ترجمات عبرية

هآرتس: السلام فقط هو الذي سينهي منظمات مثل حماس

هآرتس 30/4/2025، عوفر برونشتاين: السلام فقط هو الذي سينهي منظمات مثل حماس

بصفتي ابن لعائلة الرواية الصهيونية منقوشة على كل حلقة في سلسلة اجيالها، فان يوم الاستقلال دائما كان بالنسبة اكثر من عيد وطني. فهو كان تذكير بانتصار الروح الانسانية. والدي بقي على قيد الحياة بعد الاعتقال في معسكر تجميع في تونس، وكان جزء من مجموعة المهاجرين بالسر في سفينة “اكسودوس”، التي حاربت من اجل الدخول الى ارض الوطن. بعد ذلك حارب في صفوف البلماخ برئاسة اسحق رابين، وفي النهاية كان من بين الذين استوطنوا في بئر السبع. والدي آمن بأن القوة هي الضمانة الوحيدة لوجودنا بأمان في الشرق الاوسط، وعلمني أن الاستقلال يحتاج بالاساس الى القوة والقدرة على الدفاع.

بطريقة لا تتفق تماما مع رؤية والدي، كبرت وأنا اؤمن بالطرق السلمية. ربما قصصه عن الرعب والمعاناة التي تتسبب بها الحروب هي التي غرست في الايمان الكبير بأنه يجب السعي الى السلام، حتى عندما يظهر بأنه بعيد. وهذا الاعتقاد ايضا الذي دفعني الى أن اصبح مبعوث رابين الى تونس، والقيام بتنظيم الرحلة والالتقاء مع ياسر عرفات لصالح رئيس الوزراء في حينه بنيامين (فؤاد) بن اليعيزر. 

لحظة تأسيسية في حياتي كانت في 13 ايلول 1993، على الفور بعد احتفال التوقيع على اتفاق اوسلو في البيت الابيض، عندما وجدت نفسي اترك الاحتفال واتوجه الى متحف الكارثة في واشنطن. هناك، بين الشهادات على الخراب والنهضة، فهمت أمر مهم ساعدني في حل التناقض بين الماضي الذي تربيت عليه وبين الواقع الذي اطمح الى خلقه. هناك تعزز فهمي بأن طريق السلام لا تتناقض مع حلم الصهيونية، بل الامر يتعلق باكماله. هناك فهمت أن استقلال اسرائيل ليس فقط اقامة الدولة وترسيخ قوتها، بل هو رحلة طويلة من اجل استكمال حلم معقد. جيل والدي حارب ببطولة على اقامة الوطن القومي والدولة لضمان بقائه في محيط معادي، وجيلنا يتوقع أن يواجه تحد لا يقل تعقيدا عن ذلك: ضمان أن يستطيع هذا البيت البقاء لاجيال في محيط يعترف بحقه في الوجود.

أنا غير ساذج. المقارنة بين الامن وتطلعات السلام هي بالتأكيد معقدة ومتحدية. والدي، مثل كثيرين من ابناء جيله وجيلنا، كان متشكك فيما يتعلق بنوايا الجيران. تخوفه كان يرتكز الى تجربة حياته. أنا احترم رؤيته، لكن مع مرور الوقت ومن خلال النظر الى الواقع المتغير فقد توصلت الى استنتاج بأنه يجب علينا التطلع الى اكثر من العيش على حد السيف. جيل المؤسسين ادرك أن حلم السلام يجب أن يكون مدعوم بالقوة. ولكن مسألة المقارنة بين الامرين هي مسألة يجب على كل جيل أن يحلها. بحكم منصبي أنا اطلع واشارت في محادثات ومبادرات تعمل على رسم واقع جديد وأكثر أمنا في المنطقة. الفكرة الهامة التي تثور لدي هي أن استقلال اسرائيل لن يكون في أي يوم كامل بدون الاستقرار الاقليمي على المدى البعيد. 

ان أي مراقبة صادقة للواقع تظهر أنه بدون افق سياسي، يسمح للدولة بالعيش داخل حدود معترف بها وآمنة، ويسمح للفلسطينيين بتحقيق تطلعاتهم الوطنية في اطار يحترم احتياجاتنا الامني، فانه سيحكم علينا بدائرة لا نهائية من الصراعات المتكررة. 

الواقع الحالي هو وبحق واقع يتكون من التحديات والفرص. السنوات الاخيرة وضعت عقبات كثيرة، التي احيانا تبدو غير قابلة للاجتياز في الطريق الى حل الدولتين. مع ذلك، يمكن ملاحظة اشارات مشجعة. اتفاقات ابراهيم اثبتت أن التطبيع الاقليمي هو أمر ممكن. فدول مثل السعودية تلمح الى الاستعداد للاعتراف باسرائيل في اطار الاتفاق الشامل. مبادرة مشتركة للرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي سيتم طرحها في الفترة القريبة القادمة، التي تريد خلق اطار جديد سيعطي الرد، سواء بالنسبة للاحتياجات الامنية لاسرائيل أو الطموحات الوطنية للفلسطينيين. وهي ترتكز الى الاعتراف المتبادل، اعتراف الدول العربية والعالم الاسلامي باسرائيل، الى جانب اعتراف اسرائيل بحق الفلسطينيين في حرية العيش في دولة خاصة بهم. نحن نعمل بكل القوة من اجل توسيع دائرة الدعم، من ماليزيا واندونيسا في الشرق وحتى تونس وليبيا في شمال افريقيا، ومن العراق وسوريا وحتى لبنان وموريتانيا. أنا على قناعة بأن السلام سيمكن من الازدهار الحقيقي وتغيير سلم الاولويات، الامر الذي سيؤثر على كل المنطقة، وأن السلام فقط هو الذي سينهي التنظيمات المتطرفة مثل حماس وامثالها.

بصفتي اسرائيلي وابن ناجي من الكارثة ومحارب من اجل الاستقلال، الذي يعتبر نشاطه الحالي استمرارية مباشرة لارث الاجداد، أنا اسمح لنفسي بتخيل يوم استقلال مستقبلي، فيه الجيل القادم سيحتفل ليس فقط باقامة دولة اسرائيل، بل ايضا بالسلام والامن اللذين تحظى بهما. يوم سترمز فيه كلمة استقلال ليس فقط الى الحرية السياسية، بل ايضا الى التحرر من الخوف الدائم من الحرب القادمة. 

والدي نقل لي حماسه للدفاع عن اسرائيل ومسؤولية الاهتمام بمستقبلها. ورغم أن طريقة تفكيرنا مختلفة إلا أن الالتزام العميق بالدولة اليهودية القوية دائما سيكون قاسم مشترك بيننا. في يوم الاستقلال الحالي أنا أقدر انجازات دولتنا الكبيرة، وعلى قناعة بأن الاستقلال الحقيقي سيتمثل بقدرتها على أن تكون قوية وفي نفس الوقت تسعى الى السلام. الدولة اليهودية الديمقراطية التي هي مصدر تفاخر لكل مواطنيها ولكل الشعب اليهودي في العالم، دولة تدمج بين الامن القوي والسعي الى الاستقرار الاقليمي.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى