هآرتس: السلطات تجاهلت شكاوى عائلة فلسطينية، والمستوطنون أحرقوا بيتها

هآرتس – هاجر شيزاف – 18/2/2025 السلطات تجاهلت شكاوى عائلة فلسطينية، والمستوطنون أحرقوا بيتها
الزوجان احمد وانوار طروة، فعلا كل ما في استطاعتهما. فقد قاما بالاتصال بالشرطة، وقدما شكاوى وتوجها للجيش والادارة المدنية لاشهر. منذ بداية الحرب حذرا مرة تلو الاخرى من المستوطنين الذين اقاموا بؤرة استيطانية قريبة منهما، وأنهم ينكلون بهم ويضربون اولادهم ويهاجمون قطيع العائلة ويأتون الى بيتهم في اوقات غير مناسبة. ولكن كل ذلك لم يساعد. في نهاية الاسبوع الزوجان احمد وانوار وخمس عائلات اخرى تم طردهم من بيوتهم من قبل مستوطنين مسلحين الذين بعضهم كان يرتدي الزي العسكري.
الزوجان هربا من البيت في منتصف الليل بعد أن قام المسلحون باقتحام بيتهم. وقد تمكنوا من أخذ بعض الاغراض، وعندما عادوا في الصباح اكتشفوا أن ما بقي من بيتهم تم تفكيكه وسلبه. بعد بضع ساعات مرة اخرى جاء المستوطنون الى هناك واحرقوا ما بقي من البيت وبيوت العائلات الاخرى التي هربت. ابناء العائلة شاهدوا من بعيد الدخان وهو يتصاعد من البيت المحروق ومنذ ذلك الحين لم يتجرأوا على الاقتراب منه.
في نهاية الاسبوع كان يعيش الزوجان مع اولادهم الخمسة، في اعمار 3 – 14 سنة، في البيت الذي يوجد على طرف الصحراء الى الشرق من بيت لحم ومكب النفايات “المينيا”، الذي اقامته اسرائيل قبل بضع سنوات. حتى اندلاع الحرب كان مكب النفايات الذي تتناثر النفايات منه في كل اتجاه هو المشكلة الاساسية. بيت الزوجان يوجد على حدود “المحمية المتفق عليها”، المنطقة التي يقوم فيها المستوطنون في السنوات الاخيرة بحملة تدمير البناء الفلسطيني في حدودها. ايضا في السنة الاخيرة بدأوا في اقامة بؤر استيطانية في المنطقة، بعضها في المباني التي طردت منها تجمعات للرعاة الذين كانوا يعيشون في المحمية.
في بداية الحرب اقيمت قرب المكان الذي يعيشون فيه بؤرة باسم مكنيه ابراهام، على ارض توجد في مناطق ب، المحظور فيها البناء الاسرائيلي. بسبب المنع القانوني وبسبب عنف سكانها فقد تم اخلاء هذه البؤرة عدة مرات. ولكن مثلما تم اخلاءها فانه في نفس اليوم وبدون أن يمنع الجيش أو الشرطة ذلك، تمت اقامتها من جديد. المستوطنون من ناحيتهم يتفاخرون في مجموعات الواتس اب بمحاولات طرد العائلة، واستمروا بجمع التبرعات للبؤرة الاستيطانية بواسطة مواقع تجنيد عامة وبمساعدة جمعية باسم “عود آريه يسآغ”.
خلال السنة الاخيرة اعتاد المستوطنون على المجيء الى بيت الزوجين ورشقه بالحجارة، وضربهم بالعصي. وفي كانون الاول قاموا باحراق مبنى قريب من بيت العائلة. في اعقاب التنكيل والخوف على عائلته فقد توقف احمد عن العمل كي لا يبتعد عن العائلة. والعائلة بدأت ترتزق من بيع الاغنام فقط. الطروة قال إنه قدم اربعة شكاوى في الشرطة في الاشهر الاخيرة، وأن واحدة منها على الاقل تم اغلاقها بذريعة أن الفاعل مجهول. ورغم أنه شهد بأنه يمكن تشخيص الفاعلين وأن لديه توثيق لهم.
تقديم الشكاوى في الشرطة في الاشهر الاخيرة لم يكن أمر سهل بحد ذاته. وحسب اقواله هو ذهب الى مركز الشرطة في بيتار عيليت خمس مرات وانتظر لساعات فقط من اجل أن يقولوا له بأنه لا يوجد مترجم. “مرة انتظرت حتى الحادية عشرة ليلا. وفي مرات اخرى انتظرت ساعتين – ثلاث ساعات، وفي النهاية قالوا لي بأنه لا يوجد مترجم وأنه يجب علي أن أعود في الغد”، قال. ليس فقط اضاعة لوقت احمد الصعب، بل ايضا تكلفة السفر، 150 شيكل في السيارة ذهابا وايابا، وهو المبلغ غير الموجود لديه لأنه لا يعمل منذ بداية الحرب.
الشعرة التي قصمت ظهر البعير وجعلت العائلة تهرب من بيتها كانت يوم الجمعة الماضي. “في السابعة صباحا جاء 30 مستوطن تقريبا ووقفوا على بعد 150 متر. أنا قمت بالاتصال مع الشرطة، التي جاءت وقالت بأنهم بعيدون عنا. بعد ذلك رجال الشرطة ذهبوا”، قال احمد. الشرطة غادرت ولكن المستوطنين بقوا وواصلوا الطريق نحو بيت عائلة الشلالدة الموجودة على بعد مئات الامتار عنهم. المستوطنون اطلقوا الكلاب على السكان وهاجموهم بالعصي، ورشوا غاز الفلفل على أعين امرأة حامل. “أي شيء كان امامهم اعتدوا عليه.”لو أننا كعرب قمنا بالرد لاصبحنا اموات”، قالت انوار متذمرة. “قمنا بالاتصال مع الجيش والادارة المدنية. وفقط بعد أن ينتهي المستوطنون من افعالهم كانوا يأتون”. في الجيش قالوا في حينه بأنه جاءت الى هناك قوة وتم تفريق الحدث. ولكن لم يتم اعتقال أي أحد. “في الادارة المدنية قالوا بأنهم سيحضرون الى هنا جيش لحمايتنا”، قال احمد. ولكن الجنود لم يأتوا. عندما غابت الشمس والمستوطنون لم يعودوا اعتقد ابناء العائلة بأن اعمال الشغب انتهت في ذلك اليوم.
في الساعة الثانية بعد منتصف الليل عاد المستوطنون. حسب اقوال الزوجان طروة هؤلاء كانوا شباب آخرين اعتادوا على القدوم لمهاجمتهم. حسب تقرير الزوجين كان عددهم تقريبا 50، أكبر من العدد المعتاد، معظمهم كانوا مسلحين، واربعة منهم كانوا يرتدون الزي العسكري. “في البداية رشقوا الحجارة على نافذة غرفة نوم الاطفال. بعد ذلك رشقوا النافذة الموجودة فوق سرير ابني البكر. أنا أخذت الاولاد واختبأنا في زاوية في البيت”، قالت انوار. الزوجان قالا بأنهم جلسوا في حالة ذعر وشاهدوا المستوطنين وهم يخربون البيت. “لقد هددوا بقتلنا بالسكين والعصي واجبرونا على الخروج من البيت”، قال احمد. الابنة التي عمرها خمس سنوات عادت بعد الشتائم البذيئة التي وجههوها اليها ومثلت حركة الاصبع الثالثة حسب ما فعلوا.
وقد جاء من الشرطة الرد: “الحديث يدور عن احداث معروفة للشرطة. نحن نؤكد على أننا نتعامل مع اعمال العنف بعدم تسامح. كل الاحداث يتم علاجها والتحقيق فيها. وقد تم تسلم شكاوى واعتقل خمسة مشبوهين في نهاية الاسبوع الماضي، وتم التحقيق معهم. الملفات ما زالت قيد التحقيق. مركز الشرطة في بيتار عيليت مفتوح امام الجمهور 24 ساعة. الفلسطينيون الذين يريدون تقديم شكاوى في المركز يفعلون ذلك كل يوم”.
المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي قال ردا على ذلك: “الجيش الاسرائيلي والادارة المدنية يعملون وفقا للقانون ولتوجيهات المستوى السياسي ازاء البناء غير القانوني. في الحالة مدار الحديث تم اصدار أمر منطقة عسكرية مغلقة في منطقة البؤرة الاستيطانية، وقد تم اخلاءها بعد عمليات بناء متكررة. يجب التأكيد بأنه في كل شكوى في قيادة التنسيق والارتباط العسكري عن اعمال عنف في المنطقة ارسل الجيش الاسرائيلي القوات على الفور. أي اقوال اخرى هي كاذبة ولا اساس لها. عند الحصول على تقارير حول اعمال عنف في “المينيا” قوات كثيرة ذهبت الى القرية”.
ردا على سؤال “هآرتس” حول احتمالية أن من يرتدون الزي العسكري، الذين قاموا بالتنكيل بالعائلة، هم جنود رد المتحدث بلسان الجيش أن الادعاء الذي يقول بأن جنود الجيش شاركوا في حادثة التهديد وطرد أو تخريب ممتلكات سكان القرية، غير معروف لنا، وبالتأكيد لم تكن هناك نشاطات عسكرية مصادق عليها من اجل ذلك”.