهم بالقتال والذين يسمون “شواش” (خدم، عبيد). الآن يتبين أنه حتى بعد نشر التحقيق في شهر آب تراكمت شهادات حول استمرار استخدام المدنيين، وهي تواصلت حتى كانون الثاني، موعد نشر تقرير الصليب الأحمر.
في شهر آب قالوا في الجيش الإسرائيلي ردا على التحقيق بأنه يتم فحص الموضوع. ولكن التحقيق جرى فقط الآن بعد نشر التقرير والضغط من قبل منظمات ودول في الأشهر الأخيرة، من بينها إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن والحكومة البريطانية، التي فحصت هذه الادعاءات. باستثناء الحالات الموثقة في تقرير الصليب الأحمر وشهادات أخرى وصلت الى الشرطة العسكرية فان التحقيق تناول أيضا احداث للجيش الإسرائيلي في ممر نيتساريم التي هي أيضا نشرت في “هآرتس”. من هذه الاحداث يثور الشك بأن قادة كبار في الجيش الإسرائيلي اتبعوا سياسة قتل لا تميز خلافا لقوانين الحرب وميثاق جنيف.
في تقرير الصليب الأحمر الذي نقل الى قائد المنطقة الجنوبية التارك، الجنرال يارون فنكلمان، تم احضار شهادات في التقرير لسكان من غزة طلب منهم استخدامهم كدروع بشرية، أحيانا بالتهديد بأنهم سيتضررون هم وعائلاتهم اذا لم يفعلوا ذلك. بعض الشهادات مدعومة بافلام فيديو وصور حول النشاطات التي طلب من السكان القيام بها. في تسع حالات على الأقل، بين كانون الأول 2023 وكانون الثاني 2025، قرر طاقم التحقيق أن الشهادات موثوقة. في تحقيق “هآرتس” شهد جنود من وحدات مشاة كثيرة بأنهم كانوا شهود على هذه لظاهرة، وفي التقرير قيل إن الوية الناحل، جفعاتي والكوماندو، هي المسؤولة عن معظم الحالات التي فحصت ووجد أنها موثوقة.
في كل الحالات ظهرت صورة مشابهة فيما يتعلق باستخدام المدنيين: الجيش الإسرائيلي قام باعتقالهم لفترة تتراوح بين أيام واسابيع، وتم اجبارهم بالتهديد على المشاركة في العمليات، وتعرضوا للتنكيل الجسدي والنفسي وتم اطلاق سراحهم وعادوا الى غزة. عدد من “الشواش” تم اعتقالهم بعد ذلك ونقلهم الى إسرائيل، آخرون تضرروا في هذه العمليات. حتى الآن من غير المعروف بشكل مؤكد اذا قتل أي أحد منهم. في البداية طلب من المواطنين احراق مبان سكنية، شقق ومخازن. أحيانا تم ارسالهم الى داخل المباني وهي ما تزال مشتعلة والتأكد من أن النار وصلت الى كل المبنى. واذا لم تكن قد انتشرت فان مهمتهم كانت اشعال المكان بالكامل.
استخدام الشواش ازداد مع إطالة الحرب. كلاب كثيرة في وحدة “عوكتس” قتلت، وكلاب أخرى فقدت القدرة العملياتية. جنود في الهندسة الحربية الذين تخصصوا في تفكيك العبوات الناسفة تم نقلهم الى لبنان؛ معدات الهندسة الثقيلة توقفت، وحدث نقص في السائقين المهنيين، كل ذلك استبدله المواطنون الذين اختيروا بصورة عشوائية وفرضت عليهم أيضا مهمة زرع المواد المتفجرة في المباني وفي مراكز حماس التي أراد الجيش تدميرها. أحيانا طلب من “الشواش” التأكد من أنه لا يوجد مخربون أو عبوات ناسفة في انفاق حماس، وفي بعض الحالات، حسب الشهادات، زرعوا مواد متفجرة لتفجير بنى تحتية في غزة، بدون حماية أو معرفة بالعبوات الناسفة.
أيضا تم ارسال المواطنين الى عيادات ومستشفيات ومنشآت إنسانية من اجل الإبلاغ عن مخربين يمكن أن يكونوا فيها. الجيش الإسرائيلي تعود على الباس الشواش الزي الرسمي للطواقم الطبية وادخالهم الى المؤسسات الصحية. “هآرتس” عرفت على الأقل أنه في حالة واحدة اطلقت النار على شاويش من قبل مخربين في مستشفى لأنهم قدروا أنه يتعاون مع الجيش. ولكن، كما قلنا، نحن لا نعرف ما هو مصيره. في حالات أخرى تم ارسال المواطنين لمهمات توثيق وتصوير قبل رسم خارطة للمباني المعدة للهدم. أحيانا هم كانوا المترجمين للجيش الإسرائيلي، ورافقوا القوات التي ترتدي الزي العسكري.
حسب اقوال كل الشواش الذين شهدوا على اعمال الجيش الإسرائيلي فان الجنود هددوهم هم وأبناء عائلاتهم اذا رفضوا التعاون. اثناء تواجدهم في الشقق تم تقييد أيديهم وارجلهم وعصب عيونهم. حسب تقرير الصليب الأحمر فقد تعرض المواطنون للعنف والاهانة، وحتى منع عنهم الغذاء والمياه. المحققون أشاروا الى حالة واحدة تم فيها اطلاق النار على مواطن في ظهره ولكنه لم يقتل، عندما رفض طلب الجنود الدخول الى منشأة تم الشك بأنها مفخخة ويتواجد فيها مسلحون.
ضباط كبار في جهاز الامن عرفوا عن هذه الظاهرة، وأيضا رئيس الأركان وقائد المنطقة الجنوبية والنيابة العسكرية. “في الجيش الإسرائيلي يعرفون أن الامر لا يتعلق بحادثة تحدث لمرة واحدة لقائد فصيل شاب وغبي، قرر على مسؤوليته أخذ أحد ما”، قال في شهر آب جندي أجريت معه مقابلة من اجل تحقيق “هآرتس”. “هذا حدث على الأقل بمعرفة قائد لواء”. الكثير من المقاتلين طلبوا تفسير لهذه الظاهرة. ولكن حسب قولهم القادة منعوا أي نقاش قيمي. “قالوا إن حياتنا هي أهم من حياتهم. في نهاية المطاف يفضل أن يبقى جنودنا على قيد الحياة، وهم الذين تتفجر بهم العبوة”، قال بعضهم.
في الشهادات ظهر في حينه من حذروا في الميدان من استخدام “الشواش”، قادة وجنود، تم اسكاتهم على الاغلب من قبل القيادة العليا وتم اعتبارهم يزعجون عملية القتال والحفاظ على القوات. أحد الجنود وصف في حينه استخدام فلسطينيين تم احضارهما الى الوحدة. “أحدهم كان في العشرينيات والثاني ابن 16″، قال. “قيل لنا استخدموهما كدروع بشرية”. آخر قال “لا تضربوهم كثيرا لأننا نحتاجهم كي يفتحوا لنا المواقع” (النقاط التي يجب على الجنود الوصول اليها، مثلا بيوت). وحسب قوله، عندما توجه أحد الجنود لسؤال القائد عن ذلك اجابه الأخير “هل أنت لا توافق على أن حياة اصدقاءك أهم من حياتهم؟”.
مؤخرا تحدث أحد الجنود في لواء نظامي للصحيفة عن حالة أخرى كان مشارك فيها لاستخدام شاويش في وحدته. الشواش في بعض الوحدات تتم تسميتهم “منصات”، هم مواطنون غزيون غير مشتبهم فيهم بأي شيء ولا يتم التحقيق معهم، ومن غير الواضح لنا كيف يتم اختيارهم. حسب قوله أحيانا يتم استخدامهم في هذا الدور لاسابيع ويتم نقلهم من وحدة الى أخرى. وهم ينامون في بيت الدرج في مبان لوحدات عسكرية، وعلى الاغلب يتم وضع حارس عليهم. هم يأكلون اذا رمى لهم أحد أي شيء. هم أيضا يخدمون القوات في حمل الأغراض الثقيلة. “هم يتعرضون للعنف بشكل دائم، بالتأكيد عندما يكونون جدد ويجب اخضاعهم. ولكن حتى عندما يكونون قدامى يتعرضون للعنف والاهانة، وفي مرات كثيرة كان ذلك يكون من الضباط، قال. “يمر ضابط في بيت الدرج ويضرب بخوذته على رؤوسهم بشكل عفوي. الجندي الذي سمع شيء أو ثارت اعصابه يمكنه ببساطة التقدم منهم وضربهم بحضور القادة في الميدان. تقريبا كل قوة تمتلك “شاويش” لديها.
الصليب الأحمر رفض الرد.
المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي قال: “الجيش الإسرائيلي يعمل وفقا للقانون الدولي وقيم الجيش. التعليمات في الجيش الإسرائيلي تمنع بوضوح استخدام الدروع البشرية أو اجبار اشخاص على المشاركة بطرق أخرى في مهمات عسكرية. الأوامر والتعليمات في هذا الموضوع تم توضيحها بصورة روتينية للجنود في الميدان اثناء الحرب. الادعاء بحدوث سلوك لا يتطابق مع التعليمات يتم فحصه. في عدد من الحالات تم فتح ملفات تحقيق في الشرطة العسكرية بعد أن ثار الشك باستخدام فلسطينيين في مهمات عسكرية اثناء القتال. التحقيق في هذه الحالات يجري، وبطبيعة الحال لا يمكن تفسيرها”.
مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook