ترجمات عبرية

هآرتس: الرد على الآثم ابن الآثم من ميامي .. عريضة دعم لمبادرة ماكرون

هآرتس – ديمتري شومسكي – 22/4/2025 الرد على الآثم ابن الآثم من ميامي – عريضة دعم لمبادرة ماكرون

عهد ما بعد الحقيقة الذي نعيش فيه الآن، هو أيضا بالأساس عهد ما بعد الأساسي. عهد فيه التافه يحكم المشهد، في حين أن الأساسي يتم ابعاده الى الزاوية. هكذا، في الوقت الذي فيه الجميع ينشغلون بالتغريدتين المخجلتين ليئير نتنياهو (“اذهب الى الجحيم”) وتغريدة بنيامين نتنياهو (“ابني يئير صهيوني حقيقي”)، ضد الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون. الجزء الهام في المواجهة بين إسرائيل وفرنسا – موقف ماكرون السياسي من القضية الفلسطينية – لا يحصل تقريبا على أي تطرق في الخطاب العام. 

مع كل الحذر المطلوب يمكن القول إن الامر يتعلق ببشرى سياسية منعشة وتبعث على الأمل. ربما، كما كتب لي دبلوماسي إسرائيلي متقاعد، نحن حتى نقف امام انعطافة حقيقية في سياسة أوروبا تجاه مسألة إسرائيل – فلسطين. هو لم يشرح الى ماذا يستند في شعوره هذا، لكن تصريحات ماكرون اثارت بي نفس الشعور.

فكرة حل الدولتين طرحت حتى الآن في فترة حكم نتنياهو على الأكثر كتوصية دافئة على الاكثر، من خلال اظهار عدم الرغبة في مواجهة سياسية مع إسرائيل. مثال بارز على ذلك هو مؤتمر السلام الدولي الذي عقد قبل ثماني سنوات في باريس بمبادرة ورعاية الرئيس الفرنسي في حينه فرانسوا هولاند، بهدف، كما قال، “التحذير من تهديد مستقبل حل الدولتين”. وقد تم التأكيد في هذا المؤتمر على أن فرنسا لا تفكر بفرض شروط على الطرفين، وأن المفاوضات المباشرة فقط هي التي ستؤدي الى الدفع قدما بحل الدولتين.

خلافا لهولاند يبدو أن ماكرون اكثر رزانة. فهو لا يخدع نفسه بأن حكومة نتنياهو ستوافق بارادتها على اجراء محادثات سلام مع تقديم تنازلات جغرافية، حتى مع اكثر الفلسطينيين اعتدالا. لذلك فانه من جهة يعمل على الدفع قدما بالتطبيع بين إسرائيل والسعودية مقابل انهاء الحرب وانسحاب إسرائيل بشكل كامل من القطاع، بدون تطرق صريح من قبل اسرائيل لحل الدولتين. لكن من جهة أخرى، لنفس السبب، اعترافه بالرفض المتشدد لإسرائيل لاقامة دولة فلسطينية في أي اطار الى جانبها، فتصريح ماكرون بأنه ينوي الدفع قدما باعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية، الامر الذي ربما سيستدعي اعتراف دولي واسع. الإعلان الذي لم يتراجع عنه أيضا بعد أن تحدث والد “الصهيوني الحقيقي” من ميامي معه هاتفيا، وأكد رفضه لاستقلال الشعب الفلسطيني.

ماكرون لا يعتبر حل الدولتين هدفا ضبابيا في المستقبل البعيد، الذي تحقيقه مرهون برغبة إسرائيل، بل هو شعار لمعركة سياسية. معركة يمكن أن تتضح كمعركة ناجعة، بالتحديد بعد تحقيق التطبيع مع السعودية، وبمثابة شرك سياسي مغري، الذي ستستخدم فيه على إسرائيل ضغوط للموافقة على التوجه الى مسار تقسيم البلاد، ضغوط أوروبية وضغوط الدول العربية المعتدلة وعلى رأسها السعودية، واخيرا في مثل هذه المجموعة ربما حتى من دونالد ترامب، عندما لاحظ وجود فرصة من داخل دوافعه النرجسية، للوقوف على رأس عملية سياسية شاملة وواعدة نحو السلام في الشرق الأوسط.

جهات في وزارة الخارجية الإسرائيلية في الواقع تتشكك بالنسبة للخطة السياسية لفرنسا، لكن يجدر عدم التقليل من أهمية خطوات ماكرون، خاصة مع الانتباه الى مصدر تصميمه السياسي: عندما اخلت الولايات المتحدة في عهد ترامب مكانها كمدافعة عن قيم الحرية للحضارة الغربية، يبدو أن فرنسا في عهد ماكرون تطمح الى ملء هذا الفراغ. هكذا في الوقوف الواضح لماكرون الى جانب أوكرانيا امام المحتل الروسي، وهكذا يتضح أيضا فيما يتعلق بدعمه القاطع لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.

نقطة أخرى مهمة، التي تعلمنا أنه يجب عدم الاستخفاف بالجهود السياسية لماكرون، تتعلق بحقيقة أنه رغم عدم الاتفاق المبدئي الصريح مع ترامب إلا أن شبكة علاقاته مع الرئيس غير المستقر هي مستقرة وإيجابية. يبدو أن ترامب يحترمه ويتعاطف معه، ويبدو أنه يرى فيه قناة سياسية حيوية في الساحة الغرب أوروبية في وقت مواجهته الصاخبة مع أوروبا.

ماكرون يثبت نفسه اذا كسياسي يحسب خطواته ورجل دولة ذكي. ومن غير المستبعد أنه عندما يحين الوقت سيعرف كيف يجند الى جانبه، بصورة مفاجئة، حتى الإدارة الامريكية الحالية من اجل الدفع قدما بحلمه حول المستقبل الاسرائيل – الفلسطيني. 

الإسرائيليون الذين يؤيدون حل الدولتين يمكنهم الاسهام في أن خطاب الدولتين المصمم لماكرون لا يبدو مقطوع تماما عن الرأي العام في إسرائيل. يجب تنظيم، بدون تأخير، حملة توقيع مغطاة إعلاميا لمواطني إسرائيل على عريضة دعم لحلم ماكرون السياسي، مثلما عرضه في تغريدته التي كانت هدف لشتيمة “الآثم ابن الآثم من ميامي”. يجب بناء حملة حسب نموذج الحملة المدنية الناجحة التي اغرقت البلاد مؤخرا عندما قامت 40 مجموعة – رجال امن، رجال اكاديميا، أطباء، معلمون، آباء طلاب في المدارس والجامعات وأمهات وغيرهم – بالانضمام الى المطالبة بتحرير المخطوفين حتى بثمن انهاء الحرب.

نص العريضة (بعنوان محتمل “نعم لمبادرة ماكرون”) يجب صياغته بالعبرية بما يشبه تغريدة ماكرون، التي لا يوجد اكثر شدة ووضوح منها، “نعم للسلام، نعم لامن إسرائيل، نعم لدولة فلسطينية بدون حماس”. نداء كهذا سيعطي شرعية جديدة للتحركات المباركة للرئيس الفرنسي، و يمكن أن يدفع الرياح الإسرائيلية في اشرعة سفينة السلام.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى