هآرتس: السيطرة في قطاع غزة ملحة، والسعودية كفيلة بأن تكون رافعة الضغط على ترامب

هآرتس 10/4/2025، تسفي برئيل: السيطرة في قطاع غزة ملحة، والسعودية كفيلة بأن تكون رافعة الضغط على ترامب
اللقاء بين الرئيس ترامب ورئيس الحكومة نتنياهو في يوم الاثنين الماضي جرى بعد مكالمة هاتفية ثلاثية اجراها معه الرئيس الفرنسي عمانويل ميكرون، الذي قام بزيارة خاصة في مصر، ومستضيفه عبد الفتاح السيسي والملك عبد الله، ملك الاردن.
في البيانات الرسمية التي صدرت عن مصر وفرنسا جاء فقط بأن المحادثات تركزت حول الوضع في غزة والحاجة الى ادخال المساعدات الانسانية بشكل مستعجل ورفض خطة التهجير من غزة. ولكن بعد بضع ساعات، في محادثة مع المراسلين، قال ترامب إن “الحرب ستنتهي في وقت ما، وهذا لن يكون في المستقبل البعيد”. ربما ترامب سمع من محدثيه تفاصيل اخرى، جعلته يقول بأنه ستكون لاستراتيجية نتنياهو – التي تقول بأن الحرب ستستمر طالما كانت حاجة لذلك – نهاية، ليس نتنياهو من سيحددها. غداة المحادثة جاء ميكرون والسيسي في زيارة مغطاة اعلاميا الى مدينة العريش قرب معبر رفح. ايضا هناك كررا التصريحات المعروفة المعارضة للتهجير. في نفس الوقت نشر بأن قوات كبيرة من الشرطة وحرس الحدود المصرية تستعد على طول الحدود مع قطاع غزة في اشارة الى الاستعداد العالي لمصر ضد سيناريو يحاول فيه مئات آلاف الغزيين اجتياز الجدار. في السابق نشرت هناك قوات مصرية. خوف مصر والاردن لم يتلاشى. ويمكن التقدير بأن تقارير “هآرتس” حول نية تحويل رفح الى جزء من المنطقة الفاصلة زادت الشعور بحالة الطواريء، الشعور الذي يجعل مصر تدفع قدما بسرعة نحو خطة بديلة، سواء لتحرير المخطوفين أو السيطرة في غزة.
في اطار هذه الجهود جاءت الى مصر في يوم السبت الماضي بعثة لكبار قادة م.ت، برئاسة جبريل الرجوب، امين عام اللجنة المركزية في فتح، ومحمد اشتية، العضو في اللجنة المركزية في فتح ورئيس الحكومة الفلسطينية السابق، وروحي فتوح، رئيس المجلس الوطني الفلسطيني والشخص الذي يمكن أن يكون القائم باعمال محمود عباس اذا لم يعد قادر على اشغال منصبه. حسب التقارير في وسائل الاعلام العربية فقد ناقشوا مع وزير الخارجية المصرية بدر عبد العاطي الدفع قدما بخطة تمكن السلطة الفلسطينية من تحمل المسؤولية عن ادارة القطاع.
يبدو أن هناك جولة محادثات اخرى، عديمة الفائدة ونهايتها معروفة. ولكن خلافا للجلسات السابقة التي طرحت فيها المعروف باسم “خطة مصر لادارة القطاع”، الوثيقة التي تتكون من 90 صفحة وفيها يتم تفصيل بنية اللجنة وصلاحياتها وميزانيتها، التي يجب أن تستند الى صندوق بمبلغ 53 مليار دولار، وتشكيل قوة شرطة وحماية فلسطينية، هذه المرة يبدو أن النقاش استهدف عملية جديدة واكثر شمولية تتعلق بالبنية المستقبلية للسلطة الفلسطينية بشكل عام، وليس فقط في القطاع.
موقع “سكاي نيوز” باللغة العربية نشر أن مبادرة خطة العمل كانت للطرف الفلسطيني، الذي جلب خطة مفصلة تستند الى التعاون بين فتح وم.ت.ف وبين حماس. حسب الخطة “حماس ستتعهد بتبني جميع قرارات الامم المتحدة كمصدر صلاحية لحل النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين، والمقاومة الشعبية الشاملة ستكون الخيار الاستراتيجي”. المقاومة، كما تمت الاشارة، ستكون بطرق سلمية وليس بواسطة “سفك الدماء”. حماس يجب عليها ايضا تبني كل قرارات م.ت.ف على الصعيد الوطني والدولي، أي تبني ايضا مباديء اتفاق اوسلو و”وحدة السلطة والسلاح”، التي تفسيرها نزع سلاح المنظمة ووحدة مؤسسات السلطة “من رفح وحتى جنين”. ايضا سيتعين على حماس الاعلان عن انهاء سيطرتها العسكرية والمدنية في قطاع غزة، والبدء في خطوات عملية لدمج الضفة والقطاع في وحدة واحدة بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية ومصر. عند انتهاء النقاش توجه الرجوب الى مصر ودعا الى ترتيب لقاء بين فتح وحماس من اجل “توحيد الصف الفلسطيني والتوصل الى وحدة وطنية بواسطة الانتخابات وليس السلاح”.
هذه ليست المرة الاولى التي تعرض فيها جهات رفيعة فكرة “توحيد الصفوف”. فمصر حاولت لسنوات اجراء المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، ولكن بدون نجاح. ولكن استئناف الحرب في غزة وخطة التهجير لترامب، التي تمر في هذه الاثناء بعملية تجميد، وتوسيع الاحتلال الاسرائيلي في القطاع، والخوف من اقتحام الحدود بين غزة ومصر، ووقف المساعدات الانسانية كليا، الذي نتائجه القاسية اصبحت تظهر على الارض، كل ذلك يعيد بسرعة قضية السيطرة في القطاع الى رأس سلم الاولويات المصري والعربي. الهدف هو اقناع الادارة الامريكية بأنه لا يوجد أي مخرج آخر عدا عن حكم فلسطيني متفق عليه في القطاع. بكلمات اخرى، ايجاد رافعة ثقيلة يمكنها التأثير على ترامب بعد رفضه لخطة العمل المصرية التي حصلت على التأييد وادعم العربي وابقاها كورقة عمل من اجل الحفظ.
شخصية فلسطينية رفيعة مطلعة على مضمون النقاشات في مصر قالت للصحيفة إن “اشارة ترامب بشأن انهاء غير بعيد للحرب تفسر في مصر كاستعداد لفحص قنوات اخرى للحل. الاكثر اهمية من ذلك هو أنه للمرة الاولى ترامب يوضح لاسرائيل بأنه لا يمكنها البقاء في القطاع للوقت الذي تريده، وأنه سيكون للحرب موعد نهاية حتى لو أنه لم يذكره. من يمكنه التأثير على ترامب، أكثر من اسرائيل ومصر، هي السعودية التي اصبحت رأس الحربة في جهود التوصل الى انهاء الحرب”.
هذه الاقوال قيلت بعد هبوط وزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان أول امس في واشنطن من اجل الاعداد لزيارة ترامب في السعودية، المخطط لها في شهر أيار. في الظروف العادية كانت زيارة بن فرحان ستظهر غريبة قليلا. السائد هو أن زيارة الرئيس يعدها مندوب من قبله، الذي يأتي الى السعودية وليس العكس. ايضا حتى الآن لم يتم تحديد موعد لزيارة ترامب. ولكن هذه ليست ظروف عادية. في يوم السبت يتوقع عقد في سلطنة عُمان “اللقاء الكبير” لممثلي الولايات المتحدة وايران. حتى الآن تحلق فوق ذلك علامات استفهام حول وجود حوار مباشر بين الطرفين.
في الحقيقة السعودية ليست وسيطة مباشرة، لكنها “مؤيدة للوساطة الناجعة والحيوية، التي ساهمت بدورها في تحقيق اللقاء، وهي سترغب في التأكد من أن مصالحها لن تتضرر من العملية مع ايران. اضافة الى ذلك يبدو أن ترامب سيرغب في تنظيم اثناء زيارته في السعودية مؤتمر قمة دولية كما فعل في ولايته الاولى. حسب تقارير عربية ربما يلتقي ايضا مع الرئيس السوري احمد الشرع.
يمكن التقدير بأن ترامب سيرغب في القدوم الى قمة عربية يشارك فيها كثيرون، في الوقت الذي ستكون لديه خارطة طريق محددة لانهاء الحرب في غزة. هو لا يمكنه أن يذكر حتى لو من بعيد، مفهوم الهجرة القسرية أو الطوعية. هذه الخطة ربما لن تلبي شرط السعودية الاساسي من اجل التطبيع مع اسرائيل، لكن على الاقل هو يستطيع تمكين ابن سلمان من التوقيع على عدة اتفاقات سخية مع ترامب دون التعرض للانتقاد بسبب استثمار مئات مليارات الدولارات في دولة تسمح لاسرائيل بتدمير غزة. التقدير هو أنه اذا توصل ترامب الى استنتاج أن “طريق اسرائيل” ليس فقط لا تحقق نتائج، بل ايضا تعرض للخطر مصالح اخرى له في المنطقة، فانه ستتحرك معادلة الضغط نحو اتجاه جديد. هذه الآن هي مهمة السعودية.