هآرتس: الشباك في عهد نتنياهو: عملاء يتجسسون ويوشون الواحد على الاخر

هآرتس 16/4/2025، رفيت هيخت: الشباك في عهد نتنياهو: عملاء يتجسسون ويوشون الواحد على الاخر
المعركة على السيطرة على جهاز الامن في اسرائيل تتفاقم وتقترب من الانفجار. اذا كان الطرفان – حكومة نتنياهو وحراس العتبة – انخرطا في نقاش محموم بشكل خاص في المحكمة العليا في الاسبوع الماضي، فان المعركة على “القضية الجديدة” وصلت الآن الى وسائل الاعلام.
في مركز القضية يوجد رجل من الشباك بمستوى متوسط، الذي سرب معلومات سرية بدون صلاحية أو اذن، لوزير في الحكومة ومراسلين من مؤيدي اليمين. هدف عمله كان احراج رئيس الشباك وأن ينسب له دافع سيء في قرار فتح تحقيق بسبب الاشتباه باختراق الكهانية للشرطة (ليس بالضبط الاشتباه المدحوض بالوزير المسؤول)، وايضا نشر نتائج مختلفة من تحقيقات داخلية للشباك تنسب لبار سياسة احتواء لحكم حماس.
هذه القضية اقل خطورة من قضية ايلي فيلدشتاين ونشر معلومات مسروقة في صحف اجنبية في ذروة الحرب، مع نية التلاعب من اجل التأثير على الرأي العام في قضية المخطوفين. ولكن نشاطات عميل سري، يسرق معلومات من جهاز الامن وينقلها الى جهات اخرى بهدف “الوشاية” بالمسؤولين عنه، تقوض أسس الجهاز وتخلق فيه عدم ثقة، وفي نهاية المطاف يمكن أن تعطي معلومات عن تطور في جهاز الشباك: أنه منظمة فيها من يؤيدون الحكومة يتجسسون على المعارضين ويقومون بالوشاية على بعضهم البعض. قبل مناقشة تفاصيل الحدث الحالي مهم معرفة تاريخ الحرب العاصفة في هذه الساحة الخطيرة جدا، التي تمتص فيها في هذه الاثناء جميع شروط الحرب القبلية. وكل الدلائل تشير الى أنه بعد 7 تشرين الاول عمل نتنياهو وبار بتعاون معقول على الاقل. وكان نتنياهو في ذلك الوقت يعاني من ضائقة شديدة في الليكود، وباستثناء جيوب بيبية عميقة وسخيفة بدرجة معينة، فانهم في اليمين خططوا للتخلص منه في اول فرصة بعد استكمال المهمة العسكرية. وسواء كانت هذه النية نوع من الخداع أو من التأييد السري له، فان مسؤوليته عن المذبحة لم تكن موضع خلاف على الاطلاق.
العدو الصاعد له هو وزير الدفاع السابق يوآف غالنت، الذي اظهر في الاسابيع الاولى للحرب الميل للهجومية اكثر بكثير منه. وكان الجمهور ينظر اليه، بما في ذلك اليمين، بأنه أقل مسؤولية أو تحمل للذنب فيما يتعلق بالمذبحة أو السياسة التي أدت اليها. ولكن مثل رئيس الاركان هرتسي هليفي، الذي ترك المشهد عندما تفاقمت الخيوط حوله، كان رونين بار هدف مؤكد. عندما استعاد نتنياهو الثقة بنفسه من خلال الضم المتجدد لليمين العميق والكهانية (نتيجة رفض تقدمه في صفقة اعادة المخطوفين وانهاء الحرب)، عاد نتنياهو الى نمط آخر من انماطه القديمة، وهو تحديد العدو والتحريض ضده بدون حدود حتى بثمن التوصل الى نتيجة صعبة بشكل خاص.
لماذا الآن بار بالذات؟ باستثناء اهمية اعتباره المسؤول الرئيسي عن احداث 7 اكتوبر، الخطوة الحيوية لنتنياهو الذي يريد الخروج نظيف من مسرح الجريمة، اتبع بار عدة خطوات هجومية استثنائية عرضت نتنياهو للخطر. وحسب مصادر مقربة من رئيس الوزراء فان البئر سممت بعد بضعة اشهر على بداية الحرب عندما ادرك نتنياهو بأن بار سيعلن بشكل صريح في تحقيقات الشباك المتبلورة عن مسؤولية المستوى السياسي في تعزيز قوة حماس والحفاظ عليها والوصول الى النتيجة الكارثية. التحقيق مع موظفي مكتب نتنياهو بسبب تسريب معلومات مسروقة لصحيفة “بيلد”، وبسبب العلاقات مقابل الاموال مع قطر، وضع الطرفين على مسار تصادم قاتل.
بخصوص القضية الحالية فان وزراء في الحكومة يعترفون أن تسريب المعلومات بدون اذن أو صلاحية هو أمر محظور. ولكن حسب قولهم فان المشكلة هي في الانتقائية التي تمتنع عن التحقيق بنفس الحماسة في تسريبات اخرى. “بماذا اضر هذا التسريب أمن الدولة اكثر من التسريب بشأن منع نية يوآف غالنت في 11 تشرين الاول من مهاجمة حزب الله في الشمال؟”، سأل مصدر رفيع في الحكومة. حجج “ماذا بشأن” كما ثبت في ارجاء العالم هي المحفز الاكثر نجاعة لهجوم اليمين. هذه الافكار لا تكتفي بتوضيح المشاعر الاساسية لقاعدة اليمين الشعبوي والمشاعر الدونية في مواجهة النخبة، سواء كانت حقيقية أو متخيلة، بل هي تحلل أي أي جريمة، وتنسب جريمة اخرى فيها امتيازات للطرف الآخر. النتيجة هي أنه الآن المستشارة القانونية للحكومة ورونين بار هما شخصان يقفان امام حملة تحريض شديدة وخبيثة اكثر من التي جرت ضد اسحق رابين قبل قتله. وفي الوقت الذي فيه دورهما الرئيسي هو أن يكونا بمثابة سلم التعافي بالنسبة لنتنياهو في اوساط اليمين الشعبوي، المدمن على اسطورة الدولة العميقة ونظرية الاضطهاد.
حسب تقديرات جميع المصادر فان ايام بار كرئيس للشباك معدودة. الخوف هو من أن حملة تشويهه الاخيرة استهدفت تمكين نتنياهو من “القيام بتعيين محطم للادوات”، أي جلب شخص من الخارج، يفرض على الجهاز الولاء الشخصي للحاكم. عملية مشابهة يتم فحصها بخصوص منصب رئيس الاركان. وفي نهاية المطاف تراجع نتنياهو وفضل تعيين المرشح المتفق عليه، ايال زمير. الحقيقة المحزنة التي لم يكن من الصعب الاتفاق عليها، رغم الخلافات بين المعسكرات، هي أن كل من تولى منصب رفيع في 7 اكتوبر كان يجب عليه ترك منصبه، وأن يتم التحقيق معه من قبل لجنة تحقيق رسمية. من المثير للاحباط أن الاتفاق الاساسي والمنطقي هذا لا ينجح في التأثير على الواقع، الذي اصبح أكثر فوضوية.